يراهن الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي، في حملته الانتخابية المقبلة، على استراتيجية سبق له أن اعتمدها، حيث ينتظر أن يركز في حملته على الإسلام والهوية، وذلك بعد أن حققت له هذه الاستراتيجية النجاح في عام 2007، ولكنها أعطت نتائج سلبية في 2012.
وقد كرر ساركوزي في كتابه الذي أصدره أخيراً بعنوان «كل شيء من أجل فرنسا»، والذي يقع في 232 صفحة، فصلاً كاملاً حول الإسلام.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» أخيراً، أن ساركوزي يعتزم التركيز في حملته على سياسات الهوية وبلورتها، بما يخدم تجميع أكبر قدر من الأصوات لدى خوضه الانتخابات.
رؤية اقتصادية
ومن ناحية أخرى، يبرز ساركوزي في كتابه، رؤية اقتصادية قوامها المزج بين التخفيضات الضرورية على المنازل وبعض الشركات، وبين الإصلاحات الليبرالية، ولكنه يركز على الإسلام، ومكانته في دولة علمانية والقضايا المتعلقة بهذا، وفي مقدمها الهجرة والأمن والسلطة.
وجاء في التقرير، أن هذه القضايا التي يركز عليها ساركوزي، ليست وليدة اليوم، وإنما تعود إلى شغله منصب وزير الداخلية من عام 2002 إلى عام 2007، ولكن مع تضخيمها. ففي عام 2003 مثلاً، قام ساركوزي بإنشاء مجلس إسلامي فرنسي، في محاولة لإضفاء الطابع المؤسسي على ثاني أكبر ديانة في فرنسا. وأشار ساركوزي إلى أن المجلس سيتعين توسيعه وزيادة صلاحيته مستقبلاً.
وبعد أن فاز ساركوزي بالرئاسة في 2007، حقق واحداً من أبرز وعوده الانتخابية، وهو إنشاء وزارة للهوية الوطنية، للتعامل مع قضية الاندماج الشائكة. ولكن تم التخلي عنها في 2010، مع اكتساب أزمة اليورو للأولية في المعالجة.
وأشارت صحيفة «فايننشال تايمز»، إلى أن الإجراءات التي يدعو إليها ساركوزي، تبدو أقرب إلى الخطوات التي يدعو اليمين إلى تبنيها .ويقول أستاذ العلوم السياسية الفرنسي الشهير، برونو كوتريز، إن ساركوزي يتجه بدلاً من ذلك إلى انتقاد منافسه الرئيس في السابق، ألان جوبيه، وهو رئيس وزراء فرنسي سابق، يخاطب الأصوات الأكثر انتماء إلى التيار الرئيس في الحياة السياسية الفرنسية.
«الهوية السعيدة»
وكان جوبيه قد طور مفهوم «الهوية السعيدة»، ودعا إلى صيغة من العلمانية أقل اتساماً بالتوجه نحو المواجهة، وبرغم أنه بدا في استطلاعات الرأي التي أجريت في ما قبل الصيف، متقدماً على ساركوزي، فإن هذا الأخير يبدو الآن وقد اكتسب قوة دفع لا يستهان بها.
ويقول بروفسور كوتريز: «بعد هذا الصيف والهجمات الإرهابية في يونيو الماضي، والضجة التي أثيرت حول زي البوركينو، يبدو ألان جوبيه، كما لو كان قد ابتعد عن الواقع». وفي غضون ذلك، يشير مؤيدو ساركوزي، إلى الهامش الضئيل من الأصوات الذي فاز من خلاله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على ساركوزي، ويقولون إنه في العام المقبل، سيستفيد ساركوزي من ضعف الرئيس الاشتراكي، والانقسامات التي يعاني منها.