تجري الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي يترقب نتائجها الأميركيون أولًا، والعالم كله ثانيًا، كونها تجري في ظل انقسام واستقطاب أميركي حادّ، جرّاء الشخصية الغرائبية اليمينية المتطرفة جدًا التي يمثلها دونالد ترامب.
يكفي أن السيناريوهات المحتملة لنتائج الانتخابات لا تقتصر كالعادة على فوز الرئيس الجمهوري أو المرشح الديمقراطي الذي ينافسه، بل هناك سيناريو ثالث، وهو دخول الولايات المتحدة في أزمة إذا نجح بايدن، لأن ترامب لم يتعهد بتسليمه السلطة، بل حذّر مسبقًا من التزوير إذا لم ينجح، وهذا سيجعله يلجأ، خصوصًا إذا جاءت النتائج متقاربة، إما إلى محكمة العدل العليا لحسم الرئيس الفائز، أو إلى الفوضى والعنف، بدليل زيادة حمى شراء السلاح، حيث بلغ حجم مبيعات الأسلحة 1.8 مليون قطعة خلال أيلول الماضي بزيادة 66% عن نفس الشهر خلال العام الماضي.
ما سبق، وكل ما قام به ترامب من اضطراب داخلي وخارجي أثناء ولايته الأولى، والخشية من الاستمرار فيه إذا فاز بولاية ثانية؛ يجعل هذه الانتخابات أهم من سابقاتها، ومختلفة عنها، ويعد سقوط ترامب فيها خدمة للأميركيين والعالم كله. وتزداد أهميتها كونها تعقد في ظل تفاقم مأزق أميركا وتراجع دورها العالمي، وتقدم الصين المتزايد، ومنافستها للولايات المتحدة، ما يجعل أي رئيس قادم غير قادر – حتى إذا أراد – تجاوز المأزق إذا لم يملك مقاربة مختلفة جوهريًا عن المقاربات المعتمدة من الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين.
مثلما ينقسم الأميركيون بين المرشحين ينقسم العالم كذلك كل وفقًا لمصلحته، بين من يفضّل التجديد لترامب، وهذا المعسكر يضم روسيا وإسرائيل والسعودية والإمارات ومصر وغيرها من الدول، وبين من يفضّل بايدن، وهذا المعسكر يضم الصين وأوروبا وإيران وغيرها، وبين من يقف محتارًا، لأنه لا يدرك أيًا من المرشحَيْن سيحقق مصالحه، أو يمثل ضررًا أكبر له.
وإذا نظرنا إلى معسكر كل من المرشحَيْن، فسنجد أن اليهود يفضّلون بايدن بنسبة 70%، والمسلمين بنسبة 60%، والعرب بنسبة 59%، في حين يفضل 78% من الإنجيليين، خصوصًا المتطرفين، ترامب.