من خلال هذا المقال نتعرض معكم لسؤال جوهري عميق لا تكفيه بضع ورقات وإنما يستحق كثير من المؤلفات، كونه منطلقًا رحبا من خلاله يمكننا أن ننجز ما لا نتخيله من أمور .
كيف اعرف نفسي؟
سؤال بسيط التكوين والكلمات، لكنه يجترك بكامل هيئتك ليضعك في أوج ما يمكن أن تتخيله من عمق ومن حال، الكلمات البسيطة عادة ما تخفي وراءها الكثير والكثير، يُستبان منها ملمحًا ما تعتبره هينا لكنه في الأخير يحملك بعيدًا وبعيدًا على حيث لا تدري أهو سؤال أم عقاب أم استطراد بعيد إلى غيابات نفسك المنغلقة والغير قابلة للفهم، كلما قلت الكلمات عظم الفكر والتأمل القابع ورائها، هل ترى أحدهم ينفس نارًا تموج في داخله إلا بآهات معدودات، آه لا معنى حرفي لها تنفس النار وتكفي لتعبر عن كم المعاني والحرقة والتعقيدات التي يظفر بها داخلك، بعد هذه التقدمة، هل يمكنني أن أجيب على السؤال التالي.. كيف اعرف نفسي؟
نجاحًا مظفرًا كامل الأركان لم يسبق لأحد أن يحققه في معرفة ذاته، نفوسنا ودواخلنا طلسم عظيم وسر ضارب الجذور لا تستطيع معه أن تتعرف ذاتك هكذا بسهولة، فنفسك ليست كتابًا وليست شكلًا ماديًا ثابت يمكنك أن تتعرفه لمرة ثم بعد ذلك تمضي دون أن تحمل أي هم، نفسك هي قلبك تموج بك يومًا بيوم في تقلبات وتنوعات لا يمكنك أن تسيطر عليها، ما كنت تحبه بالأمس صرت لا تطيق رؤيته اليوم وما كنت تعتقده حيال شيء صرت مشككًا فيه اليوم، وهكذا أنت لا تستقر على حال ولا تهدأ، واجم أنت أحيانًا أمام مشهد مضحك، ضاحك أنت أحيانًا أمام مشهد آخر يفترض أنه مبكٍ، قل لي هل معرفة أولية بذاتك يمكنها أن تفي؟! كيف اعرف نفسي؟! كيف أمر إلى فهم علاقاتي المعقدة ؟! هل هذا ممكن ؟!
في طريقك لمعرفة ذاتك لا أحد يمكنه أن يصل إلى درجة قصوى تمكنه من معرفة كل خفايا وزوايا تفكيره، لكننا حتمًا قادرون على الوصول إلى معرفة جزء كبير مما تمثله منطلقاتنا وبالتالي سنصل إلى حالة ربما من الرضا والسكون النفسي، حالة تؤهلنا أن نكون يومًا في مستقبلنا وفي كل ما نصدر عنه من أمور أقرب إلى إحراز شيء من النجاح والوصول إلى حالة لنا جيدة.
كيف اعرف نفسي؟
للإجابة على هذا السؤال يستلزمنا إدراك ماهيته وأهميته، "رحم الله امرؤ عرف قدر نفسه" هكذا ورد هذا الحث على معرفة الذات والسير الحثيث باتجاه موازنتها بالأمور التي ستقدم عليها، لا تضع ذاتك في مقابلة شيء عظيم تدرك كل الإدراك أنك لن تستطيع الإتيان به، إن امتناعك عنه في هذه الحالة ليس فشلا وإنما هو نجاح لك أن عرفت إمكانياتك وجنبت نفسك ضررا ما كان يمكن لك أن تصاب به.
