لا حدود للإبداع الذي تبديه وزارة القضاء في مساعيها لتبييض جرائم الاستيطان. فبعد التصويت المعيب على "قانون التسوية" غير الدستوري، والذي رغم إقراره بالقراءة العاجلة لا بد سيشطب، يدرس المستشار القانوني ووزيرة القضاء بدائل اخرى لتبييض البؤر الاستيطانية. وتستهدف خطاهما عمليا التبييض ليس فقط للبؤر الاستيطانية بل لحكم الابرتهايد السائد في المناطق (المحتلة).
أحد السبل المقترحة هو الاعلان عن المستوطنين كـ"سكان محليين" في أرض تخضع للاستيلاء القتالي(שטח הנתון לתפיסה לוחמתית). في هذا الاعلان مشاكل عديدة، ولكن حتى لو كان ممكنا قبوله، فهو في نهاية المطاف سيعرف الفئتين السكانيتين – اليهودية والفلسطينية – كـ"سكان محليين" في أرض محتلة. فهل تحت هذا التعريف سيكون مسموحا أخذ اراض من فئة سكانية ما على حساب الاخرى، بمعنى أخذ اراضي اليهود في صالح الفلسطينيين؟ وهل ستنطبق في حينه على المستوطنين القواعد التي تنطبق على السكان المحليين الفلسطينيين، بما في ذلك القانون العسكري، بحيث أن الفئتين السكانيتين ستحاكمان في ذات المحاكم ووفقا لذات القوانين؟
ولما كان الجواب على هذه الاسئلة سلبيا، فان تعريف المستوطنين كـ"سكان محليين" سيواصل فقط مسيرة طويلة من تصميم نظام أبرتهايد. فلو كان يدور الحديث عن سكان "محليين" فلماذا تنطبق عليهم منظومات قانون مختلفة، ولماذا لا تكون ذات حقوق متساوية، بما في ذلك حق التصويت للفلسطينيين في الانتخابات في إسرائيل؟
لقد رفضت محكمة العدل العليا على مدى السنين لمس حبة البطاطا الساخنة هذه والتي موضوعها قانونية المستوطنات، ولكنها قضت بانه طالما يعيش في المناطق مستوطنون، فيجب الحرص ايضا على احتياجاتهم مثلما على احتياجات كل انسان يعيش في مكان معين. ولكن ماذا بين هذا وبين أخذ الاراضي الخاصة للفلسطينيين من اجل اقامة أو توسيع المستوطنات؟
كما أن استناد وزارة القضاء الى تسوية موضع خلاف بحد ذاتها، تمت في قبرص، ليس سوى تذاكٍ زائد وضار. فالحل الافضل من ناحية اسرائيل هو حل الدولتين. الإمكانية الأخرى – اعطاء حقوق مواطنة كاملة واحلال قانون متساوٍ على اليهود والفلسطينيين – معناه نهاية الدولة اليهودية. أما الإمكانية الثالثة فتسمى أبرتهايد.