اصدرت مؤسسة الضمير بيانًا بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، جاء فيه:
تؤكد مؤسسة الضمير في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب على استمرار القوات الاسرائيلية، بممارسة كافة أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وعائلاتهم، وتتعمد سلطات الاسرائيلية تعذيب الأسرى والأسيرات الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم بشكل ممنهج ينافي كافة المعايير والقوانين الدولية.
يعاني الأسرى والأسيرات الفلسطينيون من التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة منذ اللحظات الأولى للاعتقال، حيث يقوم جنود اسرائيليون باقتحام المنازل في جنح الظلام أو في ساعات الفجر الأولى لتنفيذ عمليات الاعتقال بشكل مفاجئ وعنيف، يتم فيه تعريض المعتقل وكافة أفراد عائلته للتعذيب النفسي، وفي عديد من الحالات يتم الاعتداء الجسدي على المعتقل وأفراد عائلته، إضافة إلى تخريب ممتلكات المنزل. وفي حالات أخرى تتم عملية الاعتقال عبر حاجز تفتيش حيث يقوم الجنود بتوقيف المعتقل واعتقاله وتجريده من كل أغراضه، دون أن يسمحوا له بإبلاغ أي من أفراد عائلته أو التواصل معهم، أو خلال مرور المعتقل للسفر عبر المناطق الحدودية والمعابر، دون إعطاء أي سبب للاعتقال. ومع اختلاف أزمنة وأماكن الاعتقال، فإن سياسة الاحتلال في الاعتداء على المعتقلين أثناء عملية اعتقالهم حتى وصولهم إلى مركز التوقيف أو التحقيق، هي سياسة ممنهجة تمارس على جميع أفراد الشعب الفلسطيني دون أي استثناءات متعلقة بجنس المعتقل او عمره أو حالته الصحية.
يتعرض الاسرى والمعتقلون الفلسطينيون للتعذيب النفسي والجسدي
غالبا ما يتعرض الاسرى والمعتقلون الفلسطينيون للتعذيب النفسي والجسدي بشكل أكبر أثناء التحقيق، الذي ممكن أن يستمر لمدة تصل إلى 60 يوماً، يتعرض فيها المعتقل لأشكال متعددة من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، سواء كانت جسدية أو نفسية، مع إمكانية منع المعتقل من زيارة محاميه لمدة تصل الى 60 يوماً متواصلاً.
إن حق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في عدم التعرض للتعذيب هو حق أساسي وغير قابل للتجزئة، وهو حق مكفول لهم ولجميع البشر، بغض النظر عن سبب اعتقالهم. إن دولة الاحتلال تخضع لالتزامات قانونية دولية لا جدال فيها كونها دولة طرف في أهم المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تحمي وتضمن هذا الحق، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي تضمن عدم تعرض الأسرى والمعتقلين لأي شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
لا تقوم القوات الاسرائيلية بإبلاغ المعتقلين الفلسطينيين عن سبب اعتقالهم، ولا يتم إبلاغهم أو عائلاتهم بأماكن اعتقالهم، ومن الممكن أن يقوم جنود اسرائيليون بإجبار المعتقلين على الوقوف أو الركوع لفترات طويلة على أرضية الجيب العسكري أو في المعسكر الذي ينقلون له، وأحياناً مع إجبارهم على إبقاء رأسهم إلى الأسفل، ثم يتم نقلهم إلى مراكز التحقيق، وقد تستغرق عملية النقل عدة ساعات يقوم جنود الاحتلال خلالها بالاعتداء وإهانة وضرب المعتقلين.
وعند وصولهم إلى مراكز التحقيق أو مراكز الاعتقال، يتم احتجازهم في زنازين انفرادية أو نقلهم مباشرة إلى التحقيق، وأثناء جلسات التحقيق يتعرض المعتقلون إلى العديد من أشكال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة نفسياً وجسدياً، وتشمل هذه الأساليب ما يلي:
أساليب التحقيق المعتادة:
-الحرمان من النوم عن طريق جلسات تحقيق مستمرة تصل الى 20 ساعة، تكبل المعتقل أثناء فترة التحقيق، شد القيود لمنع الدورة الدموية من الوصول لليدين، الضرب والصفع والركل والإساءة اللفظية والإذلال المتعمد. بالإضافة الى التهديد باعتقال أحد أفراد أسرة المعتقل، أو التهديد بالاعتداء الجنسي على المعتقل أو أحد أفراد أسرته، أو التهديد بهدم المنازل أو التهديد بالقتل، الحرمان من استخدام المراحيض، والحرمان من الاستحمام أو تغيير الملابس لأيام أو أسابيع، والتعرض للبرد الشديد أو الحرارة، والتعرض للضوضاء بشكل متواصل، والإهانات والشتم والتهديد وغيرها.
- أساليب التحقيق العسكري: هي أساليب تستخدم في حالات تسمى "القنبلة الموقوتة" ومبررة قانونياً تحت شعار "ضرورة الدفاع" ومنها: الشبح لفترات طويلة، حيث يتم إجبار المعتقل على الانحناء إلى الوراء فوق مقعد الكرسي مما يسبب آلام ومشاكل في الظهر، أو الوقوف لفترات طويلة مع ثني الركب وإسناد الظهر على الحائط، كما يتم استخدام أسلوب الضغط الشديد على مختلف أجزاء الجسم، بالإضافة إلى الهز العنيف والخنق بعدة وسائل وغيرها.
