أقر الجيش الإسرائيلي امس الثلاثاء بتنفيذه لغارات جوية ضد أكثر من 200 هدف تابع لإيران ومنظمة “حزب الله” في سوريا منذ عام 2017، مسلطا الضوء على أنشطة التزم الصمت بشأنها إلى حد كبير عبر الحدود لمنع طهران من إنشاء وجود عسكري دائم لها في البلد الذي مزقته الحرب.
في إحاطة إعلامية شاملة قبيل عيد رأس السنة العبرية، حذر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي أيضا من عواقب وخيمة محتملة لقرار الإدارة الأمريكية قطع المساعدات بالكامل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم الخدمات للفلسطينيين، وقالوا إن من شأن هذه الخطوة جعل الظروف الانسانية في قطاع غزة أكثر سوءا.
وحذر الجيش من أن هذا التطور، إلى جانب الصراعات الفلسطينية الداخلية، يشكل تهديدا على جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة “حماس” الحاكمة لغزة ويزيد من احتمال حرب أخرى في القطاع الساحلي.
ولطالما أعربت إسرائيل عن قلقها من قيام إيران باستغلال الفرص التي وفرتها الحرب الأهلية السورية لترسيخ وجودها العسكري في سوريا من أجل زيادة التهديد على الدولة اليهودية – إلى جانب التهديد الذي تشكله في الوقت الحالي منظمة “حزب الله” في لبنان المدعومة من طهران.
وتعهدت إسرائيل بمنع وجود عسكري كهذا، لكنها لا تزال تلتزم الصمت رسميا بشأن معظم جهودها العسكرية من أجل هذا الغرض.
ومع ذلك، أقر الجيش بأن سلاح الجو نفذ غارات ضد 202 هدفا في سوريا، مستخدما 800 قنبلة وصاروخ للقيام بذلك.
الإهداف التي أصيبت في الغارات الجوية الإسرائيلية منذ عام 2017 كانت بمعظمها شحنات أسلحة متطورة، بالإضافة إلى قواعد وبنى تحتية عسكرية، وقال المسؤوون في الجيش الإسرائيلي إن الغارات دفعت القوات الإيرانية إلى ترك بعض المواقع.
ولا تقر إسرائيل بضربات فردية في سوريا، لكن مسؤولين سوريين وشهود عيان وآخرين يتحدثون عادة عن قصف إسرائيلي لمنشآت في البلاد لها علاقة بتحالف النظام. يوم الثلاثاء، اتُهمت إسرائيل بتنفيذ غارات جديدة في منطقة حماة، بعد يومين من تقارير تحدثت عن هجوم للجيش الإسرائيلي على قاعدة بالقرب من دمشق.
خلال الحديث مع الصحافيين لم يتناول الضباط تفاصيل طبيعة الغارات أو كم منها أقرت إسرائيل بتنفيذها في السابق، وبالتحديد في “عملية بيت الورق”، وهي محاولة لتدمير مواقع أسلحة إيرانية في وقت سابق من العام.
وأشار الجيش الإسرائيلي أيضا إلى المساعدة الكبيرة التي قدمها في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في الشرق الأوسط. وقال الضباط إن المنظمة الإسلامية المتطرفة، التي سيطرت مرة على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، هُزمت تقريبا في الميدان، لكنهم حذروا من أن أيديولوجية التنظيم الخطيرة لا تزال تشكل تهديدا.
ويبدو أن الجزء الحالي من الحرب الأهلية السورية بدأ يقترب من نهايته مع إعادة استيلاء قوات الطاغية السوري بشار الأسد على ما تبقى من المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين.
هذا الصيف، هزم النظام مجموعات المعارضة في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، وأجبرها على الاستسلام أو التراجع لمدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المتمردين، والتي تستعد بدورها لهجوم جديد من قبل جيش الأسد.
وفقا للجيش الإسرائيلي، فإن جيش الأسد – بمساعدة روسيا – يسيطر الآن بالكامل على 70% من المنطقة الجنوبية الغربية، التي تحد إسرائيل، بعد حملة عسكرية مكثفة لإجبار المتمردين على الانسحاب. في حين تم إعادة القوات الإيرانية، التي شاركت هي أيضا في الهجوم الذي نفذته قوات الأسد، إلى مسافة تبعد 80 كيلومترا عن الحدود.
وبدأت الفرق العسكرية في الجيش السوري، التي تركت مواقعها في الجزء السوري من هضبة الجولان مع بدء الحرب الأهلية، بالعودة إلى المنطقة، وانضمت إليها وحدات من الشرطة العسكرية الروسية، التي تراقب المنطقة لضمان الالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار، بحسب الجيش الإسرائيلي.
في ضوء هذه التطورات، أنهى الجيش رسميا عملية “حسن الجوار”، وهو برنامج دخل في إطاره آلاف السوريين إلى الدولة اليهودية لتلقي العلاج الطبي، بالإضافة إلى دخول آلاف الأطنان من المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية من إسرائيل إلى سوريا.
مشكلة غزة
منذ شهر مارس، شهد مستوى العنف بين إسرائيل وحماس تصاعدا على حدود غزة، التي شهدت مظاهرات أسبوعية وتصعيدات متقطعة أطلقت فيها فصائل فلسطينية قذائف هاون وصواريخ باتجاه جنوب إسرائيل، ورّد الجيش الإسرائيلي بغارات جوية ضد بنى تحتية تابعة لحماس في القطاع.
في الأسابيع الأخيرة، بدأ الوضع يهدأ على طول الحدود، حيث عادت القوات المسلحة لدى الطرفين بشكل بطيء إلى الحالة الطبيعية في ظل وقف إطلاق نار بحكم الأمر الواقع.
وتجري إسرائيل وحماس مفاوضات على هدنة طويل الأمد، تهدف إلى منع، أو على الأقل إلى تأجيل، المزيد من المواجهات بين الطرفين.
بشكل عام، ستحافظ حركة حماس الحاكمة لغزة بموجب الاتفاق على الهدوء على الحدود وفي المقابل ستعرض إسرائيل سلسلة من المحفزات الاقتصادية للقطاع، أبرزها إمكانية وصول أكبر إلى الطرق البحرية.
وأعرب المسؤولون العسكريون عن معارضتهم لاشتراط إسرائيل في المحادثات مع حركة حماس إعادة مدنييّن إسرائيلييّن ورفات جندييّن إسرائيلييّن، قال الضباط العسكريين إنهم يعتقدون أن الحركة تحتجزهم في القطاع.
على الرغم من ضغط الرأي العام لتأمين إطلاق سراح المواطنين الإسرائيليين أفيرا منغيستو وهشام السيد – والجنديين – أورون شاؤول وهدار غولدين – أعرب المسؤلون العسكريون عن اعتقادهم أن الوقت الحالي هو ليس الوقت المناسب للمطالبة بإطلاق سراحهم، وأن المحادثات في هذا الشأن يجب أن تُجرى في وقت لاحق.
وتحتجز حركة حماس رفات شاؤول وغولدين منذ أن أمسكت بهما خلال حرب غزة 2014.
ودخل منغيستو والسيد طوعا – في عامي 2014 و2015 تباعا – لكن عائلتيهما تقولان إنهما يعانيان من مشاكل نفسية.
المصدر: تايمز أوف إسرائيل