شارك النائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة في المهرجان المركزي لإحياء الذكرى الثانية عشرة لرحيل القائد ياسر عرفات. وقال عودة في كلمته: " سيادةَ الرئيس، أيها الإخوة أيتها الأخوات؛ كنّا صغارًا حين أوصانا والدانا بأن لا نذكر أسمه علنًا: ياسر عرفات. كان أسمه سرًا بين جميع الأطفال في مدرستنا، ولكنه سرٌ جماعيٌ".
وأضاف عودة: "نسمع أخبارَ حربِ لبنانَ والحصارِ والبطولة. وأسمه يتقافز في نشرات الأخبار. انه اسم فلسطين المحظور، ولكننا كنّا نقصّ صورَه من الجرائد، لنحتفظ بها. حين كنتم في بيروت، كنا نتمرّد في شبابنا الأول، فكنّا نذهب ليلًا إلى وادي النسناس في بلدتنا حيفا ونكتب تحت جنح الظلام: ’م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني‘. وكم كنّا فخورين أن نرى الكتابات في الصباح دون أن يعرف الناسُ مصدرَها. إلى أن تفجرت الانتفاضة الأولى ليصبح الشعار الأكثر ترديدًا على ألسنتنا: ״ما بتنفع المفاوضات إلا مع ياسر عرفات״. وكانوا يصطادوننا لتحقيقيات الشاباك".
وتابع عودة: "نحن العرب الفلسطينيين الذين بقينا في وطننا رغم النكبة ورغم سياسات التهجير. لنا خصوصيتنا، وهي أننا مواطنون في إسرائيل. حكومة إسرائيل تريد أن تبني شخصيةً أسمها "العربي الإسرائيلي"، وهذا "العربي الإسرائيلي" هو عربي بمفهوم أنه يعرف لغته، يعرف المعلقات، ويعرف النقائض بين فرزدق وجرير ويعرف عتاب سيف الدولة للمتنبي، ولكنه ممنوعٌ أن يعرف شيئًا عن تاريخه الفلسطيني أو يتماهي مع نضال شعبه. هو عربي مشوّه وليس فلسطينيًا. وفي الوقت ذاته هو إسرائيلي منقوصٌ لأن فقط اليهودي هو إسرائيليٌ كاملٌ في دولة اليهود. هذه هي معادلتهم. أما معادلتنا فهي أن نكون عربًا فلسطينيين مكتملين، وفي الوقت ذاته أن نناضل من أجل المواطنة الكاملة. هذه هي معادلتنا نحن".
وأضاف عودة: "لنا موقعنا وخصوصيتنا ومن خلال هذه الخصوصية نريد أن نساند شعبنا. وخصوصيتنا هي أن نلقي بوزننا الفاعل في المعترك السياسي الإسرائيلي. وأفضل من يعي هذه القوة الكمية والنوعية هو نتنياهو لذلك يعمل على نزع الشرعية عنا، كي لا نكون مؤثرين. وعندما أخطب هنا فهم يرصدون كلّٓ كلمةٍ بهدف التحريض كي ينجح نتنياهو بتصويرنا كأعداء، كغير شرعيين بالعمل السياسي في إسرائيل. وأنا أقول لكم أيها الإخوة إن أحد العوامل المركزية لإنهاء أي احتلال، هو الرأي العام في الدولة التي تمارس الاحتلال، وبدلًا من أن يبدأ الشعب الفلسطيني من 1% يبدأ من 20% هم نحن! ولكننا لسنا وحدنا، فهناك شركاءٌ يهود، نتظاهر معهم في تل أبيب كي نؤثّر على الرأي العام ونتفاعل في البرلمان كي نضع وزننا كاملًا في المعادلة السياسية".
وتابع: "الاسبوع القادم ستكون ذكرى قتل يتسحاق رابين على يد أعداء السلام، نحن سنشارك في هذه الذكرى في الكنيست، لأننا مصرّون على أن نكون جزءًا أساسيًا وشرعيًا من المعسكر الذي يدفع باتجاه انهاء الاحتلال البشع عن الشعب الفلسطيني. أؤكد للمرة الألف: لا نريد خلط أوراق بدعاوي العاطفة والانفعال، نحن من خلال موقعنا وخصوصيتنا تكون مساهمتنا الأكبر في إنهاء الاحتلال، حتى يحل السلام على أرض السلام".
