البيروقراطية كلمة ذات أصل ألماني متكونة من جزئين، الأول "بيرو" ومعناها الحكم، والثاني "قراطي" وتعني مكتب، والمصطلح كله يعنى "حكم المكتب".
والتعريف العلمي للبيروقراطية عبارة عن تنظيم يسيطر على البنية الخاصة به والعمليات التي ينجزها مجموعة من القواعد التي يتم تدوينها مسبقًا. والأساس في تلك القواعد هو السير وفق مبدأ محدد هو الهرمية سواء على مستوى الأدوار والمهام التي يتم تحديدها بشكل دقيق. وكذلك على مستوى الأفراد الذين يقومون بتأدية عمل مقابل الحصول على أجر.
وهناك مجموعة من القواعد على المستوى الإداي والقانوني تعمل على تحديد العلاقة القائمة بين مختلف المكاتب، والعاملين بها والنظام المتبع في تجنيدهم وترقيتهم.
وتهدف البيروقراطية إلى تنظيم أداء المهام بشكل منظبط دون أي تحيز أو ارتباط بشخص ما، فالأساس دائمًا هو الإدارة القائمة على الأشياء لا على البشر.
مفهوم البيروقراطية:
تتعد وتتنوع مفاهيم البيروقراطية، فهناك حوالي 7 مفاهيم للبيروقراطية يقال أنها حديثة وكل مفهوم ما هو إلا تطوير للمفهوم الذي سبقه، وتتمثل هذه المفاهيم فيما يلي:
مفهوم البيروقراطية الأول:
هذا المفهوم يعتبر البيروقراطية ما هي إلا نوع من التنظيم الذي يتم بشكل عقلي. ومؤيدي هذا المفهوم تأثروا كثيرًا بتفسير ماكس فيبر لمصطلح البيروقراطية. وكان لديهم محاولات في التوصل لصيغة في فهم طبيعة العلاقة بين أهم سمة مميزة لنظام الرأسمالية وهي العقلانية، وبين الخصائص المحددة لفيبر فيما يخص البيروقراطية. وأبدى هؤلاء العديد من الاستفسارات حول مدى تعبير هذه المجموعة من الخصائص عن نظام الرأسمالية؟
وأكدوا أن العلاقة الضرورية تنعدم تمامًا بين مبدأ العقلانية وتلك الخصائص، إذ أن كل منهما لا يعبران عن معنى البيروقراطية وتعريفها. ويجب الالتفات إلى أن البحث العلمي هو من يحدد طبيعة العلاقة بين الخصائص الخاصة بأي نظام اجتماعي وكذلك النتائج التي يمكن أن تترتب عليه. وبصفة عامة فإن البيروقراطية من خلال هذه الرؤية إنما تؤكد على نموذج رشيد للتنظيم يتناسب بشكل جيد مع الرغبة في الاستقرار وكذلك الكفاءة على المستوى الإداري.
مفهوم البيروقراطية الثاني:
ينظر هذا المفهوم إلى البيروقراطية نظرة لا يملؤها الرضا أو القبول، بل يرى أن هناك تعارض كبير بين البيروقراطية والإبداع على المستوى الإداري. وهذه هي النتيجة التي قام بالتوصل لها ميشيل كروزيه من قبل. حيث يرى أن عملية عرض السلوك البشري بشكل ألي يؤدي إلى عواقب وخيمة أبرزها حدوث خلل ما في الجانب الوظيفي. وذلك لأن البنية الخاصة بالمنظمة تؤدي إلى مزيد من إشراف القادة على مدى انتظام جميع السلوكيات الصادرة عن المرؤوسين.
مفهوم البيروقراطية الثالث:
تكون السلطة الإدارية في هذا المفهوم لطبقة الموظفين، إذ يقوم مجموعة من الموظفيين الذين تغلب عليهم صفة الرسمية بدور الرقيب على النظام الحكومي. ويكون لدى هؤلاء الموظفين سلطة تقلل من حرية الكثير من الأشخاص العاديين. وتسيطر على الجهاز الإداري في هذا النظام رغبة ملحة في اللجوء إلى الأساليب التي يغلب عليها الطابع الرسمي في عملية الإدارة وكذلك اتباع مبدأ المرونة لإنجاز كل التعليمات.
