الولادة الطبيعية هي عملية فسيولوجية يتم فيها خروج الجنين الذي اكتمل نموه من رحم الأم إلى الحياة، وتعتبر من معجزات الله عز وجل في خلقه وقد وردت آلامها في القرآن الكريم في وصف حال السيدة مريم في قوله تعالى: "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" سورة مريم الآية 23.
وتأتي آلام الولادة الطبيعية في المرتبة الثانية بعد آلام الحرق حيًا، وأشار بعض العلماء أن ألم الولادة يكافئ كسر ما يقارب من 42 عظمة ومفصل بدايةً من أول مراحل الطلق وحتى نهاية المخاض وخروج الجنين، وسنتناول في موضوعنا اليوم أهم علامات وأعراض الولادة الطبيعية ومراحلها الثلاث، كما سنتطرق إلى الوسائل الطبيعية والطبية الناجحة للتخفيف من حدة هذه الالآم خلال فترة الحمل وأثناء عملية الولادة نفسها.
علامات وأعراض الولادة الطبيعية
على الرغم من التطور الكبير في أجهزة الكشف المتاحة حاليًا على المرأة الحامل وجنينها، إلا أنها قد تخطئ وقد تصيب في بعض الأحيان في تحديد موعد الولادة بالضبط، ولكن هناك مجموعة من الأعراض والتغيرات التي تطرأ على الأم والجنين يستطيع الطبيب من خلالها توقع موعد تقريبي لعملية الولادة، ويتم تقسيم هذه التغيرات الفسيولوجية إلى ما يلي:
تغيرات لدى المرأة الحامل
• يبدأ عنق الرحم لدى الأم يتسع قليلًا كلما اقترب موعد الولادة، وذلك استعدادًا لخروج الجنين، ويمكن ملاحظة ذلك على هيئة بعض الافرازات المخاطية تخرج من فتحة المهبل والتي يميل لونها إلى الاحمرار، فأثناء شهور الحمل يحيط بعنق الرحم من الداخل طبقة مخاطية سميكة تحافظ على الحمل والجنين لحين اقتراب مواعد الولادة، حيث تنزلق وتندفع هذه الطبقة للخارج مسببة هذه الافرازات.
• يمكن أن تلاحظ المرأة الحامل خروج كمية كبيرة أو نقاط بسيطة سائلة من المهبل نتيجة لتهتك الطبقات المحيطة بالجنين ونزولها عبر فتحة المهبل إلى الخارج.
يجب ملاحظة أن هذه الأعراض السابقة يمكن أن تحدث قبل موعد الولادة بأيام قليلة أو قبلها مباشرةً، ومن المتوقع حدوثها أثناء عملية الولادة الطبيعية أو بعدها.
• شعور الحامل بمجموعة من الانقباضات المنتظمة والمتكررة على هيئة بعض التقلصات في أسفل الظهر والبطن (تشبه إلى حد كبير آلام الحيض)، يمكن أن يستمر الألم لمدة دقيقة أو أقل مع احساس بتحجر في البطن.
تغيرات لدى الجنين
قد يتوقع الطبيب اقتراب موعد الولادة الطبيعية عن طريق التغييرات التي تحدث في وضع الجنين داخل الرحم، حيث يلاحظ أثناء الكشف بالأشعة التلفزيونية اتجاه رأسه ناحية أسفل الحوض، ويمكن للمرأة الحامل الشعور بذلك حينما تجد نفسها قادرة على التنفس بشكل طبيعي أكثر من ذي قبل.
مراحل الولادة الطبيعية
كل سيدة حامل تظل طوال فترة الحمل تفكر في أمر الولادة، وعن كيفية حدوثها والالآم المصاحبة لها، وقد ينتابها نوبات من الخوف والقلق تجاه عملية الولادة الطبيعية بسبب ما يتم تداوله بين معظم النساء والخبرات التي مررن بها أثناء هذه اللحظات، لذا سوف نوضح مراحل الولادة بشكل مبسط للتخفيف من هذا القلق والتوتر فيما يلي:
المرحلة الأولى: اتساع عنق الرحم
تمتد هذه المرحلة الأولى من مراحل الولادة الطبيعية من 6-8 ساعات لدى المرأة التي سبق لها الولادة، وقد تبلغ 12 ساعة في المرأة حديثة العهد بالولادة الطبيعية، حيث تحدث مجموعة من الانقباضات المتتالية والقوية التي تساهم في اتساع عنق الرحم إلى أقصى مداه استعدادًا لخروج الجنين.
المرحلة الثانية: خروج الجنين من الرحم
تستغرق هذه المرحلة مع المرأة جديدة العهد بالولادة الطبيعية حوالي ساعتين وأكثر، وفيها يتم الدفع بالجنين إلى الأسفل أثناء الشعور بالانقباضات حتى تسهل عملية خروجه خارج الرحم.
المرحلة الثالثة: نزول المشيمة خارج الرحم
آخر مرحلة من مراحل الولادة الطبيعية تقوم انقباضات الرحم المستمرة بعد خروج الجنين بطرد المشيمة خارج فتحة المهبل بعد حوالي 20 دقيقة من لحظة خروج الجنين، ولكن تعتمد مدتها على قوة الانقباضات وعدد تكرارها.
الولادة الطبيعية
يختلف زمن الولادة الطبيعية من سيدة لأخرى، ولكن بصفة عامة يمكننا القول بأن الولادة الأولى للسيدة الحامل قد تستغرق حوالي 12-14 ساعة، أما السيدة التي سبق لها عملية الولادة فيمكن أن تتم خلال 8-10 ساعات فقط.
الطرق التي تساهم في التخفيف من آلام الولادة الطبيعية
هناك بعض الوسائل الطبيعية التي يمكن ممارستها أثناء الحمل للتخفيف من آلام الولادة والطلق، مثل:
تناول كميات كبيرة من العصائر الطبيعية والسوائل كالماء، والتغذية السليمة أثناء فترة الحمل وعدم الإكثار من الأملاح أو الدهون أو الأطعمة الحريفة.
يجب أن تمارس المرأة الحامل أي أنشطة حركية تناسب فترة الحمل مثل القيام برياضة المشي أو متابعة التمارين الرياضية الخاصة بالحوامل في الأندية الخاصة أو على قنوات اليوتيوب المخصصة لذلك.
حديثًا تم اكتشاف طريقة بسيطة للتخفيف من آلام الولادة الطبيعية، وهي الجلوس في ماء دافئ والقيام بتدليك الجسم والبطن وعمل كمادات دافئة على منطقة أسفل الظهر، فهذه الطريقة أثبتت فعاليتها في تقليص مدة الولادة والتخفيف من حدة التوتر والقلق المصاحبين لها.
كما أن هناك وسائل طبية حديثة أثبتت فعاليتها في التخفيف من آلام الولادة بل حتى عدم الشعور بها، نذكر أهمها وهي القيام بتخدير العصب الشوكي للنخاع بالحقن الوريدي أسفل الظهر مباشرةً.
وهذه الوسيلة تعتبر أكثر الوسائل فعالية وأمانًا على صحة المرأة الحامل والجنين، لأن الوسائل الأخرى التقليدية كالتخدير الموضعي للعصب الفرجي أو تخدير أعلى الجافية بواسطة الإحصار قد يكون لها بعض الأعراض الجانبية الغير مرغوب فيها على الجنين، كما أنها قد تصيب الأم بنوبات من الغثيان أو النعاس أثناء عملية الولادة الطبيعية.