كتب د. منصور عباس نائب رئيس الحركة الإسلامية يوم امس مقالا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، عقب من خلاله حول الشجار الذي حصل في المدرسة الثانوية في المغار، بين مجموعة من الطلاب، جاء فيه:
شهدت المدرسة الثانوية في بلدي المغار يوم أمس الاثنين احداث عنف مؤسفة ومدانة، رافق هذه الأحداث اصطفاف مقيت ومستهجن لمجموعتين من طلاب المدرسة ممن ليسوا جزء من المشكلة الاساسية، وهم لا يمثلون الا أنفسهم وما هم الا حفنة قليلة من طلاب المدرسة البالغ عددهم اكثر من ستمائة طالب وطالبه، وقف معلمو المدرسة بأجسادهم وفدٓوا طلابٓهم بأنفسهم وقد أصيب منهم عدد وهم يمنعون الطلاب عن عنفهم.
تابعت الأحداث من قريب مع قيادات البلد، البلدية والدينية والتربوية واستمعت لحيثيات احداث العنف من كل الأطراف والجهات المعنية، وحتى لا نخطئ التشخيص وتصويب البوصلة لمكامن الفشل، أقول ان العنف المدان في مدرسة المغار هو نفس العنف الذي ينتشر في مدارسنا وحاراتها وبلداتنا العربية من جنوبها لشمالها، بكل مبرراته المرفوضة وأسبابه الموهومة، في الحقيقة هو نفس الخلل القيمي والاخلاقي والسلوكي المتمثل بعدم الاحترام لحرمة الانسان وكرامته وحقوقه وحياته، وهو عجز في مٓلَكة الحوار والتواصل والتعارف، وهو ضياع للهوية الجامعة والإنتماء الصادق لهذا المجتمع، وهو ضعف في مفهوم سيادة القانون والتزامه وضبطه.
كما ان الاصطفاف المقيت الذي أخذ شكلا طائفيا وما هو بطائفي هو نفس منطق الاصطفاف الذي يأخذ شكلا عائليا وما هو بعائلي او اصطفافا عشائريا وما هو بعشائري او جهويا وما هو بجهوي. أكرر بقول أوضح وأصرح، عندما يصطف عشرات الطلاب من المسلمين الدروز والمسلمين السنّة امام بعضهم، هذا لا يعكس طبيعة العلاقة بينهم في المغار ولا في المدرسة ولا يمثل الغالبية العظمى منهم، بل اكاد اجزم ان العلاقة الثنائية بين الطائفتين السنية والمعروفية في المغار أمتن وأفضل من العلاقات البينية داخل كل طائفة.
لا يمكن تفسير هذا الاصطفاف المقيت الا بضياع الهوية الجامعة للمجتمع العربي، وجهل هؤلاء الفتيان بتاريخ آبائهم وأجدادهم وطبيعة العلاقات الأخوية والإنسانية بينهم، وكذلك حالة الضياع القيمي والاخلاقي وافتقادهم لمعنى العيش الواحد والمصير الواحد، وتحمل المسؤولية تجاه أنفسهم اولا وأهليهم ومجتمعهم.
المغار -بعون الله وتوفيقه وبعزيمة ابنائها جميعا- قادرة على تخطي هذه الكبوة وستتجاوزها بعناد ومثابرة وحكمة وسنحتضن كل شبابنا الشارد عن قيمنا وميراثنا المغاري.
اعلم ان البعض القليل لا يروق لهم هذا الكلام، اما لأنهم يعجزون عن رؤية الصورة الكاملة الواضحة العميقة ولا يفكرون الا في قوالب جاهزة، او من أولئك الذين يريدونها حميَّة جاهلية وطائفية عمياء.
ان الرائد لا يكذب أهله، وان واجبنا ان ننصح لاهلنا جميعا في المغار وفِي المجتمع العربي، وكفانا استهتارا لحاضر شعبنا ومستقبله، ان مسؤوليتنا ان نتابع الأحداث وان نوفر الحلول العملية لتجاوزها.
وان المطلوب غدا ان نعود جميعا لمقاعد الدراسة، ونحضر مع طلابنا الى المدرسة وان نوفر الأمن والامان والوفاق والمحبة ولنقاوم العنف بمزيد من كظم الغيظ والعفو والاحسان وسد ذرائع العنف والإفساد.
خلال اليومين عقدنا جلسات متعددة لإيجاد الحلول العملية لطلابنا في المدرسة سواء على مستوى الكادر التدريسي ولجنة الأهالي في المدرسة، المجلس المحلي والشرطة، وستتابع القيادات الدينية والمجتمعية الوضع في المدرسة والبلد عموما. .
دامت المغار واهلها بخير