صباح الخير يا وطن

تابع راديو الشمس

صباح الخير يا وطن

صباح الخير يا وطن

بقلم: الشيخ عبد الله نمر بدير -

ناشط اجتماعي وعضو في اتحاد الكتاب الكرمل القطري وإمام مسجد سابق 


حملتُ قلمي لأكتب ولو شيئاً لإنعاش الذاكرة وتصحيح المسار. 

بعد أن قرأتُ الكثير مما يُكتب وكُتب، فلم أجد شيئاً إلا وكُتب عنه بإسهاب أو مختصراً، إلا شيءٌ واحد. الموت إن طال العمر أو قصر ظَلمَ فيه الإنسان أو ظُلم، هُزم فيه أو انتصر، فالنهاية واحدة، الفناء والرحيل، والوقوف بين يدي الله، لنيل الجزاء الجنة أم النار.


فنظرت إلى الصراع القائم في الوطن العربي والإسلامي وسفك الدماء والخراب والدمار، الذي لحق بهذه الأوطان ولا زال، ونتج عن ذلك التشريد والفرار، وتغيَّر الحال إلى الحال، تمنى من أصابهُ ذلك، لو بقي على ذاك الحال الذي سبق هذا الحال، مع ما كان فيه من ضيمٍ وغبنٍ على قِسم من الناس، وظلمٍ وجوّرٍ طال الجميع، ولكن هذا أفضل من هذا الحال، وما وصلنا إليه من حال !! انقسم الناس بآرائهم وأفكارهم واجتهاداتهم، هذا مع هذا وهذا مع ذاك، ونسوا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "ما من يومٍ يُمرُ إلا والذي يليه أشرٌ منه" ونسو كل الذين يشاركون في هذه الفتنة وشاركوا، مصيرهم في النهاية إلى الموت والهلاك، المنتصر منهم والمهزوم معاً .

 

ونسوا كل الذين دخلوا في الفتنة سواءً كانوا يحملون السلاح أو يكتبون بأقلامهم أو يتشاركون بتقاريرهم، ويعملون بإعلامهم، كلهم إلى النار لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل يا رسول الله فما بال المقتول، قال لأنه كان حريصاً على قتل أخيه، ونسي كل من شارك في هذه الفتن ( قول الله عز وجل) في هذه الآية :(وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ). وقوله (ص) : ( الفتنة نائمةٌ لعن الله من أيقظها ).

 

يا أسفي ويا حزني الشديدين على هذه الأمة أننا وجدنا في زمن الفتن، التي وصفها الرسول الكريم في حديث صحيح: فتنٌ كقطع الليل المظلم يصبح المرءُ مؤمناً ويمسى كافراً، فإذا رأيتَ شحاً مطاع، وهواً متبعاً، وإعجابُ كل ذي رأي برأيهِ، فعليك بخوّيصة نفسك والزم بيتك وأبكي على خطيئتك". 

 

هذا الزمن الذي نعيش فيه، رجال دين ومشايخ امتهنوا الكذب على الله ، وباعوا دينهم بعرضٍ قليل من الدنيا، واعتلوا المنابر يسبون على بعضهم بعضاً وكُلٌ يلهث خلف الدولار والدينار، ونسوا أنهم في النهاية مصيرهم الموتُ والهلاك إن كان موالياً أو معارضاً.

 

وبدلاً من أن يعظوا الناس ويدعونهم أن يتجنبوا الفتن ويعضّون على جذع شجرة بنواجذهم، وهم يقولون ربنا الله . سلّم .... سَلَمَ وراح من يملك المال يوزَعهُ ذات اليمين وذات الشمال، ويشتري به الذمم من علماءٍ وكتابٍ ونخبةٍ، حتى وصل الأمر لشراء العوام يشجعونهم.

 

اذهب وقاتل وجاهد وقاتل أخاك ولك في نهاية الشهر، الراتب والمهية والغنائم ، فيذهب ويقاتل ويطلق ذقناً كثاً، يُهيئ لهُ أنه إذا قُتل فالحور العين بانتظاره، ما أجهل هؤلاء القوم وما أغباهم صدقت يا رسول الله " سيأتي على الناس زمانٌ القابض على دينه كالقابض على الجمر" ألم يكفي بالمرء هذه الآية الكريمة : (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ).