من هنا فتوفير المعطيات التفصيلية عن نفسك هو أساس نجاح بالتاكيد قادم، فبمعرفتك لمعطياتك ستمنع نفسك عن الوقوع فيما يستنزف جهدك وينهي إرادتك، وستتجه بكل ثقة صوب ما تتقنه وتريده لتحقق فيه ما هو مأمول منك من نجاح، ذلك أن جل تركيزك موجه توجيها تاما في اتجاه ما مناسب لك وربما تحبه، كيف تعرف نفسك! سؤال يقودك حتما إلى كل ما معرفة نقائصك وعيوبك لتسددها وتصلحها وتمنع ذاتك مستقبلا من الوقوع في أي شيء يضرك.
كيف اعرف نفسي؟
عن طريق أشياء كثيرة يمكن أن تختبر ذاتك لتتعرف عليها أكثر، فقد يعرف الإنسان نفسه وميوله من خلال طعامه وشرابه وقد يعرفها كذلك من خلال الألوان المفضلة لديه وكذلك قد يعرفها من خلال طريقة نومه ومقدارها وكذلك الموسيقى وأنواعها التي يستمع إليها أو بالأحرى التي يفضلها وغير ذلك من أمور عديدة تختلف فيها أذواقنا أو طرقنا أو العادات الي نعمد إليها،
كيف اعرف نفسي من خلال الألوان
بالنسبة للألوان على سبيل المثال تمكن علماء مختصون في شؤون النفس من تحديد علاقة ما وارتباط ما بين اللون المفضل لدى شخص وما بين شخصيته وسلوكه، حيث تعكس الألوان حسب هؤلاء العلماء جزء ما من شوره تجاه الحياة، فتفصح عن ميوله وجزء من صفاته ومزاجه، فمثلًا الأشخاص الذين يفضلون الألوان الحارة هم الانفعاليون الذين يميلون الى العلاقات الحارة المتقدة والتفاعلية، لذا نجدهم في الغالب كثيري الحركة والنشاط، بينما الأشخاص الذين يفضلون الألوان الباردة هم الإنطوائيون الذين يحبون عادة العزلة والانكفاء على ذواتهم بعيدا عن صخب الناس ومردواتهم، كذلك اللون الأزرق هو لون بارد شخصية جادة حساسة يشير إلى الحب للحياة ولكنه لا يناسب بالتأكيد أصحاب الأعصاب الهادئة.
كيف اعرف نفسي عن طريق اللون الأصفر مثلا هو اللون المفضل لأولئك الأشخاص الذين يمتازون بنظرة حكيمة للحياة، كذلك يمتاز محبو اللون الأصفر بالتفائل والسعادة والمرح والبهجة البادية دوما في جل تصرفاتهم كما يعتبر هذا اللون رمزًا للضوء والثراء، ويمكنه بسهولة شحن صاحبه بالحيوية والنشاط والقدرة على الإبداع ومواجهة الحياة. بينما يرمز اللون الأخضر إلى تلك الشخصيات المتسامحة المتفاهمة والحليمة، تلك التي يمكن الوثوق فيها نظرًا لبساطتها ووضوحها ، ويميز حب اللون الأخضر أصحاب النفوس المرهفة الحس الشاعرية التوجه تلك الأنفس المحبة للحركة والنشاط و الدقة في العمل.
كيف اعرف نفسي عن طريق النوم
يمكننا أن نتوصل إلى ملامح من شخصياتنما عن طريق النوم، فالأشخاص الذين ينامون على ظهورهم مثلًا كالجنود وايديهم على جوانبهم يتميزون بالتأكيد بالدقة والهدوء و الميل إلى التحفظ. بينما الأشخاص الذين ينامون على جنبهم و أرجلهم ممددة و أيديهم الى الأسفل فيتميزون بشخصية متشككة لحوحة. بينما الذين ينامون على بطونهم وأيديهم على الوجه فهم في الغالب اجتماعيين جدًا، في النهاية هلي يمكنني أن أجيب عن هذا التساؤل .. كيف اعرف نفسي؟!
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.