هل يوجد أحد ما من اولئك سأل الفلسطينيين إذا كانوا يريدون الضم الى الدولة التي تقتحم بيوتهم في الليل والنهار. لماذا نسأل، أليس من المفروغ منه بأن الفلسطينيين يعرفون أننا نريد مصلحتهم؟
الطعام موجود على الطاولة. فقط لننهي ضم معاليه ادوميم، ومن ثم تبدأ الوجبات الاساسية بالتدفق الى البلعوم الذي لا يعرف الشبع. سابقة صغيرة، رأس جسر للضم سيشق الطريق لضم كل أراضي الحلم. عمليا ما هو الفرق بين معاليه ادوميم وبين كريات اربع أو غوش عصيون؟ جميعها ستكون في نهاية المطاف داخل اسرائيل. هذه هي الخدعة التي تسمح لاسرائيل بأن تضم الآن مناطق ستكون في جميع الحالات تحت سيادتها بعد اتفاق السلام مع الفلسطينيين. ماذا اذا لو لم تُدر المفاوضات وبدون توافق مع الشريك الفلسطيني بنقل المناطق التي سيتم ضمها.
هذا هو بالضبط المبرر الذي تم استخدامه ويستخدم من اجل بناء المستوطنات، أو زيادة مستوطنات قائمة في تلك الكتل التي هي في الاصل ستنتقل الى سيادة اسرائيل. الى أن سقط علينا فجأة قرار مجلس الامن الذي قال إن جميع المستوطنات "متفق عليها" أو غير متفق عليها، هي غير قانونية. وليست مهمة قداسة أو طبيعة الكوشان الذي سمح بذلك. نظرا لأن مبرر الضم هذا قائم على عرف دجاجة عرجاء، طرح ادعاء جديد: الضم سيكون في صالح الفلسطينيين الذين تم حرمانهم من التأمين الوطني والخدمات الصحية بسبب اعتبارهم سكان واقعين تحت الاحتلال. والبشرى الجديدة، كما قال أ. ب يهوشع هي "التقليل من ورم الاحتلال"، أي العودة الى زمن الاحتلال المتنور. وبلغة اخرى: اذا لم نتمكن من وقف الاحتلال في المناطق، فيجب أن ندخلها الى حضن اسرائيل الدافئ. لا، ليس جميع ملايين الفلسطينيين، وبالتأكيد ليس الغزيين، لكن سنبدأ بـ 90 ألف فلسطيني تستطيع اسرائيل استيعابهم، كما اقترحت وزيرة العدل اييلت شكيد.
إلا أنه يمكن ايجاد حل أكثر راحة للمشكلة الانسانية – ببساطة أن يصبح الاحتلال أكثر انسانية. إزالة الحواجز والكف عن الاعتقالات بدون سبب والغاء الاعتقالات الادارية والسماح بحرية الحركة في جميع مناطق الضفة ومنح السلطة الفلسطينية المال بحجم التأمين الوطني الذي كانت اسرائيل ستدفعه لو كانت ضمت المناطق وتوسيع الخدمات الصحية ومنح الحقوق الاجتماعية، تماما وكأن الفلسطينيين قد تم ضمهم. وإذا كان بالإمكان اللعب بمكانة المستوطنات المستقبلية، فانه يمكن اللعب بنفس الطريقة بخصوص الفلسطينيين.
بشكل عام، ادعاء الضم لاسباب انسانية يحمل في ثناياه الكذب. لأن كل هذه الانسانية التي ستمطر على الفلسطينيين مقابل الضم، لا تشمل حقهم الاساسي في تقرير المصير. بخطوة واحدة سيكفون عن كونهم واقعين تحت الاحتلال، يحتاجون الى حماية مواثيق الامم المتحدة، وسيطلب منهم التنازل عن هويتهم القومية وترك حلم الدولة الى الأبد والعيش كضيوف غير مرغوب فيهم في الدولة اليهودية.
الخداع الذاتي الذي يتفاخر به من يؤيدون مساواة حقوق الفلسطينيين من خلال الضم، الذي سيشمل ايضا منح مكانة المواطنة، هو أن الفلسطينيين سيتدفقون بجموعهم في الحافلات والقطارات نحو اسرائيل، وأن يهود اسرائيل الذين لم يتأقلموا بعد على وجود الاقلية العربية في داخلهم، سيستقبلون الفلسطينيين من الضفة بالورود.
إذا كان سيتم تعريف الوضع في المناطق بالخطأ على أنه فصل عنصري، بدل القول إن الحديث هو عن احتلال يميز بطبيعته بين حقوق الواقع تحت الاحتلال وبين مواطني الدولة المحتلة، من الضروري وقفه، فان الضم سيحول اسرائيل الى نموذج كامل كدولة ابرتهايد. هو لن يكف في حينه، بل سيكون مغطى بغطاء جديد، إنساني متنور وإخلاقي. وكأن الاحتلال هو فقط مصطلح رسمي وليس واقع فظيع.
هل يوجد أحد ما من اولئك سأل الفلسطينيين إذا كانوا يريدون الضم الى الدولة التي تقتحم بيوتهم في الليل والنهار. لماذا نسأل، أليس من المفروغ منه بأن الفلسطينيين يعرفون أننا نريد مصلحتهم؟ وأننا لا نريد أن نكون محتلين؟.