أصدر الدكتور نعيم أبو فريحة، ريس رابطة الأطباء العرب في النقب، بيانا جاء فيه: "مما لا شك فيه ان النقب يمر في ظروف صعبة في مجالات كثيرة في الواقع الذي نعيشه ومما لا يختلف عليه اثنان أن الاهمية الكبرى تكون لبناء الانسان والارض، الا انه بالمقابل ان لم يكن هذا الانسان بصحة جيدة وملائمة للنهوض بهذا المجتمع فلن تنفعنا اي تربية او بناء للإنسان. ان المعطيات التي يعلمها جزء قليل من المجتمع او المسؤولين انما هي معطيات سيئة للغاية مقارنة مع الاوضاع الصحية التي كانت لدى عرب النقب قبل عدة عقود، وهنا لا بد ان نطرح السؤال ماذا ينتظرنا في المستقبل القريب والبعيد؟
قبل ايام عديدة اقامت رابطة الاطباء العرب في النقب مؤتمر بخصوص الظروف الصحية في النقب حيث طرحت فيه اهم المشاكل الصحية في النقب لكي يتعرف عليها المجتمع، الجمعيات المختلفة، اصحاب القرار والمسؤولين في السلطات المحلية. ولعلي ابدأ بموضوع لم يشمله المؤتمر الا انه قبل عدة ايام شاركنا في اجتماع طارئ بهذا الخصوص نظمته سلطة الامان على الطرق الا وهو حوادث الطرق في المجتمع العربي في النقب.
منذ بداية العام 2016 توفي 24 عربي من النقب في الحوادث الطرق من بين 283 حالة وفاة اي 8.5% في حين لا تتعدى نسبة عرب النقب من سكان البلاد ال 2.5 بالمئة. اصحاب التخصص يعرضون الاسباب وجزء منها نعرفها جميعا بشكل جيد، سرعة زائدة، عدم استعمال حزام الامان، سباقات على الشارع وما الى ذلك من الاسباب.
يعاني الألاف من سكان النقب العرب من مرض السكري، وسيكون ارتفاع كبير بنسبة مرضى السكري في السنوات القادمة ان لم تكن هنالك مشاريع تقوم على الحد من انتشار هذا الوباء القاتل بشكل بطيء. ما يقارب 40% من المواطنين العرب في النقب فوق جيل ال 55 يعانون من مرض السكري وهي اعلى من الوسط اليهودي بكثير.
مما لا شك فيه ان التغير السريع في نمط الحياة والتحول الى نمط الحياة الغربية الغير صحي التي نعيشها انما كان له الاثر السلبي على الوضع الصحي لأهل النقب لمرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة الدهنيات في الدم وبالتالي امراض تصلب شرايين القلب والجلطة الدماغية ونسبة انتشار هذه الامراض هي اكبر في الوسط العرب في النقب من الوسط اليهودي.
46% من الرجال العرب في البلاد يدخنون مقارنة مع 26 بالمئة في الوسط اليهود، ليتها كانت النسبة لدينا في النقب، حيث لا توجد معطيات دقيقة بخصوص عرب النقب الا ان النسبة هي اعلى بكثير، ناهيك عن انتشار كبير لتدخين النارجيلة التي انتشرت بشكل غير معقول في السنوات الاخيرة والتي تظهر الابحاث انها خطيرة جدا بحيث يعتبر تدخين رأس من النارجيلة ما يقارب 60-100 سيجارة.
من المعطيات التي هي مقلقة بشكل كبير ولم يكن بها تحسن ملحوظ في العقد الاخير هي نسبة وفيات المواليد وهي ما يقارب 11 مولود عربي من النقب يموت لكل 1000 حالة ولادة حي، مقارنة مع ما يقارب 2.5 في الوسط اليهودي. وبدون شك ان هنالك صلة بين زواج الاقارب وبين هذه النسبة بالإضافة الى عوامل اخرى.
تبقى الحوادث البيتية وحوادث الاطفال بنسبة عالية في النقب لأسباب كثيرة الا ان هذه الحوادث التي تسبب المعاناة الكبيرة بالإضافة الى حالات الموت، الحوادث التي يمكن منعها جميعا، نعم يمكن منعها جميعا.
الاخوات والاخوة الافاضل:
ما يقارب 60% من عرب النقب هم تحت جيل 19 عاما، لو وضعنا اي تصور مستقبلي للظروف والمشاكل الصحي فالوضع الصحي سيكون كارثي في اكثر التصورات تفاءلا ان لم نعمل على تغيير الواقع.