 

أليس هذا القول من رب العالمين وكتابه العزيز بأن يكون كافياً أن لا يعتدي الإنسان على أخيه الإنسان ظلماً مهما كانت عقيدته ودينهُ، لأن الآية الكريمة تحدثت عن النفس عامةً ولم تتحدث عن نفسٍ من هذه العقيدة أو تلك.

 

وهل وصاكم عمر رضي الله عنه في وصيةٍ له أن أقيموا بعدي ألوية باسمي وسائر الصحابة تقتلون الناس جزافاً وتحرقونهم بالنار جزافاً أيها الطغاة حتى وإن كان من عدوك ووقع في أسرك، وجب عليك المحافظة عليه، يأكل مما تأكل ويسكن كيف ما تسكن، وأن لا تهينه ولا تؤذيه أين أنتم من الإسلام يا من ترفعونه شعاراً لكم، لأن هذه الأمور هي من قواعد الإسلام المتينة.

 

لو اتبعتم الإسلام ونواهيه وأوامره، لتبعكم القسم الأكبر من الناس، لأن الإسلام جاء رحمة للعالمين، ليؤسس للبشرية عامةً الأمن والأمان، والرخاء للناس، حتى لا يبقى ظلمٌ ولا جورٌ، ليس المسلمين بينهم وبين بعضهم فقط، بل أيضاً كل من يقطن معهم ويجاورهم من غير المسلمين.

 

من قال أنكم تقيمون الخلافة الإسلامية على نهج النبوة، وهل الخلافة الإسلامية على نهج النبوة تقوم بسفك الدماء؟ وعلى جماجم الناس؟ فالخلافة على نهج النبوة لا تقوم إلا على التسامح والمحبة بين كل الناس، والتراحم، قال الله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ). فنهج النبوة كان متسامحاً يصفحُ عمن أذى، هذا هو النهج وهذا الدين الصحيح. 

 

ومثلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مكة قال قولهُ المشهور " من دخل الكعبة فهو آمن ومن بقي في بيته فهو آمن، ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن مع أن أبا سفيان لم يكن قد دخل في الإسلام بعد.


وعندما سألوه صلى الله عليه وسلم ماذا أنت فاعلٌ بنا أخٌ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء، حبيبي يا رسول الله هذا هو النهج الصحيح لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).


وليس النهج بسفك الدماء وقتل الأبرياء وتشريد الناس الآمنين من بيوتهم، وهدم المساجد وحتى قبور الصحابة والأولياء لم تسلم من عبث هؤلاء القتلة والمجرمين الذين لا يمثلون الإسلام لا من بعيد ولا من قريب.

 

إذا كان الله عز وجل هو أول من أرسى قواعد الحرية والاختيار للبشرية بقوله: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (وجاءت آيةُ أخرى ) فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ( انظروا إلى هذه الآية حريةٍ واختياراً أعطاهُ الله للناس لم يُرغم أحداً على شيء بل أراد الله من الإنسان أين يسلك الطريق الذي يَرغبُ فيه إن أراد أن يكونَ من أهل الجنةِ فليعمل لها !! وإن أراد أن يكون من أهل النار فلا حجةٌ لهُ على الله، فذلك خيارهُ، بل بالعكس إن هؤلاء اختاروا الدنيا فيمدُ لهمُ الله في متاعها ونعيمها وليس لهم في الآخرة من خلاق أي من نصيب، وجاءت الآية الكريمة تخبرنا بقوله عز وجل: (كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا )، (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ).

 

وفي نهاية مقالي أتوجه بنصيحتي إلى كل من يشارك في هذه الفتن يحمل سلاحاً أو قلماً أو داعياً أو إعلامياً، أن يعود إلى رشده وليتقي الله في يوم تسوّد فيه وجوه وتبيض فيه وجوه، قال الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). 

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول