كتب النائب د. يوسف جبارين مقالًا في صحيفة هآرتس، حول تبعات قانون القومية المزمع التصويت عليه واقراره خلال هذا الأسبوع، وورد فيه:
قانون القومية الذي تنوي إسرائيل طرحه لمصادقة الكنيست عليه هذا الأسبوع يهدف إلى مأسسة التمييز ضد العرب قانونيًا، والموجود فعليًا منذ سنوات في مجال الاستيطان، تخصيص الأراضي والوصول إلى السكن. وعمليًا، يريد القانون إقصاء المواطنين من الفضاء بصورة مطلقة بسبب عرقهم فقط. ليس هناك أي ديمقراطية في العالم تتضمن تمييزًا كهذا. البيانات التالية تصف تمييزًا متطرفًا في كل ما يتعلق بمجال السكن والوصول إلى مسكن، وكذلك لتخطيط مكاني معقول.
في بحثي وجدت أنه في (940) بلدة في إسرائيل ـ التي تمتد على حوالي (82) في المئة من أراضي الدولة ـ لا تعيش عائلة عربية واحدة، وليس هناك لأي عربي أي ملكية لشقة فيها. إضافة إلى ذلك، فثمة لجان قبول محلية أو لوائية في هذه البلدات، وهكذا ينجحون في أن يمنعوا فعليًا العرب من السكن فيها. عندما أرادت عائلتان عربيتان السكن في بلدات كهذه، اضطرتا إلى النضال على ذلك في المحكمة، أنا أقصد عائلة قعدان التي أرادت السكن في بلدة كتسير، وعائلة زبيدات التي أرادت السكن في ركيفت.
لهذا المعطى المدهش تنضم حقيقة أن الدولة تدير وتستولي على (93) في المئة من الأراضي الواقعة في حدودها، وبعد المصادرات المكثفة لأراضي العرب في العقود الأولى لإنشاء الدولة، يوجد اليوم فقط حوالي (2.1) في المئة من أراضي الدولة بملكية عربية. هذه الأراضي استنفدت منذ زمن، وهي مبنية في معظمها.
في البحث الذي أجريناه في الأشهر الأخيرة في أوساط أكثر من ألفي عربي في إسرائيل عن مواقفهم في موضوع السكن والهجرة وجدنا أن حوالي (46) في المئة من الشباب العرب يفكرون بالهجرة إلى بلدات فيها أغلبية يهودية، لأنه لا توجد حلول للسكن في بلداتهم. في العقد الأخير تمر البلدات العربية بعمليات اكتظاظ غير مسبوقة بسبب غياب التخطيط المناسب ونقص أراضي البناء والتطوير، والنتيجة هي التحول إلى غيتوات.
طاقة التحمل للبلدات العربية استنفدت قبل أكثر من عقد. وفي الوقت نفسه، سلطات محلية يهودية تعارض انتقال العرب إلى بلدات حضرية مثل العفولة، أو إلى مجالس محلية مثل كفار فرديم. القانون المقترح يعطي شرعية كاملة لهذه البلدات، بل يحث البلدات الحضرية على منع وصول العرب إلى حدودها.
مع أخذ هذا الواقع في الاعتبار، ما هو المجال الممكن المتبقي أمام العرب، سواء أمام الطبقة العربية الوسطى المتطورة أم أمام نصف العائلات العربية التي تعدّ حسب التأمين الوطني أنها تعيش تحت خط الفقر؟ ماذا تبقى من مواطنة العرب في الدولة عندما تمس هذه بالحق الأساسي لهم في الوصول بصورة متساوية في مجال السكن والتطوير؟
قانون القومية يريد حقًا المصادقة على السياسة العنصرية في مجال السكن والتخطيط والاستيطان، وجدت هذه السياسة منذ قيام الدولة. تخيلوا لو أن الولايات المتحدة لا تعطى إمكانية لليهود للسكن في (940) بلدة أمريكية لكونهم يهودًا! تخيلوا لو أن أمرًا مشابهًا حدث في فرنسا أو ألمانيا!
الخطوة المطلوبة هي عكسية: فتح المجالات المغلقة أمام المواطنين العرب، والسماح لهم بالسكن في أي مكان يريدونه. بعد ثلاث سنوات سيكون في إسرائيل حوالي (2) مليون مواطن عربي، في حين أنه في 1949م كان فيها (156) ألف عربي فقط. لم يعد الحديث يدور حول أقلية ضئيلة، بل حول أقلية كبيرة عاملة، أجزاء كبيرة منها هم من المثقفين، ويتقدمون حسب كل المعايير الاجتماعية والاقتصادية. هذه الأقلية لن تتنازل عن حقها في المساواة. وكذلك لليهود، فلهم حق السكن أيضًا في أي بلدة يريدونها بدون استثناء. الفصل على أساس قومي يمس بالمواطنين العرب واليهود، وبجوهر المواطنة بشكل عام. إذا لم نوقف سيل التمييز المكاني، فسينفجر في وجهنا مستقبلًا.