سورة يس هي سورة مكية، نزلت عقب سورة الجن، ونستعرض في هذا المقال معلومات عن سورة يس بداية من سبب تسميتها بهذا الاسم مرورًا بأسباب نزولها
سورة يس هي سورة مكية، نزلت عقب سورة الجن، ويصل عدد آياتها لـ83 أية، فيما يبلغ عدد كلماتها سبعمائة وتسع وعشرين كلمة تقريبًا، ونستعرض في هذا المقال معلومات عن سورة يس بداية من سبب تسميتها بهذا الاسم مرورًا بأسباب نزولها، وصولًا إلى قصة أصحاب القرية.
سورة يس
تعد سورة يس هي السورة رقم 36 في ترتيب المصحف الشريف، وقد نزلت هذه السورة قبل الهجرة النبوية الشريفة من مدينة مكة المكرمة للمدينة المنورة، ويسبقها في ترتيب المصحف الشريف سورة فاطر، فيما يليها سورة الصافات.
سبب تسمية سورة يس بهذا الاسم
يعود سبب تسمية سورة يس بهذا الاسم، نظرًا لأنها بدأت بقوله تعالى يس، وتعددت التفسيرات حول معنى كلمة يس في البداية.
وفسر البعض أن السورة تبدأ بحروف متقطعة التي تبدأ العديد من سور القرآن الكريم بها، وتمثل تحديًا للعرب الذين أُنزل عليهم كتاب الله، وهم أهل البيان والفصاحة ويتحدثون اللغة العربية، وكأن الله يُخاطبهم ويقول لهم: هل تعرفون هذه الحروف؟، إنها حروف لغتكم العربية التي تتكلمون وتتواصلون بها وتتفاهمون.
ويظهر في ذلك مدى إعجاز القرآن، وتأكيدًا على عجزهم عن الإتيان بكتاب مثل القرآن أو حتى سورة واحد مثله.
على الجانب الآخر، ذهب بعض العلماء للتأكيد على أن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، هو المقصود بـ(يس)، وقال أحد العلماء، إن يس تعني يا رجل أو يا إنسان، وقال الواحدي إن المقصود بها يا إنسان، أي المعني بهذا النداء هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وشدد أبو بكر الوراق، على أن معنى يس يا سيد البشر.
ورجح بعض العلماء، أن يس هو أحد أسماء الله سبحانه وتعالى، وقال بعض العلماء، إن يس يعني يا سيد، فيما قال كعب، إن يس يعني قسم أقسم الله به، ويتوقع الزجّاج أن يس المقصود به يا محمد.
كما اختلف العلماء عن أصل لفظ وكلمة يس، وهل هو عربي أم لا؟، حيث أكد عدد من العلماء، ومنهم سعيد بن جبير وعكرمة، أن لفظ يس حبشي، فيما اعتبر البعض أنه لفظ سرياني تحدث به عدد من العرب، وبات بعد ذلك جزء من اللغة العربية، وأوضح الشعبي أن كلمة يس بلغة طيء.
موضوعات سورة يس
قامت سورة يس بمعالجة العديد من الموضوعات، ومنها:
• الحديث عن القرآن الكريم، ومبعث سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، لكافة الناس نبيًا ورسولًا.
• قصة أصحاب القرية التي جاءها المُرسلون.
• العمل على ترسيخ قواعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يملك النفع والضُر سوى الله سبحانه وتعالى.
• الحديث عن إحياء الموتى والبعث، ومبعثهم حتى يحصلوا على جزاءهم.
• إظهار جزاء أهل الجنة، حيث أنهم يتمتعون هو وأزواجهم بمقامهم في جناتهم.
• أحقية الكاذبين للعقاب من الله سبحانه وتعالى، سواء المعجل في الحياة الدنيا أو الآجل في الآخرة.
• لفت النظر إلى نعم الله وآياته، وعظيم خلقه وقدرته، كما أنها أشارت إلى أهمية النفقة في سبيل الله، وضرورة الابتعاد عن الشح والبخل.
• التنبيه إلى قدرة الله وعظمته، وأنه في حالة كان يرغب بحدوث شيء فإنما أمره أن يقول كن فيكون.