ان تغيب كثير من المسؤولين والناشطين عن مؤتمر رابطة الاطباء العرب في النقب الذي طرح معظم هذه المشاكل انما يظهر اننا لسنا في الاتجاه الصحيح، اي اننا لا نضع الأمور الصحية عال في سلم الاوليات، بل قد لا تكون اي خطط لدى الجهات. الشراكة في احداث التغيير هي للجميع، المواطنون، الاهل، المعلم، الاكاديمي، صاحب الدكان والطبيب... لا يوجد احد يستطيع ان يعتبر نفسه خارج دائرة احداث التغيير. ان لم نعمل بشكل جدي على احداث التغيير فينتظر الكثير من اطفالنا الاصابات، الاعاقات والموت من خلال حوادث الاطفال او الموت على الطرق بحوادث الطرق.
الاحبة الافاضل، ينتظرنا مستقبل لا يخلو بيت فيه من مرض السكري، اضف الى مرض القلب او الجلطة الدماغية.
بيوت فيها نسبة عالية من السمنة، عمليات للمعدة في جيل اقل من 18 عاما للتخلص من السمنة.
امراض السرطان وحسب عدة ابحاث تم نشرها هنالك ارتفاع للسرطانات في الوسط العربي في النقب وتظهر في جيل مبكر. اذا اضفنا لذلك التدخين، النارجيلة، السمنة فينظرنا مستقبل قاتم مع امراض السرطان منتشرة بشكل كبير في الوسط العرب.
بعد سرد الوضع والظروف التي نعيشها في المجال الصحي لا بد لنا ان ندق ناقوس الخطر بقوة شديدة حتى نستطيع ان نمنع الوضع المتوقع مستقبلا، اذا ما هو المخرج؟ وكيف لنا ان نغير هذا الواقع؟
كل منا عليه ان يكون مقتنع انه جزء من التغيير في البيت، المدرسة، العمل، العيادة ... بما في ذلك السلطات المحلية والوزارات المختلفة.
التغيير في نمط الحياة سيكون له التأثير الاكبر. على كل مؤسسة ان تضع لنفسها خطة قصيرة وطويلة الامد بخصوص الاوضاع الصحية وما هي التغيير والمشاريع التي ستقوم بها خلال الخمسة سنوات القادمة. اما اهم المجالات التي لا بد ان يكون فيها مشاريع فتشمل:
التغذية – التحول نحو تغذية سليمة (لحوم مجمدة، وجبات سريعة، كميات كبيرة جدا من السكر في المشروبات ومسليات الاطفال – هذه تغذية غير سليمة)
لا بد من التوجه نحو تغذية سليمة في البيت وفي المدرسة، وهنا تأثير كبير للسلطات المحلية في تحديد الوجبات في المدارس، في البرنامج التربوي الدراسي في السلك التعليمي.
لا بد من وضع مشاريع وخطط للحد من التدخين والنرجيلة في النقب بشكل عام وفي كل بلد بشكل خاص بما فيها تطبيق قانون منع التدخين في الاماكن العامة. والتوعية بخصوص إمكانية التوقف عن التدخين بما فيها امكانية استعمال أدوية علاجية بهذا الخصوص.
النشاط الجسماني – الوضع اليوم بانعدام شبه تام لغرف الرياضة، مسارات للمشي وبرك السباحة هو وضع غير طبيعي وعلى كل سلطة محلية ان تحاسب نفسها بهذا الخصوص.
التوعية الصحية – بخصوص الامراض المنتشرة في النقب بشكل خاص بما فيها ان يفهم المرضى اكثر عن الامراض والعلاجات واهمية متابعة تناول الادوية والمتابعة لدى الطبيب. بالإضافة الى التوعية بخصوص الطب الوقائي، الكشف المبكر عن الامراض، والتوعية بخصوص الامراض الوراثية وتأثير زواج الاقارب بناء على التجربة والمعطيات التي نعيشها.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ولا بد لنا ان نطبق هذا الحديث بكل ما يتعلق بحوادث الاطفال او حوادث الطرق في هذا المجال تفصيل طويل لا مكان له في هذا المقال. مراقبة الاطفال والشباب، توعيتهم والعمل على البيت الآمن والبلد الآمن سيحدث تغييرا كبيرا بهذا الخصوص.
اهلنا الاعزاء
هذه صرخة نطلقها لكل من يهمه الامر ونرى انها لا بد ان تكون مهمه لكل منا في النقب بشكل عام والمسؤولين بشكل خاص حتى نعمل جميعا لأحداث التغيير المنشود ولكم منا الا نكل او نمل من اجل العمل لهذا المجتمع" الى هنا نص البيان كما وصلنا.