ما مفهوم الساعة البيولوجية
على مدار عدة مليارات من السنين تطورت الحياة على الأرض ببطء وعلى مدار هذه السنوات، كانت الأرض تدور حول محورها المائل وتدور حول الشمس في نفس الوقت، ولذلك ليس من الغريب الآثار البيئية الدورية للدوران (ليلًا ونهارًا)، والانحراف (تغير طول اليوم والمواسم) أن تؤثر، ويتوقع أنه تم اختيار الطفرات الوراثية الجيدة من أشكال الحياة البدائية وتشمل بالضرورة تلك التي أدت إلى تحسين البقاء على أشكال الحياة مباشرةً من بداياتها البدائية.
وبسبب هذه العوامل البيئية الدورية، فلابد للتغييرات الوراثية أن تحدث قيد الحياة والنجاة خلال المراحل التي كانت صعبةً فيما يتعلق بدورة الليل والنهار، فالان يتم اكتشاف الآليات الأساسية داخل الخلايا المرتبطة بإيقاعات الساعة البيولوجية في مختلف أنواع الخلايا البشرية، فالصفة الرئيسية لهذه الآليات داخل الخلايا التي تنظم إيقاعات الساعة البيولوجية هي وجود التذبذبات.
أننا ندرك بسهولة أن أي آلية تذبذبية ذات مدة تقارب 24 ساعة يمكن أن تعمل كساعة يومية، بالتالي تتكون منظمات الساعة اليومية هذه من جينات خاضعة لدورات ترجمة النسخ لها لردود فعل من منتجاتها. في الواقع، ربما تتكون من جينات تنظيمية عدة مرتبطةً ببعضها البعض وبمنتجاتها. أيا كان التنظيم، فإن الموضوع الثابت الأساسي هو دورةٌ شاملةٌ تبلغ 24 ساعة تقريبًا.
ما أهمية الساعة البيولوجية
في الدماغ توجد ساعةٌ رئيسيةٌ مسؤولة عن كل الساعات البيولوجية في الكائن الحي وعن تزامنها وتوازنها وبالتالي للساعة البيولوجية أثر على صحة الجسم بكامله وعلى القيام بوظائفه بشكل سليم، حيث تؤثر إيقاعات الساعة البيولوجية على دورات النوم والاستيقاظ وإفراز الهرمونات وعادات الأكل والهضم ودرجة حرارة الجسم والعديد من الوظائف الجسدية الهامة. كما أن الساعة البيولوجية التي تعمل بسرعة أو ببطء قد تؤدي إلى إيقاعات غير طبيعية. وقد تم الربط بين الإيقاعات غير المنتظمة ومختلف الظروف الصحية المزمنة مثل اضطرابات النوم والسمنة ومرض السكري والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب والاضطراب العاطفي والكثير من الأمراض.
الساعة البيولوجية وتأثيرها على نمط الحياة
كما أسلفنا سابقًا، فان الساعات البيولوجية الداخلية للجسم هي المسؤولة عن الروتين اليومي المنظم، بما فيها الاستقلاب وأنماط النوم والاستيقاظ. ويذكر باحثون من جامعة مانشستر أنهم اكتشفوا آليةً جديدةً توضح أي من الساعات البيولوجية المتواجدة في أجسامنا هي التي تتفاعل مع التغيرات البيئية.
إذا أمكننا أن نكون أكثر استيعابا لتوقيت أنشطتنا الخلوية، فربما نتمكن من الاستفادة من العناصر الغذائية المختلفة بطريقة صحية، فقد قام فريق البحث، بقيادة الدكتور ديفيد بيتشولد، بنشر نتائجه مؤخرًا في مجلة Current Biology. ويقول فريق البحث أن اكتشافه ربما يفتح باب العلاج للأفراد الذين يعانون من مشاكل صحية سلبية بسبب مناوبات العمل الليلية والتأخر في النوم أو الحرمان منه.
ان معظم الخلايا والأنسجة في الجسم تحتوي على أجهزة توقيت بيولوجية داخلية، تسمى أيضًا باسم الساعات الإيقاعية. تتكون من جزيئات تتفاعل للتأكد من أن أجسامنا تتبع إيقاعًا لمدة 24 ساعة. ولهذا السبب، اعتاد معظمنا على النوم ليلًا والاستيقاظ خلال النهار. في بعض الاحيان تصاب فيها ساعات الجسم بالعطل. بمعنى آخر، نحن عرضة للتغيرات البيئية التي تتعارض مع الروتين اليومي عندنا. ويتم المحافظة على الساعات البيولوجية متزامنةً مع البيئة المحيطة وذلك من خلال كونها تستجيب لمعلومات الضوء والظلام. فعلى سبيل المثال، إن العمل بنظام المناوبات أو الرحلات الجوية الطويلة يشمل تغيرات سريعةً في مقدار وطبيعة الضوء الذي نتعرض له، ونحن ليس لدينا الاستعداد الوراثي للتكيف بسرعة مع رحلات العمل أو الرحلات الطويلة، وبالتالي فانه يتم بناء ساعات أجسامنا لمقاومة مثل هذه التغييرات السريعة.
في نهاية الامر يعتقد العديد من العلماء أن امتلاك مراقبين للوقت افتراضيين (الساعة البيولوجية) يوفر ميزةً تطوريةً لنا، فقد طورتها الأنواع مرارًا ومرارا عبر التاريخ. كما ان العديد من العلماء يرجحون النظرية القائلة بأن الكائنات الحية عديدة العضيَات طورت بشكل مستقل ساعاتها الإيقاعية الخاصة، فكلٌ منها يعمل على اعادة اختراع العجلة الخاصة به. قد تكون هذه المخلوقات قامت بهذا لحماية الحمض النووي الهش لها من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة. بالمقابل فان مجموعةً قليلة من الباحثين يعتقدون عكس ذلك، يعتقدون أنه لابد أن تكون هناك ساعةٌ أم واحدةٌ جاءت منها جميع الساعات الأخرى ثم تطورت هذه الساعة لحماية الخلية من تلف الأكسجين أو ربما قد توفر ميزات أخرى غير معروفة.
المراجع
Chandrashekhar V. Apte، Biological clocks: The coming of age ، من موقع: www.ncbi.nlm.nih.gov، اطلع عليه بتاريخ 23-07-2019.
Circadian Rhythms ، من موقع: www.nigms.nih.gov، اطلع عليه بتاريخ 23-07-2019.
TINA HESMAN SAEY، The origin of biological clocks، من موقع: www.sciencenews.org، اطلع عليه بتاريخ 23-07-2019.