أراجوزات الإخوان

تابع راديو الشمس

أراجوزات الإخوان

أراجوزات الإخوان
عرفت مصرُ "الأراجوز" مع الغزو العثماني لمصر عام 1517. وهو الفن الشعبي الذي ابتدعه المماليكُ في أواخر عهدهم الذي بدا في القرن الثالث عشر. وكان يُعرف في دولة العثمانلية بـ القره قوز" ثم حُرّفت إلى الكلمة التي نعرفها اليوم: أراجوز. وفي هذا الفن، يختبئ اللاعبُ تحت منضدة تقف عليها العروسة التي يلبسها اللاعبُ في يده مثل قفاز. للشاعرة: فاطمة ناعوت كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية. تخرجت في كلية الهندسة قسم العمارة جامعة عين شمس. لها، حتى الآن، سبعة عشر كتابًا ما بين الشعر والترجمات والنقد. تكتب عددًا من الأعمدة الأسبوعية الثابتة في صحف مصرية وعربية منها: "المصري اليوم"، "الرؤية" العُمانية، "الوقت" البحرينية، "نهضة مصر.

 

أراجوزات الإخوان 

 

فاطمة ناعوت 

 

عرفت مصرُ "الأراجوز" مع الغزو العثماني لمصر عام 1517. وهو الفن الشعبي الذي ابتدعه المماليكُ في أواخر عهدهم الذي بدا في القرن الثالث عشر. وكان يُعرف في دولة العثمانلية بـ القره قوز" ثم حُرّفت إلى الكلمة التي نعرفها اليوم: أراجوز. وفي هذا الفن، يختبئ اللاعبُ تحت منضدة تقف عليها العروسة التي يلبسها اللاعبُ في يده مثل قفاز. أصابعُه هي البطل الحقيقي للعرض. وصوتُ الأراجوز هو صوت اللاعب الذي يضع في فمه شيئًا ليغيّر نبرته فتغدو حادًّة مثل دُمية لا حول لها ولا قوة. أخذه الغربُ عنّا بعد تعديل الميكانيزم ليمسك اللاعبُ العروسةَ، التي أسموها "ماريونيت"، بخيوط عشرة في أصابعه العشرة، يقبض كلُّ خيط على عضو من أطراف العروسة، فتتحرك حسب مشيئة اللاعب المختبئ وراء ستار أسود.

في عصر الإخوان التعس، انتقل عرضُ الأراجوز من باب الفن الشعبي إلى خانة الواقع السياسي الهزلي المقزز. فرأينا رئيسَ دولة تحركه أصابعُ المرشد النحيلة الماكرة، وهو مختبئ وراء ستار مكتب الإرشاد، مع أصابع خيرت الشاطر الغليظة المنتفخة بأموال الشعب، ليحركا كلاهما مرسي التعس الذي رمت به الأقدار إلى الهاوية، مثل جندي إغريقي أعمى تقوده آلهةُ الشر إلى حتفه المقدور.

تلك أجروميةُ فصيل الإخوان المنكود وكافة الفصائل المتطرفة التي انبثقت منها من جهاديين وإرهابيين وسفاحين ولصوص أوطان. لا يعرفون إلا الانقياد وراء عرّابهم دون أدنى تفكير! وهل تفكر العرائس؟! أول درس تلقنوه في طفولتهم، هو مقولة ربّهم (الذي ربّاهم)الأول "حسن البنّا": "الأخُّ بين يدي مرشده، كالميّتِ بين يدي مُغسّله. يُقلِّبُه كيف شاء ذات اليمين وذات اليسار. فليدعْ الواحدُ منكم رأيَه، وليُطِعْ مرشدَه؛ مخطئًا كان أو مُصيبًا. فإن خطأَ المرشدِ أنفعُ من صوابك."!!! لهذا تغتال قيادات الإخوان أبناءهم إن تجاسروا وفكّروا، فأنكروا، لا سمح الله، قرارًا من قرارات المرشد. مثل "السيد فايز"، المهندس الذي أرسل له المرشدُ وقتئذ علبةً من حلوى المولد عام 1954، فانفجرت في وجهه، بعدما تجاسر وانتقد المرشد. ولا نندهش من دموع المرشد في حفل تأبينه. فقد قتله "حبًّا فيه"، (يا حرام!) لكيلا يرتكبَ مزيدًا من الآثام، بعدما تبيّن أنه "ذو عقل يفكر". والعقل مرفوضٌ مرفوضٌ مرفوضٌ يا ولدي، في نهج التيارات الدينية كافة، لأن وجوده يُلغي عمل "اللاعب"، أو المرشد، أو الملالي.

