ستعقد المهرجانات الرسمية لإحياء 50 سنة على حرب الأيام الستة في التكتل الاستيطاني غوش عصيون، بموجب قرار الوزرين نفتالي بينيت وميري ريغيف. من ناحية عسكرية، كانت هذه بالفعل حربا "مفتخرة"، كانت تعتبر مبررة. ولكن، كانت هذه أيضا حربا أحدثت ثورة جينية في المجتمع الإسرائيلي. فقد نمت في اعقابها غرورا وطنيا غير ملجوم، جبا ثمنا دمويا فظيعا في الخمسين سنة الاخيرة وتحول النصر العسكري إلى هزيمة قيمية. في نظرة إلى الوراء، يجدر تسميتها بحرب الخمسين سنة وليس حرب الأيام الستة، واذا ما حاكمنا الامور وفقا للواقع السياسي، فان عمرها يبدو بلا نهاية.
يجتهد بينيت وريغيف، بدعم من رئيس الوزراء، لتزوير الواقع الذي نشأ منذ حزيران 1967، وللتغطية بواسطة كذبة "التوافق الوطني" على الخلاف الذي يمزق الجمهور الإسرائيلي. وهما يحاولان ان يخفيا ببطانة الإجماع الذي تمتعت به الحرب ما نتج عنها من مسيحانية شوهاء، استعمارية وحشية وضياع لهوية إسرائيل.
"دون صلة بالخلافات حول النزاع على اقاليم البلاد هذه، فان على كل إسرائيلي ان يعرف ويتعرف على هذه الاماكن كعرش الشعب اليهودي وثقافته"، شرحت ريغيف، وكأن ثمة تطابق بين الحرب وبين التعرف على الرموز الوطنية او الاماكن المقدسة لليهودية. "شعب يريد أن يحرص على مستقبله يجب دوما ان ينظر إلى الوراء إلى ماضيه"، علل بينيت القرار، وكأنه بلا مهرجان بكلفة 10 مليون شيكل في غوش عصيون، ستضيع العلاقة بين "الشعب" وبين "تاريخه". فما الذي حافظ على العلاقة التاريخية بتلك الاماكن قبل حرب الأيام الستة؟
ان اختيار غوش عصيون، الارض المحتلة التي ترمز إلى بداية الاجرامية المسيحانية، كالمنصة الرسمية لاحياء اليوبيل هو جزء لا يتجزأ من التزوير الذي بواسطته يحاولون ان يفرضوا على الجمهور اجماعا جارفا في المكان الذي يثور فيه الخلاف. بمعنى ان من يسعى إلى احياء الذكرى السنوية للحرب، من سقط اعزاؤه فيها ولكنه يمقت نتائجها على إسرائيل، وهي الاحتلال وقيام دولة المستوطنين – مطالب بأن يأتي إلى المهرجان الذي سيعقد بالذات في قلب الخلاف. ولما كان لا يمكن لنا أن نتوقع من الوزيرين المسؤولين ومن رئيس الوزراء ان يغيروا موقفهم، نقترح هنا على الجمهور الا يتعاون مع هذا المهرجان وأن يدير اقدامه عنه.