الكاريكاتور.. فاكهة الكوميديا الإنسانية في الزمن التراجيدي العربي
أكّدت ثورات الربيع العربي القولَ إن الشعوب حريصة على تخليد معاركها اليومية مع مؤسّسات القمع والتسلّط عبر سبيل فنونها وإبداعاتها. والظاهر أنّ لكلّ حدث، سياسيّ أو اجتماعي، نوعيّة مخصوصة من الفنون التي تدوّنه وتتفاعل معه، وهو أمر تجلّى بوضوح في التعاطي الإبداعي مع هذه الثورات، إذْ تكثّف حضور فنَّيْ الجرافيتي والكاريكاتور بما لم نر له مثيلا بالنسبة إلى باقي الفنون الأخرى كالموسيقى والشعر والرواية وغيرها.
وفي هذا الشأن، ارتأت "العرب" أن تعرض على قرّائها بعض صور تعاطي فناني الكاريكاتور مع أحداث معيشهم، وذلك للوقوف على حدود أدوارهم في التفاعل معها هنا جولة في تجارب عدد من الرسامين العرب، مصطفى حسين، موفق قات، ياسر أحمد، وآخرين.
ولاشك في أن الفنان مدعو لأن يكون باثا ومتقبلا في آن؛ فهو متقبل لتوزيع عادل للخوف، وباث للإحساس بوقع الخوف.
ياسر أحمد: كل شيء في سوريا بات مصدرا للخوف
ياسر أحمد فنان تشكيلي سوري، يرسم الكاريكاتور المتصل بالأوضاع السياسية وشتى تلاوين الهم الجماعي، عاش الثورة السورية فنانا وإنسانا بعائلة وأطفال، وخاف شظاياها بكل ما في الكلمة من زفير.
عن كيفية التعاطي مع الخوف والرعب السائد في سوريا، قال ياسر أحمد "مثل كل سوري بات الخوف يسيطر على كل لحظات وتفاصيل حياته.
ضد الخوف
الخوف هنا ليس خوفا نابعا من أن اختصاصي أو عملي حساس ويجعلني في الواجهة أو في أعلى لائحة الموت، بل لأن الخوف أصبح شعورا جماعيا عاما مسيطرا على كل مواطن سوري ارتباطا بما يحدث كل يوم، سواء الخوف على أسرته وعلى أهله أو على بلده وحضارتها الممتدة لأكثر من 5000 عام.
وأضاف أن الخوف في أصله يعود لمسببه أي المشكل أو الخطر، لذا كثرت المواضيع فكل عنصر وكل مفردة في هذا البلــد بـات مصدراً للخوف منه أو عليه، فتراني أرسم الخوف من فقــدان الأهــل، والخوف من مزيــد تدهـور أحـوال البلد، والخـوف مـن تفشي ظـواهــر سلبيــة غريبـة ودخيلـة عـن مجتمعنـا.
وعرّج ياسر على لعبة أتقنها الشعب السوري وهي الفرار من الموت المحدث يوميا، ومراوغة اعين النظام المترصدة للوحاته، فقال أنه بات متمرسا على لعبة الفرار من الموت التي أجادها منذ ولوجه عالم الرسم الكاريكاتوري، وعلل ذلك بالقول "تأقلمنا على استخدام الرمز والإيحاء في التعبير أي رسم ما نريد، قدر المستطاع الفنّي، لكسر الخطوط الحمراء، أي الكسر الهادئ للحدود المرسومة سلفا".
في مرمى النيران
عن إشكال التوفيق بين "الذاتي" و"الموضوعي" وهو معادلة قديمة في المعالجات الفنية، قال الرسام السوري "أرسم الذاتي عندما يتطابق مع الموضوعي أي انني لا استطيع أن أرسم ما هو ليس موضوعيا وواقعيا على حد كبير، على أن لا يستفزني، وهو أمر عائد إلى أنني لا أرسم لنفسي بل اتقصّد جمهورا متعددا، لذا عليّ ان أقدّم الموضوعي على الذاتي".
يحيلُ هذا على أن تقديم البعد الموضوعي الجماعي العام قد يلغي ذاتية الفنان/ الإنسان، لكن ياسر أحمد المقيم منذ ما يزيد عن شهر في تركيا فنّد ذلك وأشار إلى أنه "يفكر في الموضوع الذي يبتغي معالجته من منظوره الكاريكاتوري، فيخلق الفكرة ثم يصوّبها وينفذها، وبمجرد أن يفرغ من "واجبه الفني" يخلع ثوب الرسام ويلتفت صوب أسرته ليغوص مع ولديه ليمارس معهما طقوس الطفولة".
وعرّج ياسر أحمد على مسألة "الرقيب" فقال "أفكّر في الرقيب ومن لا يفكر في الرقيب المختبئ في كل الزوايا فإنما يخدعُ نفسه، ولكن الحذر يتفاوت من فنان لآخر، ويتغيّر أيضا حسب المسافة الفاصلة عن الرقيب، في معانيه المتعددة، الذي تشتد سطوته وخطورته كلما اقتربنا من مجال نفوذه ونطاق تغطيته ومرمى نيرانه".
وحول اللوحات التي تخلّص فيها من ربقة المراقبة وتحرر فيها من الخوف قال "لدي بعض اللوحات التي تحررت فيها ورضيت عنها، ولكنها ليست بالضرورة سياسية محضة، فمفهوم المحظور قد يتوسع ويطال مجالات ومحاور حياتية أخرى متعددة".
وختم ياسر احمد بالتأكيد على "الدور المنوط بعهدة كل فنان، فهذا الأخير يتحملُ النصيب الأوفر من المسؤولية بوجوب مقارعة السلبية بريشته والتحلي بقدر من الموضوعية ليتوصل إلى أن يكون مساهما فعالا في فك العقد الجماعية، فالريشة كالبندقية تستطيع أن تناضل بها، كما يمكن أن تقتل بها".
عن العرب اللندنية
أكّدت ثورات الربيع العربي القولَ إن الشعوب حريصة على تخليد معاركها اليومية مع مؤسّسات القمع والتسلّط عبر سبيل فنونها وإبداعاتها. والظاهر أنّ لكلّ حدث، سياسيّ أو اجتماعي، نوعيّة مخصوصة من الفنون التي تدوّنه وتتفاعل معه، وهو أمر تجلّى بوضوح في التعاطي الإبداعي مع هذه الثورات، إذْ تكثّف حضور فنَّيْ الجرافيتي والكاريكاتور بما لم نر له مثيلا بالنسبة إلى باقي الفنون الأخرى كالموسيقى والشعر والرواية وغيرها.
وفي هذا الشأن، ارتأت "العرب" أن تعرض على قرّائها بعض صور تعاطي فناني الكاريكاتور مع أحداث معيشهم، وذلك للوقوف على حدود أدوارهم في التفاعل معها هنا جولة في تجارب عدد من الرسامين العرب، مصطفى حسين، موفق قات، ياسر أحمد، وآخرين.
ولاشك في أن الفنان مدعو لأن يكون باثا ومتقبلا في آن؛ فهو متقبل لتوزيع عادل للخوف، وباث للإحساس بوقع الخوف.
ياسر أحمد: كل شيء في سوريا بات مصدرا للخوف
ياسر أحمد فنان تشكيلي سوري، يرسم الكاريكاتور المتصل بالأوضاع السياسية وشتى تلاوين الهم الجماعي، عاش الثورة السورية فنانا وإنسانا بعائلة وأطفال، وخاف شظاياها بكل ما في الكلمة من زفير.
عن كيفية التعاطي مع الخوف والرعب السائد في سوريا، قال ياسر أحمد "مثل كل سوري بات الخوف يسيطر على كل لحظات وتفاصيل حياته.
