أنا أخشى من دونالد ترامب، رغم خطاب الانتصار المطمئن الذي ألقاه. هذا الشخص المتقلب ما زال يُخيفني. وأخاف أيضا من العنصرية واللاسامية ومعاداة المثليين في اوساط ناخبيه. ورغم أنني أريد ذلك، إلا أنني غير مقتنع بأن إسرائيل يمكنها ضم يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، كما وعد خلال حملته الانتخابية. أو أن السفارة الأميركية سيتم نقلها بشكل سريع إلى القدس. وأيضا الاتفاق النووي مع إيران، رغم وعوده بإلغائه، سيبقى على حاله. أنا أتضامن مع الناخبين الذين انتخبوه لأنهم يؤمنون بأنه سيعيد لأميركا وطنيتها البسيطة والطبيعية، التي ميزتها إلى أن جاءت سنوات الاستقامة السياسية التي تسببت في فقدان الايمان "بالروح الأميركية" والتدني أمام القوى التي تهدد كل ما هو ثمين لحاملي شعار الحرية.
لقد نسي العالم، لكن أميركا التي يعد ترامب بالعودة اليها، أميركا الساذجة، التي تربي مواطنيها على أن مصالح بلادهم ووطنهم أهم من مصالح الدول الاخرى، هي التي تجندت خلال حربين عالميتين وحرب أخرى باردة من أجل انقاذ الحضارة الغربية ممن أرادوا اندثارها وادخال العالم إلى حقبة الظلام. الآن بالذات، وفي حين أن الافكار الإنسانية العالمية هي التي تحرك براك أوباما، فإن أميركا تسلم بوجود أنظمة ديكتاتورية تساعد الإرهاب الدولي، ولا تمنعها من السعي والتآمر ضد جيرانها، مثلما هي حال إيران.
الناخبون لم يهتموا كثيرا بترامب، بل هم صوتوا ضد براك أوباما وهيلاري كلينتون اللذين تميزا بالسياسة الضعيفة التي تناقض الروح الأميركية.
واذا تبين أن الخوف منه هو خوف غير حقيقي، وأن ترامب يستطيع الايفاء ببعض وعوده، خصوصا في الاقتصاد، فإن أميركا يمكنها العودة، مثلما قال في شعاره الانتخابي، إلى مجدها. وهذا الأمر سيكون في صالح العالم، وفيه إسرائيل، أكثر بكثير من الخط المتسامح لأوباما الذي نبع ليس فقط من قناعات خيالية، بل أيضا من ضعف اقتصاد القوة العظمى.
إن انتصار ترامب يشبه انتصار بنيامين نتنياهو في العام 2015، رغم الهجمات الشديدة التي تجندت من اجلها وسائل الإعلام، فقد فضله الناخبون في إسرائيل لأنه لا يرتبط حسب رأيهم بالقيم اليهودية الصهيونية التي يؤمن بها هؤلاء الناخبين، أما خصومه فليسوا كذلك. الشعب يعتقد أن خصومه قد تركوا وأهملوا هذه القيم وتحولوا إلى عبيد للاستقامة السياسية العالمية، وفقدوا ايمانهم المطلق بالصهيونية. والدليل على ذلك تأييدهم لجهات معادية وتحرض ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي.
المحللون في إسرائيل تحدثوا عن الكراهية التي ميزت حملة ترامب الانتخابية. ولم يذكر أي أحد منهم اقوال الكراهية التي وجهت لبنيامين نتنياهو ودافيد بيتان وميري ريغيف والمستوطنين في ميدان رابين. "لقد اعتبرت أن غوش ايمونيم مثل السرطان في جسم الديمقراطية"، كتب يتسحاق رابين الذي قاموا باحياء ذكراه. هذه كراهية قوية ومتجذرة. ومن هاجم أمنون أبراموفيتش، مستعد بعد ذلك بدقائق أن يجلس معه. وليس كمن يؤججون نار الكراهية في الميدان. شعارهم منذ 21 سنة هو "لن ننسى ولن نغفر". وهذا خير دليل.
على الرغم من الاشياء الصعبة التي تحدث في شارع بلفور (أيضا ترامب انتخب رغم أنه نفذ جزءا كبيرا من الافعال السيئة المنسوبة اليه)، نتنياهو وزوجته سيبقيان هناك فترة طويلة من الوقت. بين حوار الكراهية للميدان وبين هوس الانفعاليين في الليكود، سيستمر معظم الإسرائيليون في تفضيلهم على متطهري إسرائيل الاولى الذين يقومون بإلغاء كل من هو ليس منهم.