ناقشت اذاعة الشمس، مع المؤرخ آدم راز، ما كشفته صحيفة "هآرتس" مؤخرًا، عن وثيقة إسرائيلية مؤرخة في ديسمبر/ كانون الثاني لعام 1949، وتقترح خطة لطرد السكان الفلسطينيين من عدد كبير من الأماكن في منطقة الجليل وفي أماكن أخرى شمالي فلسطين.
وكاتب الرسالة السرية هو "والتر إيتان"، أول مدير عام لوزارة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، ووجهها إلى وزير الخارجية في حينه "موشيه شاريت"، الذي كان في زيارة إلى نيويورك.
وكُتبت الرسالة بعد مرور 6 شهور على الإعلان الرسمي لانتهاء الحرب التي بدأت عام 1948، بتوقيع اتفاقية الهدنة بين إسرائيل والدول العربية برعاية أممية.
وتتضمن الخطة طرد السكان الفلسطينيين من عدة أماكن في الجليل وغيرها شمالي فلسطين، وتم ذكر كل من قرى "فسوطة" و"ترشيحا" و"حرفيش" و"ريحانة" و"مجدل" و"زكريا"، وكذلك "الجش" التي رحل إليها سكان قرية "كفر برعم" المدمرة عام 1948.
وكانت الخطة تقضي بطرد أكثر من 10 آلاف فلسطيني لأسباب أمنية، معظمهم من المسيحيين، وبعضهم كانوا من دروز حرفيش وشركس ريحانة، لكن نص الوثيقة لم يحدد الوجهة التي كان سيطرد إليها هؤلاء.
اللافت أن "إيتان" أكد في الرسالة موافقة "دافيد بن غوريون"، أول رئيس وزراء لإسرائيل، على الخطة، لكن "إيتان" سعى للحصول على موافقة وزير الخارجية شاريت ووزير المالية إليعيزر كابلان؛ لتغطية تكلفة العملية، المقدرة بحوالي مليون ليرة إسرائيلية، تشمل إعادة توطين المهجرين.
وطلب "إيتان" ضرورة الحصول على موافقة "شاريت" على الخطة وإبداء رأيه فيها، وقال إنه شخصيا رفض الخطة لأسباب سياسية، ورأى أنه من الضروري أن يطلع شاريت عليها.
وقالت الصحيفة إن هذه الرسالة بقيت حتى وقت قريب محفوظة في ملف "أرشيف دولة إسرائيل"، وسمح بالاطلاع عليها قبل 6 أشهر. وحاليا، تم إخفاء هذه الرسالة ورسائل أخرى، ولم يعد ممكنا الاطلاع عليها.
وأضافت "هآرتس" أن الأرشيف الإسرائيلي لم يقدم تفسيرا لحجب الوثيقة مجددا، واستبدلت بها على صفحة الإنترنت الخاصة صفحة فارغة مكتوب عليها كلمة "سرّي" فقط.
ورغم أن الخطة لم تنفذ لأسباب سياسية -كما تقول الصحيفة- إلا أن عددا من المؤرخين الإسرائيليين الجدد، أمثال إيلان بابه، وبيني موريس، كشفوا في السنوات الأخيرة بالوثائق التي اطلعوا عليها في الأرشيف الخاص بالحركة الصهيونية والعصابات اليهودية ومراسلات المسؤولين الإسرائيليين قبل وفي أثناء النكبة الفلسطينية عام 1948 عن وضع وتنفيذ خطة للتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
وإيلان بابه مؤرخ معاد للصهيونية وضع كتابا بعنوان "التطهير العرقي في فلسطين"، استعرض فيه الخطة الصهيونية لطرد العرب، وسلسلة المجازر التي ارتكبت لتنفيذ الخطة.
وحسب المصادر التاريخية، تم تهجير ما بين 850 ألفا إلى أكثر من 900 ألف فلسطيني من الأراضي التي احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948، وصار عددهم -حسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)- أكثر من 5 ملايين لاجئ موزعين على مخيمات في الضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان وفي باقي أنحاء العالم.
ودمرت العصابات الصهيونية أكثر من 550 قرية فلسطينية، فيما بقي نحو 120 ألف مواطن عربي.