كيسنجر : على اسرائيل ان تدرك ان الولايات المتحدة انقذتها في حرب 1973
نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية مقتطفات من لقاء غير عادي مع وزير الخارجية الاميركي الأسبق هنري كيسنجر الذي شارك في برنامج تلفزيوني وثائقي اسرائيلي تحت عنوان "الحرب التي لا مفر منها" وذلك في الذكرى الاربعين لحرب اكتوبر ( يوم الغفران) 1973. وجاء في هذه المقتطفات كما رواها مراسلها عمير اورين ما يلي:
كان عام 1983 مليئا بالاحداث، فقد كان بداية الانسحاب الاميركي من فيتنام والانزلاق في أزمة ووترغيت، وفي هذا العام قررت ادارة (الرئيس الاميركي السابق) نيكسون ان تطلق مبادرة سلام مصرية اسرائيلية، ولكن ليس قبل انتخابات الكنيست المقررة في 30 تشرين الاول (اكتوبر) في اسرائيل.
قال كيسنجر "بالنسبة لنا ممن يهتمون بالسياسة الخارجية، كنا نواجه مشكلة فيتنام، والتحدي الصيني، والحرب الباردة مع روسيا، وفوق هذا الحرب العربية الاسرائيلية في وقت كانت الرئاسة الاميركية تئن تحت بداية اجراءات التحقيق".
"تسببت ازمة ووترغيت في تقييد مناورات الرئاسة. ولربما كنا متأثرين بادراك ان من الافضل انتظار مبادرة السلام الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية. واتخذنا خطوات اولية تجاه مبادرة السلام في اجتماعين مع مستشار الامن القومي المصري (حافظ اسماعيل). ومن الضروري ان نتذكر انه كان لنا علاقات دبلوماسية (وان لم تكن كاملة) او اتصالات مع بعض الدول العربية".
وردا على سؤال عما اذا كان بالامكان تحاشي الحرب بموافقة اسرائيل على الانسحاب من كل اراضي حدود 1967 كما اقترح السادات؟ قال "لم تكن لدينا وسيلة لمعرفة ما اذا الاقتراح اصيلا. ولم تكن لدينا اي اشارة بان سوريا توافق عليه، وكنا واثقين ان اسرائيل لن تنظر في هذا في الظروف الراهنة انئذ، بوجود انتشار سوفياتي على امتداد قناة السويس، وغزو سوريا للاردن. كان ذلك مقترحا عاما، رغبنا في ان نحوله الى اقتراح مضاد للعمل مرحلة بعد اخرى، بطريقة يظل فيها تعريف الانسحاب عرضة للبحث".
وعن مدى جدية تهديد السادات، قال كيسنجر "اصدر السادات عدة تهديدات على مدى فترة طويلة من الزمن. وكنا نرى انه لا يملك القدرة العسكرية لتنفيذها. وكذلك كان تقدير الاستخبارات الاسرائيلية التي وصل الينا تكرارا. وكانت لدينا خطة محكمة للبدء بمفاوضات سلام، وهو ما نقلناه عبر مستشار الامن القومي المصري، وكان الاسرائيليون على علم به. وسواء جرى تبكير توقيت مبادرة السلام، فان ذلك يظل السؤال الكبير للصحافيين للتساؤل عنه لاربعين سنة قادمة".
"بدأنا الاستفسار عن الوضع التكتيكي (في اواخر ايلول /سبتمبر، واوائل تشرين الاول / اكتوبر) نتيجة استلامي تقرير استخبارات تحدث عن حشود للقوت المصرية والسورية على الخطوط الفاصلة. وكان من الطبيعي ان نستفسر من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ومن الموساد الاسرائيلي عن تقييمهما للوضع. جاء التقييم الاولي انه ليس هناك ما هو اكثر من مناورات عادية. ولذا فانه لا يمثل تهديدا اضافيا للحرب. طلبتُ اجراء التقييم كل يومين، للتاكد من اننا لا نؤخذ على حين غرة.
"يوم الجمعة الخامس من تشرين الاول (اكتوبر) ابلغنا عن زيادة القلق، ولكن ليس عن خطرر جديد معين، وان الحشود التي لوحظت يمكن ان تمثل شيئا خطيرا. وطلب منا ان ننقل الى الجانب العربي ان اسرائيل ليست لديها النية في القيام بهجوم استباقي، وان اي تحرك عسكري يجب الا يقوم على اساس التخمين بهجوم اسرائيلي. وهو ما فعلناه. وعلمت في السادسة والنصف صباح السبت عندما ايقظني مساعد الخارجية جو سيسكو (الذي قال) ان الحرب وشيكة. كنا في نيويورك لحضور الجمعية العامة للامم المتحدة، وقد ايقظني وقال اننا اذا تحركنا فورا، فقد نستطيع ان نتحاشى اندلاع الحرب".
"صدر قرار اسرائيل برغبتها وليس بطلب منا بعدم الهجوم الاستباقي، حيث ان الهجوم العربي كان سيبدأ بعد ساعات قليلة. وكان اول ما خطر بالبال كيف يمكن ان يكون الهجوم الاستباقي مفيدا في هذا الوقت، يوم عيد الغفران، من دون قوة جوية اسرائيلية وضد منظومة الدفاع الصاروخية الروسية التي اثبتت في وقت لاحق من الحرب انها فاعلة الى حد كبير الى ان تم عبور القناة.
في 12 شرين الاول (اكتوبر) وخلافا لتوصية كيسنجر، استسلمت اسرائيل وعادت عن معارضة وقف اطلاق النار وطلبت تنفيذه.
"اما عن الدروس التي استقيناها من تلك الازمة فان على المرء ان يدرك انه مهما كان عليه ان يفعله في نهاية الامر، فان عليه ان يظل محتفظا بهامش لاتخاذ قرار، وان يكون لديه نطاق طويل من الاهداف".