- داخل الزنازين: فترات طويلة من الحبس الانفرادي في زنازين صغيرة خالية من النوافذ وباردة جداً، والحرمان من النوم والحرمان من الحق في منتجات النظافة الأساسية والطعام والشراب النظيفين.
إن استخدام الضغط الجسدي ضد الأسرى والمعتقلين أصبح أقل شيوعاً منذ قرار المحكمة العليا للاحتلال لعام 1999 في اللجنة العامة لمناهضة التعذيب، الذي فرض بعض القيود على استخدام اجهزة الاحتلال للتعذيب أثناء التحقيق، ومع ذلك سمح باستمرار استخدام "الضغط البدني المعتدل" في حالات "ضرورة الدفاع" وفي حالات "القنبلة الموقوتة"، وذلك بموجب قرار محكمة. على الرغم من حكم المحكمة، يواصل محققو الاحتلال في استخدام أساليب التحقيق المحظورة، وبما أنه بإمكان سلطات الاحتلال احتجاز المعتقلين بشكل قانوني لمدة تصل إلى شهرين، فإن محققو جهاز الشاباك قادرون على استخدام أساليب التعذيب دون عقاب.
الطالب عمر الكسواني تعرض للعذيب أيضاً:
اعتقل الطالب عمر الكسواني من حرم جامعته يوم 7 أذار 2018 عند حوالي الساعة الرابعة عصراً، وخلال اعتقاله تم الاعتداء عليه من قبل الوحدة المستعربة، حيث لكمه أحد المستعربين في وجهه، واستمر الضرب لحوالي 2-3 دقائق من قبل 5 أشخاص، وتلقى أيضاً صاعقات في كافة أنحاء جسمه باستخدام عصى كهربائية، وضرب بالأرجل على الظهر والوجه وكل انحاء الجسم.
وقال الكسواني لمحامي الضمير الذي زاره في سجن عوفر أنه تعرض أيضاً للضرب في السيارة التي نقلته ووضع وجهه على أرضية السيارة، وتلقى الشتائم البذيئة على عائلته، وخلال عملية النقل تم تكبيله للخلف باستخدام قيود بلاستيكية، وتم تغميض عينيه. أبقوه ربع ساعة على الأرض قبل نقله في جيب عسكري آخر إلى معسكر لم يستطع تحديد مكانه، وأبقوه في المعسكر على كرسي في العراء وكان الطقس بارداً جداً. بعد وصول المعتقل الكسواني إلى مركز تحقيق المسكوبية عند الساعة العاشرة ليلاً، كان مسؤول ملفه في المخابرات يحمل اسم "فؤاد" وقد باشر بالتحقيق معه منذ لحظة وصوله. نقل بعد التحقيق إلى زنزانة بحجم 2*2 متر، فرشة على الأرض مع بطانيات وجورة في الأرض لقضاء الحاجة، مع رائحة كريهة والمكيف بارد جداً.
قامت القوات الاسرائيلية باعتقال والدته وإحضارها إلى مركز تحقيق المسكوبية بعد أسبوع من اعتقاله، وبعد أن عرف أنها موجودة في التحقيق اضطر تحت الضغط للاعتراف بالشبهات المنسوبة له، وهنا بدأ التحقيق معه لساعات متواصلة ودون نوم، ونتيجة هذا التعذيب دخل إضراباً مفتوحاً عن الطعام ل 13 يوماً.
في كل جولات التحقيق كان مكبلاً للخلف بالكرسي، وكانت جولات التحقيق تصل إلى 20 ساعة متواصلة، وقد تسبب له ذلك بألم شديد في ظهره ومفاصله، كما ومنع الطالب الكسواني من لقاء محاميه حتى تاريخ 26 أذار، وعند نهاية التحقيق نقل إلى سجن عوفر قرب رام الله.
ومن الجدير بالذكر أن الاعترافات المنتزعة عن طريق هذه الممارسات غير المشروعة تقبل وتستخدم ضد المعتقل في محاكم الاحتلال، وتعتبر إدانة له أمام المحكمة. وتتعارض هذه السياسات بشكل مباشر مع القانون الدولي، بما في ذلك المادة 2 (1) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي وقعت عليها دولة الاحتلال في 3 تشرين الأول / أكتوبر 1991، والتي تقتضي من أي دولة طرف أن تمنع استخدام التعذيب والممارسات المرتبطة به. وبالرغم من أن هذا الحظر مطلق وغير قابل للانتقاص ولا يسمح "بظروف استثنائية مهما كانت"، فإن دولة الاحتلال تنتهك القانون في كل يوم وتتجاوز كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، وتستخدم مختلف أنواع التعذيب ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين على مرأى ومسمع من كافة الجهات الدولية دون رقيب أو حسيب.
في اليوم العالمي للتعذيب علينا أن نقول لا للتعذيب
حث مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان وفي ذكرى اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب على اتخاذ إجراءات فعليه لإنهاء التعذيب. وتطالب مؤسسة الضمير المجتمع الدولي ولا سيما الأمم المتحدة وكافة الدول الأعضاء التطرق إلى هذه الممارسات غير الإنسانية والتدخل فوراً للضغط على السلطات الاسرائيلية لإلزامها بالقانون الدولي، ومساندة إنشاء لجنة مراقبة مستقلة من أجل التحقيق في جرائم التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ومتابعة حالات التعذيب وسوء المعاملة الفردية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ورفع هذه القضايا إلى السلطات المختصة.
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.