أيام تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية التي فيها نحدد مستقبلنا في السنوات الأربعة القادمة، ومع اقترابها والتي مزمع عقدها يوم الثلاثاء الموافق 9.4.2019، تزداد حدة ووتيرة حملات المقاطعة التي تنادي بمقاطعة عملية الاقتراع، لهذا سأخصص مقالي عن أولئك الذين يدعون إلى مقاطعة الانتخابات بادعاءات واهية أقل ما يقال فيها أنها تهدف إلى دفعنا للاكتفاء بموقف المتفرج وليس المشارك.
إن بعضًا من هؤلاء الإخوة يدعي تجنيًا وظلمًاأن النضال البرلماني إنما يقلل من حدة النضال الشعبي، وأنا لا أعرف من أين يأتي هؤلاء بهذا المنطق المعوج، فهل يلغي وجود السماء وجود الأرض؟، أو لا يرى هؤلاء إلى تلك النضالات التي تقوم بها أحزابنا المسؤولة الواعية والحكيمة.
إن تاريخنا في الماضي وفي الحاضر أيضًا يشهد على أن النضال البرلماني لا يلغي النضال الشعبي وإنما يقويه ويعززه، أو لا تتذكرون المواقف البرلمانية المشرفة للقائد الفذ الشاعر توفيق زياد عندما انتهر سيء السمعة والصيت المدعو زئيفي صارخًا به: "بإمكانك أن تصيح أكثر لأنني أمسكت بك من موضعك الحساس"، أو لا تتذكرون يوم أصر الفقيد الأبدي توفيق زياد ذاته على إقامة يوم الأرض عام 1976 متحديًا كل القيادات الرافضة له تحسبًا وتقيا؟، على ماذا يدل هذا؟ ألا يدل على أنه لا فرق بين النضالين الرسمي وتوأمه النضال الشعبي.
الحياة السياسية تحتاج إلى نضال وطول نفس كما أنها تحتاج إلى مثابرة وتصميم
الحياة السياسية تحتاج إلى نضال وطول نفس كما أنها تحتاج إلى مثابرة وتصميم، وعليه ما لم نحققه اليوم قد يُضحي غدا، بهمتنا ومبادرتناممكنتحقيقه ويكون سهل الإمكانية. وهنا أتساءل هل تعتبر مقاطعة الانتخابات حلًا ناجحًا وناجعًا؟ برأيي المتواضع ومن مواطن عادي قصير الباع وقليل الاطلاع أرى أن المقاطعة ليست حلًا لا تزيد الطين إلا بله وتبقي دار لقمان على حالها.
إن عدم المشاركة في الانتخابات واللامبالاة والتقاعس هو بمثابة الخدمة المجانية ودعم للأحزاب اليمينية وإفساح المجال للمتربصين لتحقيق أهدافهم الخاصة ولحكومة اليمين في الاستمرار في غطرستهم وسن القوانين العنصرية وتجديد الخناق علينا أكثر، من ناحية أقول هذا لدعاة المقاطعة وجهابذتِها التائهين في عالم الأوهام والأخيلة القديمة المغرقة في قدمها وتخاذلها، أما من ناحية ثانية فإنني أقول لهم إن ادعاءاتَهم المعتمدة على استطلاعات رأي كُلُّنا يعرفُ أنها يمكن أن تشترى وتباع.. وما أفادته هذه الاستطلاعات عن ارتفاع نسبة المقاطعين للانتخابات الوشيكة في التاسع من نيسان القريب ما هو إلا كلام فارغ، وأن جماهيرنا الواعية هذه الجماهير التي تعرف إلى أين وجهتها وإشارة مصلحتها وبوصلتها سترد على الاستطلاعات المُشار إليها ردها الحازم وسوف ترسل عددًا من أعضاء الكنيست الجُدد أكبر في الانتخابات القريبة.
نحن اليوم موجودون على مفترق طرق وأمام مرحلة مفصلية هي الأخطر على وجودنا وكياننا.
قد تكون لنا ملاحظات هنا وهناك على أداء الأحزاب أو النواب وهذا صحي وطبيعي وبغض النظر عن كل الملاحظات، لا بد منا المشاركة والتصويت وأن نأخذ موقعنا الجدير بنا داخل هذه المؤسسة وخارجها من أجل العيش بكرامة ومساواة على أرض الآباء والأجداد، ويجب علينا تحمل المسؤولية الإنسانية والتاريخية نحو البلد والولد أيضًا، فماذا يفيدناموقف الواقف على الرصيف والمنتظر أن تأتي حافلة هو نفسه يعرف أكثر من أي إنسان آخر أنها لن تأتي؟
فليكن ردكم في صناديق الاقتراع والتجدد بأمانة وإخلاص لممارسة حقنا شبه الوحيد وهو الدفاع عن أنفسنا بصوتنا وتقديم الدعم المناسب لأحزابنا العربية وإنجاح ممثلينا ليكونوا خير مدافع عن حقوقنا ووجودنا في بلادنا، كما أن هناك من يدافع بقلمه وكلمته وهذا أضعف الإيمان، وتذكروا أننانحن لا نصوت من أجل هذا الشخص أو ذاك أو لحزب أو لآخر وإنما نصوت كي نكون، خلي صوتك قوي صوتك عربي!، فالمطالب لا تنال بالتمني وإنما تؤخذ الدنيا غلابا.