محمد سواعد
بات واضحا الآن في ظل السياسة الإسرائيلية أن الأحزاب الصهيونية لن تسمح بقيام وتنامي قوة القائمة المشتركة، لذلك تدخلت كل القوى في البلاد لصياغة وبلورة هذا الاتفاق الذي تم أمس بين الليكود وبين غانتس والذي كسر كل رماحه وسهامه وراهن على مستقبله السياسي.
اولا: غانتس منذ اللحظة الأولى كان يبث الضعف وعدم القدرة على قيادة الدولة لذلك لم ينجح في استقطاب وتجميع كل طاقم حزبه حوله، لذلك خسر معركة تشكيل الحكومة الجديدة قبل أن يبدأ بهذا المشوار، وهو كان يعلم ويشعر بهذا الضعف.
ثانياً: أجهزة اولى العميقة لم تكن لتسمح بخوض انتخابات رابعة خلال هذا العام لأن ذلك سيفقد الدولة مصداقيتها، كما سيؤثر على اقتصادها ومكانتها العالمية، لذلك تدخلت بقوة لصياغة هذا التوافق والذي لن يصمد طويلا.
ثالثا: كان واضحا أن حزب ابيض ازرق سينهار وينقسم في اقرب منعطف، كما يقال بسبب القوة الطاردة عن المركز، فعدم وجود مركز مشع وقوي أدى إلى هذا الانهيار السريع للحزب.
رابعا: نتنياهو قائد محنك ويمتلك مستشارين على أعلى المستويات العالمية، لذلك انتظر غانتس عند أول منعطف وقام بدحرجته إلى نهاية المنحدر.
خامساً: المشتركة لم تخسر المعركة ولم تستنفذ كل سهامها، وذلك لأن قوة المشتركة هي قوة داخلية مستمدة من الشعب والجمهور العربي في البلاد، هذا الجمهور لا زال يدعم المشتركة ويؤمن بطريقها ومستعد أن يعطيها الثقة مرة أخرى.
المشتركة التي وقفت بالمرصاد لكل السياسيين الإسرائيليين وأثبتت قدرتها على تمثيل قضايا الانسان والشعب الفلسطيني في البلاد، واعطت مثالا يحتذى على الحنكة والمناورة السياسية الواقعية، فإنها بذلك تؤمّن استمرار مشروع الشعب الفلسطيني والمواطن العربي الذي يتطلع إلى نيل أبسط حقوقه.
لذلك انصح اهلنا جميعا في البلاد بعدم المزاودة أو جلد الذات أكثر مما ينبغي فنحن لم نخسر المعركة ولا تكسرت رماحنا بل خرجنا منها بقوة وعنفوان أكبر، ومستعدون للمضي قدما في طريق انتزاع حقوقنا الشرعية والعيش الكريم في وطننا في ظل ديننا الحنيف وقيمنا العربية والإسلامية والإنسانية.