كما قال: "نحن نتابع بقلق المدّ اليميني بالعالم، ولكن كلنا أمل بأن الغالبية في كل الشعوب تؤمن بالسلام وتدعم النضال العادل للشعب الفلسطيني. بالأمس بعد فوز ترامب سمعنا ممثلي حكومة إسرائيل يعبّرون عن مكنونات صدورهم بالحديث عن القضاء على الأمل بقيام دولة فلسطين. ونحن هنا لنشيد بتشبّث الرئيس أبي مازن بحل الدولتين النابع من رؤيا صحيحة للواقع، ومن موقف أخلاقي مستعد للمصالحة من أجل حل عادل. ونحن هنا لنقول إن قيامٓ دولة فلسطين هو حتميةٌ تاريخية. لأنه صحيحٌ "أن شعبٓنا ليس أفضل شعب في العالم، ولكن لا يوجد شعب في العالم أفضل من الشعب العربي الفلسطيني". يوم الأحد القادم ستتخذ حكومة إسرائيل قرارًا ضد رفع الآذان في القدس. لهذه الحكومة هدفٌ منهجي وهو تحويل الصراع من سياسي إلى ديني، لأنها لا تريد حلًا. نحن نتصدّى بكل قوة ضد تحويل الصراع إلى ديني، لأن الصراع ليس بين دينين، ليس بين عقيدتيْن، وإنما هو صراع بين الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وبين الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال".
وتابع عودة خطابه: "بهذه المناسبة أريد أن أشيد بتأثر بالأسس الوطنية التي وضعها القائد ياسر عرفات، أسس الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية، أسس مآذن القدس وكنائس القدس، هذه الأسس التي هي جزء من وجدان الرئيس الفلسطيني أبي مازن، الذي يتعامل معها بأخلاقنا الفلسطينية، بميراثنا الفلسطيني وببُعد رؤيا وطنية. أريد أن أشدّ على يديك الأخ الرئيس أبا مازن على هذا النهج الأكثر والأعمق وطنية الذي يرسّخ الانتماء الواحد لأبناء شعبنا، هي رؤيا قيمية بالأساس، وهي أيضًا رؤية عملية بالعيون التي تصبو إلى القدس".
كما قال: "أنا حريص أن لا أتدخّل بأي شأن فلسطيني يخص منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. ولكن هنالك أمرٌ يفرض ذاتَه وطنيًا، ويجعلنا قلقين ومتألمين. وهو انعدام الوحدة في مواجهة التناقض الرئيسي وهو الاحتلال البشع. الاحتلال هو على فتح وعلى حماس وعلى الجبهات وحزب الشعب، الاحتلال على الضفة وعلى غزة. الاحتلال على كل الشعب الفلسطيني. من موقعنا الذي أقمنا به قائمةً مشتركة، هذه القائمة التي راهنوا وعملوا على انقسامها بعد الانتخابات، فبقينا معًا حتى اليوم وحتى الغد. نناشد من موقعنا السياسي، ومن ما هو أعزّ، من انتمائنا الوطني ، أن ينهي شعبُنا هذا الانقسام المدمّر. أن نجتهد في بناء رؤى واستراتيجيات موحّدة قدر الإمكان ولكنها لا ترى إلا القدس عاصمة للدولة الفلسطينية".
واختتم النائب عودة بكلمات الشاعر الكبير محمود درويش: "من يكتب حكايته يرث أرض الكلام ويملك المعنى تمامًا". وتابع: "بالأمس دشّنا متحف ياسر عرفات. كانت لحظات مؤثرة، لحظات وفاء، وكتابة حكاية، وورْثة أرض وامتلاك المعنى. متحف ياسر عرفات وقبله متحف محمود درويش ليسا متحفيْ مأثرة اجترحت وحسب، وإنما راية شعب جميل. شعبنا جميل. وسيقيم دولته الأجمل فلسطين".