في أعماق الفضاء المظلم، حيث يمتزج السكون والسراب، تجولت المركبة الفضائية "نيو هورايزونز" في رحلة استكشافية غير مسبوقة.
بعيداً عن الأضواء الساطعة والشوائب التي تملأ النظام الشمسي، تمكنت هذه المركبة من كشف سر الضوء الخافت الذي يغمر الكون.
هذا الضوء، المعروف بالخلفية البصرية الكونية، يشكل لغزاً محيراً كان العلماء في صراع مستمر لحله منذ عقود.
من غرفة مظلمة إلى اكتشافات فلكية
عندما تكون في غرفة مظلمة تماماً وترفع يدك، قد تلاحظ بعض الضوء الخافت إذا كان هناك شق صغير في الباب.
هذا الضوء الخافت يشبه الضوء الذي اكتشفته المركبة الفضائية "نيو هورايزونز" التابع لوكالة ناسا، والذي يُعرف بالـ "خلفية البصرية الكونية".
اكتشاف الضوء الخافت
تأتي الخلفية البصرية الكونية بشكل أساسي من المجرات التي تبعد عنا مليارات السنين الضوئية.
في الماضي، كان قياس هذا الضوء الخافت تقريباً مستحيلاً بسبب التأثيرات المزعجة لضوء الشمس والغبار القريب من الأرض، مما جعل من الصعب رؤية الضوء الخافت تماماً مثل محاولة رؤية ضوء خافت في غرفة مليئة بالضباب.
ومع ذلك، بسبب بعد "نيو هورايزونز" عن الشمس، أصبح بإمكانها اكتشاف هذا الضوء بوضوح أكبر.
المسافة والأدوات
تقع "نيو هورايزونز" على بُعد أكثر من 5.4 مليار ميل عن الأرض، مما أعطاها القدرة على تقديم أفضل رؤية حتى الآن للتوهج الخافت للكون.
بفضل هذا البعد الكبير عن الكواكب، استطاعت المركبة الفضائية قياس الضوء الخافت بدقة أعلى.
الكشف الكبير
بعد إجراء قياسات دقيقة وتصحيحات متعمقة، اكتشف علماء الفلك أن معظم الضوء المرئي في الكون يأتي من المجرات المعروفة، ولا يوجد ضوء كبير من مصادر غير معروفة.
هذا الاكتشاف قد حل لغزاً حيّر العلماء منذ ستينيات القرن العشرين. وقد نُشر هذا الاكتشاف في دورية "أستروفيزكال جورنال"، ويُعتبر اختراقاً كبيراً يُظهر أن كوننا مظلم في معظمه، مع وجود توهج خافت من المجرات البعيدة.
طالع أيضًا