ضد الخوف
الخوف هنا ليس خوفا نابعا من أن اختصاصي أو عملي حساس ويجعلني في الواجهة أو في أعلى لائحة الموت، بل لأن الخوف أصبح شعورا جماعيا عاما مسيطرا على كل مواطن سوري ارتباطا بما يحدث كل يوم، سواء الخوف على أسرته وعلى أهله أو على بلده وحضارتها الممتدة لأكثر من 5000 عام.
وأضاف أن الخوف في أصله يعود لمسببه أي المشكل أو الخطر، لذا كثرت المواضيع فكل عنصر وكل مفردة في هذا البلــد بـات مصدراً للخوف منه أو عليه، فتراني أرسم الخوف من فقــدان الأهــل، والخوف من مزيــد تدهـور أحـوال البلد، والخـوف مـن تفشي ظـواهــر سلبيــة غريبـة ودخيلـة عـن مجتمعنـا.
وعرّج ياسر على لعبة أتقنها الشعب السوري وهي الفرار من الموت المحدث يوميا، ومراوغة اعين النظام المترصدة للوحاته، فقال أنه بات متمرسا على لعبة الفرار من الموت التي أجادها منذ ولوجه عالم الرسم الكاريكاتوري، وعلل ذلك بالقول "تأقلمنا على استخدام الرمز والإيحاء في التعبير أي رسم ما نريد، قدر المستطاع الفنّي، لكسر الخطوط الحمراء، أي الكسر الهادئ للحدود المرسومة سلفا".
في مرمى النيران
عن إشكال التوفيق بين "الذاتي" و"الموضوعي" وهو معادلة قديمة في المعالجات الفنية، قال الرسام السوري "أرسم الذاتي عندما يتطابق مع الموضوعي أي انني لا استطيع أن أرسم ما هو ليس موضوعيا وواقعيا على حد كبير، على أن لا يستفزني، وهو أمر عائد إلى أنني لا أرسم لنفسي بل اتقصّد جمهورا متعددا، لذا عليّ ان أقدّم الموضوعي على الذاتي".
يحيلُ هذا على أن تقديم البعد الموضوعي الجماعي العام قد يلغي ذاتية الفنان/ الإنسان، لكن ياسر أحمد المقيم منذ ما يزيد عن شهر في تركيا فنّد ذلك وأشار إلى أنه "يفكر في الموضوع الذي يبتغي معالجته من منظوره الكاريكاتوري، فيخلق الفكرة ثم يصوّبها وينفذها، وبمجرد أن يفرغ من "واجبه الفني" يخلع ثوب الرسام ويلتفت صوب أسرته ليغوص مع ولديه ليمارس معهما طقوس الطفولة".
وعرّج ياسر أحمد على مسألة "الرقيب" فقال "أفكّر في الرقيب ومن لا يفكر في الرقيب المختبئ في كل الزوايا فإنما يخدعُ نفسه، ولكن الحذر يتفاوت من فنان لآخر، ويتغيّر أيضا حسب المسافة الفاصلة عن الرقيب، في معانيه المتعددة، الذي تشتد سطوته وخطورته كلما اقتربنا من مجال نفوذه ونطاق تغطيته ومرمى نيرانه".
وحول اللوحات التي تخلّص فيها من ربقة المراقبة وتحرر فيها من الخوف قال "لدي بعض اللوحات التي تحررت فيها ورضيت عنها، ولكنها ليست بالضرورة سياسية محضة، فمفهوم المحظور قد يتوسع ويطال مجالات ومحاور حياتية أخرى متعددة".
وختم ياسر احمد بالتأكيد على "الدور المنوط بعهدة كل فنان، فهذا الأخير يتحملُ النصيب الأوفر من المسؤولية بوجوب مقارعة السلبية بريشته والتحلي بقدر من الموضوعية ليتوصل إلى أن يكون مساهما فعالا في فك العقد الجماعية، فالريشة كالبندقية تستطيع أن تناضل بها، كما يمكن أن تقتل بها".
عن العرب اللندنية
يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!