مع حلول يوبيل على سيطرة إسرائيل في الضفة، يخيل أن الأمر حسم وان شيئا لن يوقف بعد الآن الزحف نحو الدولة ثنائية القومية. فاحتمال أن تكف الدولة عن أن تكون يهودية وديمقراطية، الاخفاق الاخلاقي الذي في السيطرة على شعب آخر، الشجب والضغط العالميين – كل هذا لا يقض مضاجع الإسرائيليين.
ير أن الدولة ثنائية القومية تنطوي على خطر لو كانت أغلبية الإسرائيليين، واعين له، لما كانوا سيجلسون مكتوفي الايدي: الخطر الاقتصادي.
حسب معطيات مكتب الاحصاء المركزي يوجد اليوم في إسرائيل 8.5 مليون مواطن. وكم يوجد في الضفة؟ حسب الإدارة المدنية، التي تستند الى مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني، قرابة 3 ملايين. وحسب معاهد البحث اليمينية التي تدعي بان الفلسطينيين يبالغون عن قصد في عددهم – 1.75 مليون. فلنساوم بالتالي على 2.3 مليون فلسطيني يضافون إلى سكان الدولة ثنائية القومية فيصبحون مواطنيها.
كيف سيؤثر الأمر على المجتمع؟ حسب التأمين الوطني، في 2014 كان في إسرائيل 1.7 مليون فقير، تكسب عائلتهم أقل من الدخل الاوسط الشاغر (9.500 شيكل). لا أعرف ما هو دخل العائلة في الضفة، ولكن حسب كل المصادر، فان الناتج المحلي الخام للفرد في الضفة هو 4 آلاف دولار، نحو عشره لدى الإسرائيليين. وبالتالي ليس مدحوضا الافتراض بان سكان الضفة سيعتبرون في الدولة الجديدة كفقراء. ولإراحة رأي المشككين، نشطب من الاحصاء أثرياء رام الله ونوافق على اضافة نحو مليوني فقير للدولة ثنائية القومية.
لست اقتصاديا، ولكن العقل السليم يقول لي أن أحدا ما سيتعين عليه أن يدفع لقاء صيانة هؤلاء الفقراء، القدامى والجدد على حد سواء. التأمين الوطني؟ ففي بداية 2014 حذر تقرير مركز البحوث في الكنيست بانه بسبب تقليص مشاركة الدولة، فابتداء من العام 2042 لن يتمكن التأمين الوطني من الايفاء بمتطلبات دفع المخصصات. اما اضافة مليوني محتاج من الضفة الغربية فستبكر جدا هذا الافلاس.
هل سيدفع المواطنون الجدد من الضفة الضرائب؟ على ما يبدو ليس كثيرا، اذا اخذنا السجل الفلسطيني في جباية الضرائب وأن واحدا من كل ستة في الضفة عاطل عن العمل. ناهيك عن أن عشرات آلاف الموظفين الفلسطينيين – شرطة، معلمين، موظفين – سيفلتون من سوق العمل، لان التبرع من الخارج، التي تمول رواتبهم، ستتوقف. وليس معقولا ان يتطوع أحد ما لان يدفع بدلا من حكومة إسرائيل، التي أخذت تحت مسؤوليتها سكان الضفة. ولم نذكر بعد فقدان المداخيل من العقوبات التي ستتخذ ضدها بسبب ضم الضفة.
واذا لم يكن هذا بكاف، ففضلا عن الحاجة إلى الحرص على العيش الاساس للسكان الجدد، الفقراء، ستلقى على عاتق إسرائيل نفقات هائلة أخرى. مثلا، كيف سيواجه جهاز الصحة العام المنهار اضافة لمليوني مريض محتمل صحتهم الاساس تتخلف على أي حال وراء صحة الإسرائيليين؟ فاذا كان زمن الانتظار للعملية اليوم في الطب العام طويلا، فماذا سيحصل حين سيضاف إلى الطابور جموع المرضى من الخليل ومن نابلس؟ وماذا بالنسبة للتعليم؟ من سيدفع لقاء تأهيل المعلمين، اقامة المدارس، شبكات الرقابة؟ وماذا عن المجاري، المواصلات، المشاريع الصناعية وباقي البنى التحتية المتخلفة سنوات جيل وراء ما هو مقبول في اسرائيل؟ وماذا عن الأمن الداخلي، حين تعطي الفوارق المتسعة بين الفقراء والاغنياء مؤشراتها في الجريمة؟ الاغنياء من بيننا لن يشعروا بالفرق. فدوما سيكون تحت تصرفهم طب ممتاز، إثراء لحياة ابنائهم، حراسة خاصة، واذا ساء الوضع فلا يعود يحتمل فانهم سيقفزون مع مالهم بسهولة إلى بلدان أخرى. من سيبقى ليختنق تحت العبء هم المصوتون اليوم للاحزاب التي ستوقع علينا مصيبة الدولة ثنائية القومية، وبتعبير آخر: يحولونهم من أناس يجدون صعوبة في انهاء الشهر إلى فقراء متمردين.