أظهرت النماذج الحاسوبية أنه إذا كانت هناك إبادة ذرية محتملة، فإن أحد أكثر الأماكن أماناً للعيش سيكون في القارة القطبية الجنوبية، ليس فقط لكون هذه القارة تنخفض فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر وتبعد كثيراً عن أي مكان آخر، بل أيضاً بصفتها شاهدة على أول اتفاق حول الأسلحة النووية في العالم عام 1959.
حظرت معاهدة القارة القطبية الجنوبية استخدام كافة الأسلحة النووية عليها، وكرَّست تلك الأراضي الجليدية كمساحة للبحث السلمي، ولكن من الذي قد يعيش هناك؟
لم تكن تلك المرة الأولى التي تستخدم فيها المناطق القطبية كمخابئ نووية، لعل أظرف مهام الحرب الباردة، التي أطلق عليها اسمٌ سري هو "مشروع آيسورم"، وهي عبارة عن قاعدة نووية عملاقة أخفيت سراً في أعماق المنطقة القطبية الجنوبية، عرفت باسم "المدينة تحت الجليدية"، هذا المخبأ الكبير المهجور المليء الآن بالنفايات السامة وسوائل التبريد المشعة، سوف يتحرر قريباً من الطبقات المجمدة مع استمرار ذوبان القمم الجليدية، وبالتالي إن لم تلفت القارة القطبية الجنوبية انتباهك، فأي مكان سوف يلفته؟
هناك مكان آخر، وهو جزيرة الفصح، جنوب المحيط الهادي، على بعد 2000 ميل من أميركا الجنوبية، يمكنك قضاء الوقت هناك بينما يشتعل باقي أنحاء العالم من حولك، كما يمكنك رؤية التماثيل الغامضة العملاقة المعروفة باسم مواي، التي نحتها قدماء البولينيزيين في الصخور الضخمة، إذ قاموا بقطع كل الأشجار الموجودة بالجزيرة من أجل نقل هذه الأحجار العملاقة.
ما المكان الأفضل لتأمل دمار مستقبل البشرية من جزيرة أظهرت لنا قدرتنا على قتل أنفسنا من خلال تدمير بيئتنا؟
إذا كان القفر الذي يسود جزيرة الفصح يبدو محزناً جداً، لماذا لا نجرب جزر الكاريبي أو جزر مارشال؟
تتميز سلاسل الجزر البعيدة والمشمسة تلك بالشواطئ الاستوائية، التي يحيطها حوالي 750 ألف ميل مربع من المحيطات، والتي اعتُبرت مكاناً للعديد من تجارب الأسلحة النووية فيما مضى.
لقد تعرَّفنا على العمر الجيولوجي الذري، من خلال تجارب الأسلحة النووية، إذ حُدد وتشكل مستقبل البشرية وبنية الكوكب من خلال التلوث والتغير المناخي، ربما حان الوقت لإعادة النظر في الروابط العاطفية التي أقمناها تجاه الأسلحة النووية منذ قنبلتي هيروشيما وناجازاكي، يجب أن نفكر في أنفسنا من وجهة نظر علم نفس النهاية الذرية للعالم، إذا تمكنت البشرية من الاستمرار.
عن الغارديان