كما يلجأ العاملين خلال هذا النظام إلى التأني في عملية اتخاذ أي قرارات وتجنب اللجوء إلى التجربة. ومع الوقت يتحول أفراد البيروقراطية إلى جماعة تقوم باحتكار المهام الحكومية في سبيل إنجاز مصلحة خاصة، إذ يصبح عمل هذه الجماعة هدف في ذاته.
مفهوم البيروقراطية الرابع:
هذا المفهوم استندت إليه بعض الأنظمة الشمولية التي تنظر للبيروقراطية على أنها أحد أنواع الإدارة بمعناها العام.
وبالتالي ينصب الاهتمام على تلك الجماعات التي تقوم بآداء وظائف بشكل أكبر من الاهتمام بهذه الوظائف في حد ذاتها.
وهناك اتجاه لاستخدام البيروقراطية كآداة تحليل في الدراسات القائمة على المقارنة، وذلك لأنها مرتبطة بالإدارة بشكل عام. والعديد من الدراسات المقارنة التي استندت إلى ذلك قامت بتصنيف البيروقراطية ارتكازًا من الوقت الذي تستغرقه في العملية الخاصة بالسياسة.
مفهوم البيروقراطية الخامس:
مفهوم البيروقراطية الخامس أصابه بعض التأثر بالعالم ماكس فيبر، إذ أن البيروقراطية ضمن هذا المفهوم عبارة عن قيام الموظفين بالإدارة. ومن هنا جاء الاهتمام بالكشف عن مدى قدرة النموذج الذي يوصف بالمثالي على تحقيق قدر من الكفاءة، بالإضافة إلى قابليته لفهم جميع الخصائص المتعلقة بالإدارة. ويركز هذا المفهوم على مدى الفعالية التي يحققها الجهاز الذي يدير، ومن هنا حقق هذا المفهوم انتشارًا كبيرًا في مجال الإدارة بشكل يفوق عالم السياسة.
مفهوم البيروقراطية السادس:
البيروقراطية خلال هذا المفهوم لا تقتصر على الجهاز الخاصة بالحكومة، لكنها تمتد لتشمل إرساء العديد من المباديء من أجل تنظيم مجموعة محددة من النشاطات لتحقيق أهداف معينة. ويتسم هذا النوع من التنظيم بوجود تسلسل رئاسي وتباين في الجزء المتعلق بالتخصيص. ومن الملاحظ أن هذا المفهوم يعمل على تعويم البيروقراطية، حيث يصعب القيام بعملية فصل بين التنظيم من جهة والإدارة من جهة أخرى. كما أن جميع المجتمعات تتم هيكلتها في تظيمات قائمة على التباين.
مفهوم البيروقراطية السابع:
وتعتبر البيروقراطية ضمن هذا المفهوم ما هي إلا دلالة على المجتمع في شكله الحديث، مثل ماركس فيبر الذي أطلق حين أطلق عليها مصطلح المجتمعات القائمة على الرأسمالية والتي تعد نوع متقدم من مرحلة ما طبقًا للتفسير الملموس والواقعي للتاريخ. ويتجه مؤيدو مفهوم البيروقراطية السابع إلى المساواة بين الرجال القائمين على الإدارة وأولئك القائمين على السياسة.
إذ أنه لا ضرورة لأن يوجد نوع تقليدي من الثنائية تعمل على الفصل بين الدولة من جهة والبيروقراطية من جهة أخرى. وكذلك لا ضرورة للفصل بين المجتمع من جهة وبين تواجد كم كبير من التنظيمات التي تقوم بتجسيد البيروقراطية في الهيكلة الخاصة بالدولة في ثوبها الحديث.
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.