قال المحامي رائد شنان، مدير عام المجلس الديني الدرزي الأعلى، إن التحرك لعرض شهادات في الأمم المتحدة في جنيف، حول جرائم عنف جنسي ارتكبت في سياق النزاع في سوريا، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، جاء بعد أشهر من جمع الإفادات والمعطيات حول المجازر التي تعرض لها الدروز في تموز الماضي.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "أول خبر" على إذاعة الشمس، أن المعلومات جرى توثيقها وتقديمها عبر ورقة عمل ومذكرة رسمية إلى منظمة اليونيتار، وهي الجهة الأممية المختصة بالبحث والتحقيق، بهدف توثيق الجرائم دون كشف هوية الضحايا.
وأوضح أن الحدث ركز هذه المرة على الجرائم الجنسية وعمليات الاغتصاب التي وصفها بالبشعة، مشيرا إلى أنه تم عرض إفادات لفتيات تعرضن للاعتداء الجنسي باستخدام وسائل تكنولوجية متقدمة، تضمن عدم التعرف على الضحايا أو تعريضهن لأي خطر.
وتابع: "تم تسجيل الشهادات وعرضها عبر الذكاء الاصطناعي، بحيث تنقل الإفادة كاملة دون الكشف عن هوية صاحبتها أو مكان وجودها".
وأكد شنان أن عرض هذه الأدلة أمام مؤسسة أممية ذات وزن سياسي وقانوني، مقرونا بوثائق وشهادات موثقة، يشكل خطوة نوعية نحو تدويل القضية، ونقلها من إطار توصيفها كـ"شأن داخلي سوري" إلى ساحة المساءلة الدولية.
وأضاف أن المطالب تركزت على الاعتراف بما جرى كجرائم حرب ومحاولة تطهير عرقي، في ظل استمرار الانتهاكات حتى اليوم.
وأشار إلى أن الأوضاع الميدانية لا تزال خطيرة، لافتا إلى وجود أكثر من 38 قرية محتلة، ونحو 125 ألف نازح داخل محافظة السويداء، إضافة إلى حصار ممنهج يمنع عودة السكان إلى قراهم، ويقيد الحركة الاقتصادية والتعليمية، ولا يسمح بإدخال البضائع إلا تحت ضغط دولي أو عبر مساعدات إنسانية.
وأوضح شنان أن القوات التابعة للنظام السوري دخلت إلى القرى، وطردت سكانها، وتمركزت فيها، مع منع الأهالي من العودة، معتبرا أن هذا الواقع يرقى إلى شكل من أشكال الاحتلال.
وأكمل: "عندما تقوم قوات دولة بطرد مواطنيها من قراهم ومنعهم من العودة، لا يمكن تسمية ذلك إلا احتلالا".
وتطرق شنان إلى ما وصفه بازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع الملف السوري، مؤكدا أن أبناء الطائفة الدرزية لا يطالبون بتغيير النظام، بل بضمان حقوقهم الأساسية، أسوة بباقي مكونات الشعب السوري.
وأضاف أن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤوليته في التحقيق والمحاسبة وتوفير الحماية، وليس الاكتفاء بمنح الشرعية السياسية دون مساءلة.
كما أشار إلى أن من بين المطالب التي طرحت في المحافل الدولية حق تقرير المصير لأبناء الطائفة الدرزية في السويداء، موضحا أن هذا المطلب يأتي في ظل استمرار الحصار والانتهاكات، وهو حق مكفول ضمن صلاحيات الأمم المتحدة، ويشكل ورقة ضغط إضافية على النظام السوري.
وختم شنان بالتأكيد على أن التحركات القانونية والدبلوماسية ستتواصل، مشددا على أن ما جرى في جنيف ليس خطوة رمزية، بل مسار مستمر يهدف إلى تثبيت الجرائم قانونيا، ومنع طمسها أو تبريرها، وضمان محاسبة المسؤولين عنها دوليا.