تشهد مدينة حيفا منذ أيام حالة من الجدل عقب توجه مجموعات يمينية إلى بلدية المدينة بادعاء أنّ الشمعدان الذي يرمز إلى عيد الحانوكا اليهودي، والموضوع في حي الألمانية، أصغر حجمًا من شجرة عيد الميلاد الموجودة في الموقع نفسه.
وتدّعي هذه المجموعات أنّ "الأمر يمس برموز الديانة اليهودية ويمثل تحقيرًا لها"، وهو ما أثار موجة كبيرة من الرسائل التي وُجّهت إلى أعضاء البلدية ورئيسها خلال اليومين الأخيرين.
من جانبه، قال عضو بلدية حيفا عن الجبهة، فاخر بيادسة، إنّ ما يحدث في المدينة خلال الأيام الأخيرة لا يتعلّق بحجم شجرة الميلاد أو حجم الشمعدان، بل هو تعبير عن موجة تحريض آخذة بالتصاعد داخل مجموعات يمينية تحاول اختراع أزمة بهدف بثّ التوتر والكراهية داخل المدينة.
أزمة مفتعلة
وأضاف في مداخلة ضمن برنامج "أول خبر" على إذاعة الشمس، أن الرموز الدينية في الجادة الألمانية قائمة منذ أكثر من واحد وثلاثين عامًا، في نفس الموقع وبالأحجام نفسها، دون أن تُسجَّل أي إشكالية، "مما يجعل الادعاء الحالي حول إهانة الرموز اليهودية ادعاءً مفتعلًا بالكامل".
وأضاف بيادسة أنّ البلدية وأعضاءها تلقّوا خلال يومين فقط عشرات وربما مئات الرسائل الإلكترونية الموحّدة، في محاولة من تلك المجموعات لإظهار أنّ هناك "غضبًا عامًا"، بينما يتبيّن من طبيعة الرسائل أنّها حملة منظّمة هدفها تغذية الانقسام.
وأشار إلى أن هذا الجو يعكس التغييرات التي تشهدها البلاد في العامين الأخيرين، حيث أصبح الهجوم على الثقافة العربية وحرية التعبير ظاهرة تتكرر في مواقع عدة، من بينها حيفا.
وأوضح أن هذه الضغوط استهدفت أيضًا مؤسسات ثقافية وفعاليات فنية في المدينة، من خلال رسائل تهديد وإلغاء ومحاولات لفرض رقابة غير مباشرة عبر الضغط على مسؤولي البلدية ووزارة الثقافة.
وتابع: "هذا النهج يحاول رسم حدود لحرية التعبير وفق مزاج العنصرية والعنجهيّة، وهو أمر نرفضه بشكل قاطع، وتجاهل هذه الحملات لا يكفي، والمطلوب موقف واضح وحازم من البلدية ضد محاولات جرّ حيفا إلى دائرة التحريض".
محاولات تقزيم الوجود العربي
وقال إنّ الهدف الحقيقي لمن يقودون هذه الهجمة هو ضرب العيش المشترك، وتقزيم الوجود العربي، ومحاولة تحويل أي نقاش رمزي صغير إلى منصة لنشر الكراهية.
وأوضح أنّ هذه الحملة تأتي ضمن سياق أشمل من التضييق على الفعاليات الثقافية، وخلق بيئة تخويف تمنع الإنتاج الفني أو تُضعف حضوره.
ومع ذلك، شدد على أنّ المشاريع الثقافية ستستمر دون أي تنازل، وأنّ الحفاظ على الهوية والوجود الثقافي العربي في حيفا معركة يومية تتطلّب شجاعة وموقفًا جماعيًا ثابتًا.
وختم بيادسة بالقول إنّ على البلدية إعلان موقف صريح يضع حدًا لهذا التمادي، لأنّ السماح لهذه الجماعات بالاستمرار سيؤدي إلى تفاقم التوترات وإدخال المدينة في مسارات خطرة لا تمثل سكانها ولا تاريخها.