عقد فريق البيت الأبيض لخطة السلام الأميركية المعروفة بـ "صفقة القرن"، المكون من صهر الرئيس الأميركي ترامب ومستشاره الأول لعملية التسوية جاريد كوشنر، ومبعوث الرئيس للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، مجموعة من اللقاءات مع عدد من الخبراء والشخصيات والمجموعات المؤثرة والمناصرة لإسرائيل منذ عودة الفريق من جولته في دول مجلس التعاون الخليجي يوم 28 شباط الماضي، والتي كان حاول الفريق من خلالها حشد الدعم المالي لصفقة القرن.
وتهدف مجموعة اللقاءات التي عقدها فريق صفقة القرن "الاستفادة من خبرات هؤلاء الاشخاص والهيئات، وآرائهم بشأن عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، خاصة وأن الوقت يمضي بسرعة نحو يوم الانتخابات الإسرائيلية المقررة يوم 9 نيسان 2019، حيث قالت الإدارة الاميركية بانها ستطلق صفقة القرن بعده هذا التاريخ" بحسب مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه.
وبحسب المصدر فقد شملت هذه اللقاءات القس اليميني التبشيري جون هاجي، والقس اليميني التبشيري جنتسن فرانكلين، والقس باولا وايت وآخرين، يوم السبت/ 9 آذار الجاري وذلك لـ "طمأنتهم بأن إدارة الرئيس ترامب لن تساوم على القدس الشرقية، ولن تمنحها للفلسطينيين لإقامة عاصمة محتملة لهم فيها، وان الرئيس (ترامب) أوفى بوعده بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها العام الماضي، حيث حضر عدد منهم افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وأن هذا القرار لا رجعة عنه في أي اتفاق سلام".
ويعتبر الإنجيليون التبشيريون المسيحيون قطاعا أساسيا من قاعدة ترامب السياسية والانتخابية ومن كبار المسؤولين في إدارته، مثل نائب الرئيس مايك بنس، ووزير خارجيته مايك بومبيو، وكلاهما ينتميان إلى هذه القاعدة، ومن أشرس مؤيدي اليمين الإسرائيلي، حيث يعتقدون بأن "الله أعطى هذه الأرض لإسرائيل" ولا حق للفلسطينيين فيها، إلى جانب اعتقادهم بأن المسيح لن يعود إلا بعد اكتمال إخلاء هذه الأرض من غير اليهود "حيث سيعطيهم المسيح خيارا باعتناق المسيحية أو الحرق". كما ويعتبر هؤلاء من أشد مؤيدي رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ومن أشد حلفائه الذين يؤثرون بصورة بالغة على الحزب الجمهوري وأعضائه في الكونغرس الأميركي، خاصة في مجلس الشيوخ.
وضمن هذه التحركات فقد التقى الفريق (كوشنر غرينبلات) كل من، مبعوث السلام الأميركي السابق دينس روس، ومساعده ديفيد مكوفسكي، وكلاهما يعملان في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط" المقرب من إسرائيل في مكتبهما على مدار يومين.
ولدى استفسار "القدس" عما إذا التقى غرينبلات مع غيث عمري، الذي يعمل باحثا في المعهد ذاته، المقرب من إسرائيل، والذي عمل أيضا كجزء من فريق التفاوض الفلسطيني في الماضي، قال المصدر ردا على هذا السؤال: "لا اعتقد ذلك، فإن دينس روس، وديفيد مكوفسكي، أفضل الخبراء بهذا الشأن. تذكر أن روس فاوض منذ ثمانينات القرن الماضي، وموفسكي رسم الخرائط بشأن المستوطنات التي ستبقى وأين، وكيف يمكن ضم الكتل الاستيطانية الكبرى وغيرها من خرائط الموارد في /يهودا والسامرة/ (الضفة الغربية المحتلة)، ولكن لست متأكدا ما إذا كان قد التقى معه بشكل عابر أم لا، للافادة من خبرته".
كذلك التقى غرينبلات مع السفير الأميركي السابق في إسرائيل مارتن إنديك، الذي عمل مبعوثا للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ما بين شهر آب 2013 وشهر آذار 2014، (عندما توقفت المفاوضات بسبب نكث إسرائيل بتعهداتها المتعلقة بالإفراج عن آخر دفعة من الأسرى الفلسطينيين الذين كان يجب أن يطلق سراحهم عام 1995) ومعاونه في الفريق آنذاك، هادي عمر، العربي الأصل (الذي أعد خطة لإنعاش غزة اقتصاديا العام الماضي).
يذكر أن إنديك يعارض كل القرارات التي اتخذتها الإدارة الأميركية منذ قدوم ترامب للبيت الأبيض، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، "دون تحديد القدس الغربية لهذا الغرض مع الإبقاء على القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين" كما عارض قطع المساعدات المالية المختلفة عن الفلسطينيين واستهجن مساعي فريق ترامب (كوشنر، غرينبلات، وسفير ترامب في إسرائيل ديفيد فريدمان) بسبب تركيزهما على "الشق الاقتصادي، أو لأنهم يعتقدون بأن الفلسطينيين سيقبلون بملغ 25 مليار دولار مقابل التخلي عن حقوقهم الوطنية" وفق قوله (إنديك) لصحيفة نيويورك تايمز في مطلع الشهر الجاري.
كما والتقى غرينبلات أيضا مع دانيال بايبس، الذي يرأس مؤسسة "منبر الشرق الأوسط" وهي واحدة من واجهات اللوبي الإسرائيلي الأكثر يمينية وتطرفا، والذي (منبر الشرق الاوسط) ابتكر فكرة بأن "عدد اللاجئين الفلسطينيين لا يتجاوز ثلاثين ألفا" وتباهى على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه "صاحب الفكرة" والدافع الأول لقطع المساعدات المالية الأميركية عن "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-الأونروا". وتم اللقاء بهؤلاء بهدف "الاستفادة من تجاربهم الغنية في حقل التفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل".
ولم يتحدث الفريق إلى أي من المنظمات العربية الأميركية بشكل رسمي لاستطلاع وجهات نظرهم في "صفقة القرن" التي ورغم أنها لم تعلن بعد، إلا أن الكثير من التسريبات تجري يوميا بشأن ما تتضمنه. إلا أن الفريق كان التقى العديد من الزعماء العرب في العامين الماضيين، والتي كان آخرها جولة فريق صفقة القرن في منطقة الشرق الاوسط الشهر الماضي.
كما والتقى الفريق (كوشنر غرينبلات) برفقة وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، يوم الاثنين/ 11 آذار 2019، العاهل الأردني الملك عبدالله في مقر إقامة السفيرة الأردنية دينا قعوار في العاصمة الاميركية واشنطن حيث "بحثوا الفرص المواتية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل وجهود الإدارة الأميركية في هذه العملية. وأخبر الملك عبدالله الثاني ضيوفه (في هذا اللقاء الذي استمر قرابة الساعة) بأن موقف الأردن لم يتغير بشأن تحقيق السلام، الذي يجب أن يقوم على أساس القرارات الدولية وحل الدولتين، فلسطين وإسرائيل تتعايشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام، على أراضي 4 حزيران 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين".
وبالتزامن مع كل هذا فان غرينلات يواصل انتقاداته اللاذعة للمسؤولين في السلطة الفلسطينية يوميا عبر "تويتر" وذلك بسبب معارضتهم لصفقة القرن.