كانت تجلس على شرفة منزلها، ربما تحتسي قهوتها أو تراقب الغروب، حين اخترقت رصاصة جسدها وأنهت حياة امتدت لـ88 عامًا، هي السيدة لطفية شاهين، الأم، والذاكرة، والإنسانة، قُتلت برصاص مجهول في وضح النهار، لتتحول إلى رقم جديد في سجل القتل الذكوري الذي لا يفرّق بين العمر أو المكان.
نظام لا يرحم.. الذكورية تقتل الجميع
في بيان مشترك، أدانت جمعيّة "كيان – تنظيم نسوي" ومنتدى "جسور النسائي القطري" الجريمة، معتبرتين أن ما جرى ليس حادثًا فرديًا، بل "ترسيخ لنظام عنف ذكوري لا يرحم، ولا يفرّق بين العمر أو الجنس أو المكان"، والبيان أشار إلى أن الرصاصة التي أنهت حياة شاهين تمثّل تتويجًا مأساويًا لمسار اجتماعي وأمني منحرف "يمنح القاتل ثقة تامة بأنه فوق المحاسبة"، محذرًا من انهيار أخلاقي شامل يهدد المجتمع بأسره.
أرقام تنزف.. العنف يتصاعد بلا رادع
منذ بداية العام، قُتل 137 رجلًا و14 امرأة، والمئات أُصيبوا أو دفنوا بصمت. هذه الأرقام، وفق البيان، لا تعبّر عن جرائم فردية، بل عن منظومة متكاملة من العنف تغذّيها الفحولة السامّة، التجهيل، الإهمال، والتبرير.
والرجولة المختزلة بالهيمنة، والتربية القائمة على الخوف من الضعف، تعيد إنتاج القتل باسم "الهيبة"، وتحوّل المجتمع إلى ساحة مفتوحة للدماء.
مطالب عاجلة.. لا حياد في وجه الجريمة
الجمعيتان طالبتا بسلسلة خطوات عاجلة لمواجهة هذا الواقع، أبرزها:
إعلان حالة طوارئ ضدّ الإجرام المنظّم والمبعثر وجرائم العنف الذكوريّ.
تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة في كلّ جريمة قتل، بلا استثناء.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
تعديل جذريّ للقوانين التي تبرّر الجريمة باسم "الشرف" أو "الظروف الخاصّة".
دمج التربية الجندريّة واللاعنف في كلّ مؤسسة تربويّة ومجتمعيّة.
إنتاج خطاب إعلاميّ وأمنيّ واضح يُدين العنف بوصفه جريمة لا ثقافة.
الصمت ليس حيادًا
في ختام البيان، جاء التحذير واضحًا: "الصمت ليس حيادًا، بل جريمة إضافيّة، نحن أمام وباء لا نجاة منه بلا مواجهة حقيقيّة مع البنية الذكوريّة القاتلة، التي تستغلّها قوى كثيرة للتخلّص منّا في أحد أبشع أشكال التطهير المجتمعيّ."
والسيدة لطفية شاهين لم تكن ضحية ظروف، بل ضحية نظام، والرصاصة التي قتلتها لم تكن عشوائية، بل نتيجة صمت طويل، وتواطؤ أعمق.
الدماء التي تسيل في بلداتنا لن تتوقف ما لم يتحرك المجتمع، بكل مؤسساته، لكسر دائرة العنف، ورفض التبرير، ومحاسبة القاتل… أيًّا كان.
طالع أيضًا:
"إحنا صوتك" لدعوة المجتمع الفلسطينيّ لوقف العنف المتفاقم ضد النساء