حكمت المحكمة المركزية في الناصرة، اليوم الأربعاء، على قاصر من سكان يافة الناصرة بالسجن لمدة 20 عامًا وتسعة أشهر، بعد إدانته بقتل سامر عوّاد خلال عملية سطو مسلحة عام 2018، إضافة إلى محاولة السطو، والتسبب بإصابة خطيرة، وعرقلة مجريات العدالة، إذ فرّ المتهم لمدة خمس سنوات قبل إلقاء القبض عليه.
ووفقًا للائحة الاتهام، فقد خطط المتهم وشريكان له لسرقة آلة قمار غير قانونية في أحد الأماكن ببلدة يافة الناصرة.
تفاصيل الحادث
وفي كانون الثاني/يناير 2018، وصل الثلاثة إلى الموقع، حيث قام أحدهم برشّ غاز مسيل للدموع لإرباك المتواجدين، فيما وجّه القاصر طعنة قاتلة إلى سامر عوّاد الذي أُصيب بجروح بالغة وتوفي لاحقًا في المستشفى نتيجة فقدان الدم.
بعد الجريمة، فرّ الجناة من المكان وأحرقوا ملابسهم وأخفوا أداة الجريمة. أُلقي القبض على اثنين منهم بعد وقت قصير، بينما ظل القاصر مختبئًا حتى اعتقاله في منزل أقاربه بتاريخ 21 شباط/فبراير 2023.
وأُدين المتهمون لاحقًا، وصدر حكم بالسجن المؤبد على أحد الشركاء.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
النيابة تطالب بالسجن المؤبد على القاصر
في مرافعة العقوبة، قالت النيابة العامة في لواء الشمال (جنائي)، ممثلة بالمحامي وئام قبلاوي، إنها طالبت بالحكم على القاصر بالسجن المؤبد أسوة بشريكه، باعتباره القاتل الفعلي الذي تسبب مباشرة في وفاة الضحية.
وأضافت النيابة أن المتهم كان قريبًا جدًا من سن الرشد عند ارتكاب الجريمة، وأنه تهرّب طيلة خمس سنوات من العدالة، بل حاول تعطيل الأدلة عند اعتقاله بإلقاء هاتفه المحمول.
وطلبت النيابة فرض غرامة مالية وتعويض لعائلة الضحية قدره 258 ألف شيكل، مشددة على أن “الدولة تواجه حالة طوارئ جنائية في عام 2025، خاصة في المجتمع العربي، ويجب أن تبعث المحاكم برسالة رادعة ضد من يسلب حياة إنسان بدافع الجشع”.
والد الضحية يطالب بفرض أقصى عقوبة على القاتل
من جانبه، توجه والد الضحية سامر عوّاد إلى المحكمة بطلب فرض أقصى عقوبة على القاتل، مؤكدًا أن المتهم “استهان بحياة ابنه، وكذب وصمت وحرّف الحقائق متظاهرًا بالبراءة”، وأن “قسوة قلبه لا يمكن وصفها بالكلمات”.
في المقابل، رأت هيئة المحكمة برئاسة القاضي أطرش أن القضية تكشف “مدى سهولة سلب حياة إنسان خلال محاولة سطو بدافع الطمع”، مشيرة إلى أن هناك توترًا قانونيًا بين وجوب فرض المؤبد في جرائم القتل المشددة وبين قانون الأحداث الذي لا يلزم بتطبيق المؤبد على من كان قاصرًا وقت ارتكاب الجريمة.
وأكد الحكم أن المتهم “هو من وجه الطعنة القاتلة”، وأن الحكم بالمؤبد على شريكه يدعم فرض عقوبة قاسية، إلا أن المحكمة أخذت في الاعتبار أن المتهم “كان تابعًا لا مبادرًا” للجريمة، ما يشكل مبررًا لتخفيف العقوبة.
لا توجد سابقة قضائية بفرض مؤبد على قاصر
وأضافت المحكمة أنه “لا توجد سابقة قضائية بفرض مؤبد على قاصر في ظروف مشابهة”، وأن على القضاء استخدام سلطته التقديرية بما يوازن بين الردع والعدالة.
وأشار القاضي إلى أن المتهم ظلّ هاربًا خمس سنوات، ما حمّل الشرطة والدولة تكاليف وجهودًا كبيرة في البحث عنه، مؤكدًا أن فراره وعرقلته لسير العدالة يشكلان “عاملًا مشددًا في العقوبة”.
وفي حكمها المفصل، أوضحت المحكمة أن المشرّع يميز بين القاصر والبالغ بطريقة “قد تكون شكلية أحيانًا”، لكن هذا التمييز يبقى قاعدة قانونية واجبة الاحترام، مع ضرورة النظر إلى الخصوصية النفسية والاجتماعية في قضايا الأحداث.
وأخذت المحكمة بعين الاعتبار عمر المتهم الحالي (25 عامًا)، وكونه وقت ارتكاب الجريمة على وشك البلوغ، إضافة إلى معاناة أسرة الضحية التي انتظرت العدالة سنوات طويلة، والعبء المالي الذي تكبّدته الدولة بسبب طول إجراءات المحاكمة.
تفاصيل الحكم النهائي للمحكمة
وفي ختام الجلسة، أصدرت المحكمة حكمها النهائي، الذي تضمّن:
السجن الفعلي لمدة 19 عامًا بتهمة القتل في ظروف مشددة.
السجن الفعلي لمدة 24 شهرًا بتهمة التسبب بإصابة خطيرة، نصفها بالتوازي ونصفها تراكميًا.
السجن الفعلي لمدة 9 أشهر بتهمة عرقلة مجريات العدالة، تضاف إلى العقوبة الأصلية.
تعويض بمبلغ مالي
وبذلك، بلغ مجموع العقوبة 20 عامًا وتسعة أشهر من السجن الفعلي، مع خصم فترة الاعتقال السابقة، إضافة إلى تعويض قدره 248 ألف شيكل لأرملة الضحية، و10 آلاف شيكل للمشتكي الثاني الذي أُصيب خلال الحادث.
وأكدت المحكمة في ختام قرارها أن هذا الحكم يهدف إلى تحقيق توازن بين العدالة والردع العام، وإرسال رسالة واضحة بأن “الجريمة، مهما طال عليها الزمن، لا تسقط، وأن العدالة ستلاحق مرتكبيها حتى النهاية”.
اقرأ أيضا