صادفت يوم امس الثلاثين من اكتوبر الذكرى التاسعة والستين لمجزرة عيبلون، والتي وقعت عام 1948، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء من ابناء قرية عيلبون.
حول تفاصيل المجزرة الرهيبة تحدثت الشمس مع شاهد عيان السيد حبيب زريق – ابو زياد (95 عاما)، والذي سرد تفاصيل مقشعرة لما حدث في ذلك اليوم المروع: "كان عمري 26 عامًا حينها في ذلك اليوم الأسود، يوم حصول تلك المجزرة الرهيبة، والتي ما زالت تفاصيلها ماثلة امامي حتى اليوم، لشدة وقعها، حيث كنت شاهدًا على معظم تفاصيلها".
وبصوته الحزين روى تفاصيل ما حدث: "يومي التاسع والعشرين والثلاثين من شهر اكتوبر عام 1948 كانت اياما سوداء بكل معنى الكلمة، على جميع المواطنين العرب هنا في هذه البلاد، خاصة على اهالي عيلبون، 14 ضحية سقطوا من اهالي عيلبون اثر المجزرة حيث اعدموا بدم بارد، فكان يومًا حزينًا على جميع اهالي عيلبون".
واضاف بتأثر بالغ: "جيش ما يسمى بالانقاذ تمركز بالقرب من عيلبون، اما الجيش الاسرائيلي فكان يتمركز قبالته في سهل البطوف، وكانت الناصرة قد سقطت بتايخ 07/17، وحينها تراجع ما يسمى بجيش الانقاذ وخيم قرب عيلبون جنوبا، اسمه جيش لكنه لم يكن يملك الكفاءة، ولم يكن على استعداد للقتال او المواجهة، ولم يكن يملك مقومات القتال، وبتاتا لم يكن جيشًا دفاعيًا، والجامعة العربية هي التي كانت مسؤوله عنه، ومن ضمن من كان مسؤولا عنه الملك عبدالله؛ عميل الانجليز بحسب ما قال، حينها عرفنا ان المسألة مبيوعة".
وتابع: "بتاريخ 10/29 ليلا شعرنا ان جيش الانقاذ بدأ ينسحب بهدوء الى الشمال، وعرفنا ان الجيش الاسرائيلي سيدخل، ولشدة الخوف والرعب، بدأ الناس يهروبن، اما انا فدعوت الناس ان لا يهربوا ويبقوا، فلم اكن اتوقع من جيش يخرج من افران المانيا ويتعرض للحرق هناك، ان يقدم على اعمال همجية بحق قرية صغيرة وادعة سلمت نفسها".
واسترسل: "دخل الجيش الاسرائيلي البلدة الساعة الخامسة صباحا، وكان معظم الناس في الكنائس، فهجموا على الكنائس خاصة الكنيسة الكاثوليكية، وطلبوا من الناس الاجتماع في الساحة العامة، بعدها بدأوا باطلاق النار على الناس الذين كانوا ذاهبين وكنت من ضمنهم، فجرح اثنان وقتل شخص اسمه عازر امام الناس في الحي، واعادوا اطلاق النار على راسه مرة اخرى".
واضاف: "اختار قائد الجنود مجموعة عشوائية من الناس قرابة 18 شخص للخروج، ولم نكن نعرف لماذا، اما بقية الناس فامروهم ان يمشوا امام الجيش الى المغار، بهدف حماية الجيش من اي لغم او اطلاق نار، وكنت من ضمنهم مع زوجتي وابنائي الاثنين، لكن الخوارنة طلبوا ابقاء النساء الا ان الجنود لم يقبلوا، وامروا الجميع بالخروج، فمشينا تحت اطلاق النار، واخذونا الى المغار، خلالها كان اطلاق النار وجرح منا العديد، في المغار وعند وصولنا وجدنا الناس مجمعين بجانب المدرسة الحكومية بجانب الشارع، طلب الجيش من الدروز ان يكونوا في جهة والمسلمين والمسيحيين في جهة اخرى، لكن حسين الوحش وهو زعيم درزي رفض هذا الطلب، وقال اما ان نبقى مع بعض او نرحل مع بعض، فتشاوروا فيما بينهم وعفوا عن المسيحيين والمسلمين في المغار، اما نحن فاخذونا معهم، وما حصل في عيبلون انهم اخذوا 18 شخص ووزرعوهم على شوارع البلد، اخذوا 5 على شارع معين، وقسموا الباقين، وارادوا قتل الخمسة، لكن احد الجنود طلب من يسوق السيارة امام الجيش، حتى اذا كان لغم ان يتفجر بهم، ومن الاشخاص الخمسة كان فرح زريق وكان سائقًا، وكان منهم اخي وابناء عمي الذين مشوا امام الجيش الى مجد الكروم، وهناك نجوا وانضموا الى عيبلون فيما بعد، لكن من بقي في عيلبون وزعوا على الشوارع وقتلوهم واحضروا اناس من المغار، ووضعوهم في مقبرة واحدة".
وتابع: "خلال رحيلنا اطلقوا النار علينا عند فراضية قتلوا خلالها اسماعيل شوفاني، وبقي ملقى هناك حتى اليوم الثاني حتى احضر ونقل الى عيلبون، وكنا 45 شخصا بقينا في المعتقل لمدة ستة شهور، ثم افرج عنا بتاريخ 2 ايار عام 49 ووصلنا الى عيلبون، وكان مشهدًا حزينًا حين دخلناها، حيث قتل من قتل وشرد من شرد وهرب من هرب الى مخيمات لبنان منهم زوجتي وابني زياد 3 سنوات وابنتي لميس8 اشهر الذين عادوا بعد قرابة شهرين".