قال مصدر مقرَّب من النظام السوري، مساء الأربعاء 29 أغسطس/آب 2018، إن قوات النظام تستعد لهجوم على مراحل في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها في شمال غرب البلاد، وهي آخر منطقة كبيرة خاضعة للمعارضة المسلحة. وقالت روسيا، الداعم الرئيسي من خارج المنطقة للرئيس السوري بشار الأسد، إنه يجب تصفية المسلحين هناك، ووصفهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأنهم «خرَّاج متقيح». وتركيا متاخمة لإدلب ولها وجود عسكري صغير في المنطقة، وحذرت من شن مثل هذا الهجوم.
تفاصيل الهجوم الأول
وقال المصدر، وهو مسؤول في التحالف الإقليمي الداعم للأسد، إن الهجوم سوف يستهدف في البداية الأجزاء الجنوبية والغربية من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وليس مدينة إدلب نفسها. وأضاف: «اللمسات الأخيرة لأول مرحلة ستكتمل في الساعات القادمة» دون أن يذكر متى سيبدأ الهجوم. وذكر المسؤول أن المرحلة الأولى من الهجوم ستشمل بلدة جسر الشغور وسهل الغاب على الجانب الغربي من أراضي المعارضة وبلدات اللطمانة وخان شيخون ومعرة النعمان في جنوبها. وأضاف أن الجيش وحلفاءه سيُعزِّزون بذلك أيضاً الطرف الغربي لمدينة حلب تحسباً لهجوم من جانب المعارضة لقلب المعادلة. وذكر المسؤول أن المفاوضات ما زالت جارية حول الهجوم بين روسيا وتركيا، وكذلك إيران التي تدعم الحكومة السورية في الحرب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت إن هناك مؤشرات على أن القوات السورية تُعد لهجوم على إدلب.
مخاوف دولية من الهجوم
وأضافت أن ممثل واشنطن الجديد بشأن سوريا جيم جيفري طرح المخاوف المتعلقة بالهجوم المحتمل، خلال اجتماع في الآونة الأخيرة مع سفير روسيا لدى الولايات المتحدة. وقالت: «يُساورنا القلق ليس بشأن هجوم محتمل بأسلحة كيماوية فحسب، وإنما نشعر بالقلق أيضاً إزاء أي نوع من تصعيد العنف في إدلب يعرِّض المدنيين والبنية التحتية المدنية في إدلب للخطر». وأضافت ناورت للصحافيين: «عبَّرنا للحكومة الروسية عن مخاوفنا بخصوص شن أي هجوم محتمل على مستويات عديدة». وحوَّل الأسد أنظاره صوب إدلب، حيث تهيمن فصائل مسلحة عليها، وذلك بعدما حقق انتصارات بدعم روسي في السنوات القليلة الماضية طردت المعارضة المسلحة من مناطق أخرى في سوريا. ولم تعد المعارضة المسلحة تسيطر سوى على إدلب والمناطق المحيطة بها، وكذلك على منطقة مجاورة تحصل فيها سلطات المعارضة على دعم عسكري ومالي تركي، فضلاً عن رقعة صحراوية حول معسكر للجيش الأميركي في الجنوب. وتقول الأمم المتحدة إن وقوع هجوم كبير في منطقة إدلب، التي يشكّل النازحون بالفعل نصف سكانها، يهدد بإجبار 700 ألف سوري آخرين على النزوح عن ديارهم. ويهدد الهجوم أيضاً بإثارة التوتر مع تركيا التي أقام جيشها سلسلة من مواقع المراقبة في مناطق المعارضة المسلحة العام الماضي، بموجب اتفاق «خفض التصعيد» مع روسيا وإيران. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، هذا الشهر، إنه يأمل أن تتمكن أنقرة وموسكو من التوصل إلى حل لإدلب، محذراً من أن شن حملة قصف هناك سيتسبب في مذبحة. وتخشى أنقرة أيضاً أن يؤذن هجوم كبير بتدفّق جديد للاجئين عبر الحدود التركية. وقال لافروف، أمس الأربعاء، إن هناك تفاهماً سياسياً بين روسيا وتركيا بخصوص الحاجة للتمييز بين المعارضة السورية ومَن وصفهم بالإرهابيين في إدلب.
كارثة إنسانية
ومن شأن انتزاع السيطرة على هذه المناطق أن يجعل الأسد أقرب إلى استعادة طريقين سريعين يؤديان من حلب إلى حماة واللاذقية، وكانا من أهم الطرق في سوريا قبل الحرب. وأسقط الجيش السوري منشورات في الأسابيع القليلة الماضية على محافظة إدلب لحثّ الناس على الاستسلام، كما فتح طريقاً أمام المدنيين للعبور إلى أراضٍ خاضعة للحكومة، كما أرسل أيضاً حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، المزيد من التعزيزات إلى الجبهة. وأضاف المرصد أن الجيش كثَّف الضربات الجوية وغارات القصف قرب الخطوط الأمامية. ويعيش ثلاثة ملايين شخص في إدلب والمناطق المحيطة بها التي تقع خارج سيطرة الحكومة، بينهم 1.8 مليون نازح. وفرَّ نازحون كثيرون من هجمات سابقة للنجاة بأنفسهم من القتال أو حتى لا يعودوا إلى حكم الأسد، وبينهم أشخاص نُقلوا في حافلات إلى إدلب بموجب اتفاقات «إجلاء» وافق مقاتلو المعارضة بموجبها على تسليم الجيوب التي كانت خاضعة لهم. وقالت الأمم المتحدة إن عمليات الإجلاء من الغوطة الشرقية ودرعا وغيرهما من مناطق المعارضة التي انتزعت الحكومة السيطرة عليها ساهمت في نزوح ما يربو على نصف مليون شخص إلى إدلب أو إلى محيطها خلال الشهور الستة المنصرمة.