عممت ’يش دين‘ بيانا وصلت الينا نسخة عنه، جاء فيه: "صبحية أبو رحمة، والدة باسم الذي قُتل نتيجة إصابته بقنبلة غاز تمّ تسديدها لصدره بشكل مباشر، خلال تظاهرة ضد الجدار الفاصل في قرية بلعين عام 2009 ، التمست اليوم (الخميس) لمحكمة العدل العليا طلبًا بأن يصدر المستشار القضائي للحكومة أوامره بإتمام التحقيق في قضية مقتل ابنها، ومحاكمة الجنود الذين أطلقوا قذائف الغاز بشكل مخالف لتعليمات الضباط المسؤولين عنهم.
وحاجج الالتماس بأن الأدلّة الكثيرة في الملف تقود للاستنتاج بضرورة تقديم لائحة اتّهام ضد من أطلق النار بتهمة ارتكاب مخالفة الإماتة، أو على الأقل التسبّب بوفاة نتيجة الإهمال. كما طالب الالتماس بإتمام التحقيق للتحقّق من هوية القاتل، علمًا أن سلطات التحقيق لم تتحقّق حتى اليوم من هوية الذي أطلق النار على أبو رحمة. وجاء أيضًا أن اكتشاف هوية القاتل يستوجب اتّخاذ خطوات بسيطة للتحقّق من أماكن تواجد المشبوهين خلال الحادث، غير أنه لم يتمّ حتى الآن تنفيذ هذه الخطوة الأساسية.
وتطرّق الالتماس إلى أن ملف التحقيق يشتمل على إفادات قاطعة تشير إلى أن الضباط المسؤولين عن الجنود المتورّطين في الحادث، لم يرشدوا الجنود الخاضعين لمسؤوليتهم كما ينبغي بالنسبة لاستخدام قذيفة الغاز من النوع المذكور وبالنسبة لمدى الحذر الواجب اتّخاذه، بل إنهم لم يحرّكوا ساكنًا للتأكّد من أن جنودهم لا يطلقون النار بشكل غير قانوني، بالتسديد المباشر ومن مدى قصير، باتجاه مدنيين. وعليه، ادّعى الالتماس، بأن هناك داعيًا لتقديم لوائح اتّهام أيضًا ضد الضباط المسؤولين بتهمة مسؤوليتهم عن إطلاق النار بشكل غير قانوني.
أبو رحمة الذي كان في الثلاثين من العمر، قُتل في نيسان (أبريل) 2009 نتيجة إطلاق قنبلة غاز كبيرة المدى، تمّ تسديدها مباشرة إلى صدره، خلال التظاهرة ضد الجدار الفاصل في بلعين. شرائط الفيديو القصيرة الثلاثة التي تمّ تصويرها أثناء المظاهرة تثبت بأن أبو رحمة كان متواجدًا في الجانب الشرقي من الجدار، ولم يتصرّف بشكل عنيف ولم يهدّد حياة الجنود بأي شكل من الأشكال. كما تمّ توثيق الحادث بعدسة كاميرة الفيلم الوثائقي "خمس كاميرات مكسورة".
عند وقوع الحادث رجّح النائب العسكري الرئيسي حينذاك، اللواء أفيحاي مندلبليت، بأنه لا داعي لشروع شرطة التحقيقات العسكرية بالتحقيق في القضية. ولكن بعد سنة من وقوع الحادث – وعلى أثر نيّة والدة أبو رحمة الالتماس لمحكمة العدل العليا وبعد أن وصلت لأيدي مندلبليت وجهة نظر أخصائيين من طرف العائلة تحدّد بشكل قاطع أن إطلاق النار تمّ بالتسديد المباشر - غيّر النائب العسكري الرئيسي قراره، وأمر شرطة التحقيقات العسكرية في تموز (يوليو) 2010 بالتحقيق في الحادث.
ولكن بعد تحقيق دام عامين ونصف العام ولم يسفر عن اتّخاذ أي قرار، قدّمت والدة أبو رحمة التماسًا لمحكمة العدل العليا طلبًا بأن تأمر المحكمة النيابة العسكرية باتّخاذ قرار في التحقيق. بعد تقديم الالتماس، في أيلول (سبتمبر) 2013، قرّر النائب العسكري إغلاق الملف دون اتّخاذ خطوات جنائية ضد أيٍّ من المتورّطين في الموضوع.
في أيلول 2014 بعد وقت طويل من انتظار استلام مواد التحقيق، قدّم أفراد العائلة استئنافًا على قرار إغلاق الملف. وقد صدر قرار برفض الاستئناف فقط في كانون ثان (يناير) مطلع هذا العام، ومرة أخرى فقط بعد تقديم التماس لمحكمة العدل العليا في آذار (مارس) 2015 طلبًا لاتّخاذ قرار في الاستئناف المقدَّم. في أيار (مايو) هذا العام تم تقديم تحفّظ للمستشار القضائي للحكومي على رفض الاستئناف (وذلك وفق تعليمات جديدة تمّ نشرها). ولكن الدولة تماطل مرة أخرى، وها قد مضت سبعة أشهر دون اتّخاذ قرار في التحفظ المذكور.
على أثر ذلك، وبعد مرور سبع سنوات على وفاة ابنها، التمست أبو رحمة اليوم مجدّدًا لمحكمة العليا، طلبًا هذه المرة بأن تصدر المحكمة أوامرها بإتمام التحقيق وتقديم لوائح اتهام ضد من قتلوا ابنها.
وجاء في الالتماس الذي قدّمه المحاميان ميخائيل سفارد واميلي شيفر عومر من الطاقم القضائي لييش دين: "إن تسلسل الأحداث يشير إلى أننا أمام حالة خطيرة جدًّا من إهمال الملتمَس ضدّهم، يوحي باستهتارهم بالحادث الخطير الذي قُتل خلاله متظاهر غير مسلّح عبّر عن احتجاجه بطرق سلمية. نشير إلى أننا أمام ملف قتل إنسان بريء وقع ضحية البطء المريع في الإجراءات استوجب تدخّلا متكررا من المحكمة الموقّرة".
"آمل أن يُعاد فتح الملف، وأن تنظر فيه المحكمة هذه المرة"، تقول أبو رحمة. "أطلب من المحكمة معاقبة الجاني، وآمل أن يتمّ إنصافنا هذه المرة، كي أتمكّن وعائلتي أخيرًا من النوم بهدوء بعد سنوات المعاناة والألم التي نمرّ بها منذ قتل باسم دون مبرّر"" الى هنا نص البيان كما وصلنا.