إياد شيخ أحمد: محاضر في كلّيّة سابير وفي جامعة بن غوريون-بئر السبع
لقد حصلت ثورة حقيقيّة في العقد الأخير من حيث ارتفاع عدد الطلّاب العرب في الجامعات والكليّات بنسبة تصل إلى 80%. حيث ازداد عدد الطلّاب العرب من 26,000 طالبًا في عام 2010 إلى ما يقرب من 50,000 طالبًا في عام 2017. هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الطلّاب العرب في المؤسّسات الأكاديميّة من 10.2% إلى 16.1% في الفترة الواقعة بين عامي 2010-2017.
إنّ زيادة نسبة الطلّاب العرب في مؤسّسات التعليم العالي لم تكن مقصورة على طلّاب اللقب الأوّل فحسب، بل تضاعفت نسبة الطلّاب العرب في مرحلة اللقب الثاني أيضًا، حيث ارتفعت نسبتهم من 6.2% إلى 13%. كما أنّ نسبة الطلّاب العرب الذين يدرسون للحصول على اللقب الثالث (الدكتوراه) قد ارتفعت بنسبة 6%.
يتّضح من المعطيات أن ثلث الطلّاب العرب يدرسون في الجامعات وهذه النسبة قريبة من الوسط اليهوديّ.
الفرق البارز بين توجّهات الطلّاب العرب عن نظرائهم الطلّاب اليهود هو في الالتحاق بكليّات التربية والتعليم، حيث إنّ عدد الطلّاب العرب الذين يلتحقون بكليّات التربية أعلى من الوسط اليهوديّ، والاختلاف الآخر يتمثّل في نسبة الطلّاب العرب القليلة الذين يلتحقون بالكليّات الخاصّة التي تكون رسوم التعليم فيها مرتفعة. إذ نرى أنّ نسبة الطلّاب العرب في هذه الكليّات أدنى بكثير من نسبة الطلّاب اليهود، ويمكن أن نعزو ذلك للفجوات الاقتصاديّة، وعدم تمكّن نسبة كبيرة من الطلّاب العرب من دفع رسوم التعليم الباهظة التي تجبيها هذه المؤسّسات.
ومن المعطيات المشجّعة ازدياد في نسبة توجّه الطلّاب العرب لدراسة المواضيع التي لم يلتحقوا بها بنسب كبيرة من ذي قبل، حيث نلحظ أن هناك ارتفاعًا بنسبة 66% في التحاق الطلّاب العرب لدراسة مواضيع الهندسة، ونسبة 44% في المواضيع العلميّة، علاوة على ذلك، هناك زيادة كبيرة جدًّا تصل إلى 87% في موضوع إدارة الأعمال.
أحد المميّزات الأخرى المثيرة للاهتمام أن الطلّاب العرب الذين يحصلون على علامة عالية في امتحان الـ "بسيخومتري" يتوجّهون لدراسة موضوع الطبّ، حيث نرى أنّ النسبة أكبر من نسبة الطلّاب اليهود الذين يحصلون على علامات عالية في امتحان الـ "بسيخومتري"، حيث يتوجّه هؤلاء لدراسة الـ "هايتك".
لا شكّ في أنّ هذه المعطيات تبعث على السرور والأمل؛ لأنّ الزيادة في نسبة الطلّاب العرب المنخرطين في مؤسّسات التعليم العالي سيكون لها الأثر الإيجابيّ الكبير من النواحي الاجتماعيّة والاقتصاديّة. ولكن لا تزال هناك حاجة للعمل الكثير في كلّ ما يتعلّق بالتوجيه والإرشاد الأكاديميّ، والاهتمام أكثر بالتعليم في مجال التكنولوجيا والصناعة، فهناك لا تزال شريحة كبيرة من المجتمع ليس بإمكانها الوصول إلى التعليم الأكاديميّ؛ ويجب العمل بغية توفير الأطر المناسبة لهذه الشريحة.
إحدى المشاكل القائمة في سوق العمل في الوسط العربيّ أنّ عددًا كبيرًا من العمال يعملون في الأعمال التي لا تحتاج إلى مهارات أو مهنة، ومعدل الأجر فيها منخفض؛ لذلك يتعيّن علينا الاهتمام بالتعليم التكنولوجيّ والصناعيّ؛ وهذا سيؤدّي بدوره إلى خلق فرص العمل التي يكون معدّل الأجر فيها مرتفعًا.
وفي الختام يمكن القول إنّ مسيرة التعليم العالي لها الأثر الإيجابيّ الكبير ويمكن تلخيصها في قول الشاعر: العلمُ يبني بيوتًا لا عمادَ لها والجهل يهدمُ بيوتَ العزّ والكرم، يجب علينا الاهتمام والاستثمار أكثر في التعليم اللامنهجيّ وصقل شخصيّة الطلّاب، ذلك أنّ العلم لا يكتمل إلا مع الأخلاق.
ولا تحسبنّ العلم ينفع وحده ما لم يتوّج ربه بخلاق. وأخيرًا أتمنّى لطلّابنا الأعزّاء النجاح والتفوّق والتميّز.