وقد زاد هذا الشعور بعد ثماني سنوات من حكم أوباما. علماً أن الطبقة العاملة البيضاء تجمعت حول هيلاري كلينتون خلال الحملة الانتخابية في العام 2008. لكن الرئيس الأفريقي ـ الأميركي لم يظهر تعاطفاً كبيراً مع مطالبها. وقد وجد المرشح الجمهوري دونالد ترامب الفرصة لكي يتقدّم، ويتبنى مطالب هذه الطبقة وأحلامها.
يعد ترامب بإرغام الشركات الصناعية الكبرى على إعادة نشاطها إلى أميركا وإغلاق مصانعها في الخارج. كما يعد بإغلاق باب الهجرة، بل وبترحيل 11 مليون من المهاجرين غير الشرعيين. وبرغم أن شعاره ‘اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى’ لا يتضمن الخروج على النظام الاجتماعي المطبق حالياً، إلا أنه يتبنى شعار التغيير، ويتهم منافسته هيلاري كلينتون بأنها مرشحة المصارف والشركات الكبرى، وبالساعية إلى المحافظة على سلطة الأغنياء. لقد فقدت الطبقة العاملة البيضاء الثقة بالنظام السياسي الحالي. وقد صدر منذ وقت قصير في أميركا كتاب ج. د. فانس، أحد مثقفي هذه الطبقة، بعنوان ‘مذكرات حول العائلة والثقافة في الأزمة’، وهو يشرح بشكل مؤثر آلام هذه الطبقة وآمالها.
بالنسبة للمؤلف، وهو واحد من أحفاد المهاجرين الأوروبيين الذين قدموا من إيرلندا، كان الفقر هو إرث عائلته الوحيد منذ عقود. فقد كان أفرادها في عهد الاقتصاد الجنوبي الذي اعتمد على عبودية السود الأفارقة، عمالاً مياومين في حقول القطف. وبعد العام 1940 أصبحوا عمالاً في المناجم وفي مصانع الفولاذ. وقد هاجر جدّا المؤلف كغيرهم من ملايين الأميركيين من مدن الجنوب إلى مدن الشمال الصناعية، إلى أن استقرا في مدينة ميدل تاون في أوهايو. وقد عمل أحد جديه في مصنع للفولاذ، وبنى عائلته اعتماداً على راتبه من ذلك المصنع. لكن الأمور لم تسر كما ينبغي لها أن تكون. إذ أدمنت أمه الكحول والأدوية المهدئة. كما أنه لم يتعرف على والده الحقيقي إلا بعدما تجاوز سن المراهقة. كانت فرص العمل آنذاك قليلة جداً. وكان العمال البيض الذين عملوا في مناجم الفحم الحجري وفي مصانع الحديد في القرن العشرين، هم مَن قاموا بتشييد البنية التحتية للاقتصاد الأميركي. وقد ظهر في ما بعد، أي مطلع القرن الحادي والعشرين، انقسام واضح بين الطبقة العمالية البيضاء وسكان المدن الساحلية الأغنياء. وكان من الصعب على غالبية تلك الطبقة اللحاق بالحد الأدنى للأجور. إذ انخفضت أجورهم بنسبة 19 في المئة ما بين أعوام 1999 و2014. علماً أن المؤلف لم يستسلم لظروفه القاهرة. فهو انضم أولاً إلى سلاح البحرية، ثم تخرج من جامعة يال، ويعمل اليوم في شركة استشارات.
يحوز دونالد ترامب على غالبية أصوات الطبقة العاملة البيضاء، متفوقاً في هذا المجال على هيلاري كلينتون. وهو يقول في هذا الصدد ‘أحب الطبقة العاملة البيضاء، حتى لو كانت غير متعلمة’.