قصة أصحاب القرية في سورة يس
جاءت قصة أصحاب القرية في سورة يس من الآية رقم 13 حتى الآية رقم 30، وتتحدث الآيات عن أهل قرية، ولكن لم يتم تحديد اسمها، وهذا يعد من أسلوب قصص القرآن الكريم، حيث أن القصص القرآنية التي توجد في الآيات لا تهتم غالبًا بالأشخاص، إلا أن القصد الأساسي منها هو أخذ العظة والعبرة.
ويستفيد المسلمون دروسًا من القصص القرآنية من الأمم التي سبقتهم، حتى يتعظون، ويبتعدون عن أي مواطن الزلل، والأسباب التي تغضب الله سبحانه وتعالى.
كما تهدف القصص القرآنية إلى تعليم المسلمون لسنن الله سبحانه وتعالى في الكون من مواطن القوة وقواعدها، والاستفادة من كل من سبقهم والأمم السابقة، ويأخذوا بالقوة وأسبابها ويقومون بالتمسك بها، ويعرفوا الخلل والعواقب الناتجة عنه؛ فيتجنبوه وينتبهوا إليه ويبتعدوا عنه، حيث أن أهل القرية جاءهم المرسلون من عند الله سبحانه وتعالى؛ ليدعونهم إلى الإيمان بالله.
وتبرأ أهل القرية من المرسلين، وما يدعون إليه في حياتهم ونجاتهم في الحياة الدنيا والآخر، إلا أن حالة العناد الشديدة والبعد عن الإيمان أوصلت إلى الكفر، فلا يجتمع العناد مع الإيمان، والملحوظ في قصص الأولين أن حالة العناد كانت رفيق الكفر وقرينه، حيث أنه تقديم للهوى والضلال على الإيمان، فيعلم الإنسان بداخله الحق والصواب، ولكن العناد يبعده عنه، بالرغم من قناعاته بطريق الحق.
وفي أثناء النقاش بين أهل الإيمان أي المرسلين، وبين أهل الكفر والعناد أي أهل القرية، يظهر في القصة مشهدًا جديدًا يجعل القارئ والمستمع للآيات، يشعر وكأنه كان حاضرًا لهذه الأحداث، فخلال دعوة الرسل لأهل القرية بالإيمان بالله الواحد الأحد، وسط إصرارهم على الكفر، يأتي رجل رشيد عاقل، وكأنه يدخل إلى المشهد بشكل سريع، لإشفاقه على أهل القرية الغارقين في ظلمات الكفر، وظلمهم لأنفسهم.
ودعاهم هذا الرجل وهو حريص عليهم ويريد لهم الخير، إلى الإيمان بما جاء به المرسلون إلى القرية وإتباعهم، ويبين على أنه لا يستحق إلا عبادة الله سبحانه وتعالى الخالق جلّ وعلا، الخالق، الرزاق، النافع والضار، ثم أعلن إيمانه الثابت الغير قابل للشك أو التردد.
وتسرد عقب ذلك الآيات الجزاء وخاتمة القصة السعيدة، التي تمثل صراعًا قويًا بين الحق والباطل، فيستحق هذا الرجل الجنة فيقول ليت قومه يعلمون هذا الجزاء، والتكريم الراقي الذي يحظى به، ويا ليتهم يعلمون بما يرفع الإيمان صاحبه؛ فيرقى في الجنات والنعم، نتيجة إيمانه بالله سبحانه وتعالى، ونصرة الحق وأهل الحق.
وتنتقل بعد ذلك الآيات، من أجل بيان جزاء وعقاب الطرف الآخر، عقب عرض جزاء أهل الحق، وأظهرت عقاب أهل الباطل، وجزاء المعاندين؛ الذين يصرون على الكفر بالله، فاستحقوا عقابهم وعذابهم جراء العناد والكفر بالله.
وتنتهي آيات القصة بالتحسر على أهل الكفر والعند، بعدما نالوا جزءً من عذابهم المعجل في الحياة الدنيا، وفي الآخرة هم خالدون مخلدون في العذاب، بسبب كفرهم وعنادهم.