وفي لحظة صحو شعبية نيّرة، تم قطع الخيوط عن عروس "مرسي" فسقط من فورة على الطاولة على هيئة مجموعة من العصيّ والقش والخرز والقماش. لكن مئات الخيوط مازالت مربوطة في أطراف وأفوه عرائس الإخوان الصغيرة التي تعمل الآن على هدم المسرح الذي أطعمهم من جوع وآواهم من تشرّد وضياع. يهدمون مصر، أم التاريخ وصانعة الحضارة وقِِبلة المستنيرين منذ أفلاطون في القرن الرابع قبل الميلاد، وحتى آخر أفلاطون يظهر في نهاية الزمان. 

أراجوزات الإخوان الآن يرتدون أثواب طلاب في جامعة القاهرة ويحطمون أعمدة الإنارة ويُشعلون النار بغرف الأمن. أراجوزات الإخوان اللواتي يرتدين أثواب طالبات في جامعة الأزهر، وضعن اللثام فوق وجوههن واقتحمن قاعات المحاضرات ثم تعدين على دكتورة بجامعة الأزهر اسمها "هدى الزفتاوي" ثم جرّدنها من حجابها ونزعن ملابسها أمام العالمين. يطرقن على أواني الصفيح بالمطارق ويغنيّن الأغاني البذيئة التي تعرفها جليسات الأعتاب! وفي الإسكندرية خصص عميدُ الكلية غرفةً للاختباء فيها من أراجوزات الإخوان الذين يحطمون الزجاج ويضربون الطلاب ويتطاولون على الأساتذة، دون وازع من ضمير أو تربية أو تعليم. وبالأمس، قام الأراجوزات الأشرار بذبح سائق تاكسي ألقى به حظُّه العسر في مسيرة أراجوزية تجوب شوارع المنصورة تسبّ مصرَ والمصريين وجيش مصر. وبعدما ذبحوه بدم بارد (وهل للعرائس دماء؟!) أضرموا النار في سيارته التي يقتات منها أطفاله وأمه وأبوه الفقراء. وبالأمس أيضًا مزّقت تلك الأراجوزات مسلوبة الوعي والإرادة جسدَ كوافير لأنه رفع في محلّه الذي يعيل أسرته الفقيرة صورة الفارس "عبد الفتاح السيسي" الذي قطّع خيوط الإراجوز الأكبر "مرسي" وأسقطه عن طاولة العرض، بعدما خرج الجمهور بعشرات الملايين ساخطين على الأداء السيء الركيك وخروج الأراجوز مرسي عن النص الذي اختاره الجمهور. 

والآن خرج لاعبٌ آخر اسمه أبو إسحق الحويني يمسك خيوط أراجوزات الإخوان ليهدموا الدستور المحترم الذي كتبه الشعب بنفسه. أفتى مولانا بأن التصويت بـ"نعم" على دستورنا حرام حرام حرام. فذكرنا بمهزلة "غزوة الصناديق" التي قادها لاعب الأراجوز "محمد حسين يعقوب" يوم 19 مارس 2011، حين ضحك على الأغرار السُّذج قائلا: “قالت الصناديق للدين: نعم". فضحك عليه الأسوياءُ وصدقه الأراجوزات سليبو العقل. 

لا نلوم اللاعبين القابضين على خيوط الماريونيت، فتلك طبيعةُ عملهم الغثّ، ومصدر ارتزاقهم الحرام، ومهنتهم الوحيدة التي يتقنونها ولولاها ماتوا من الجوع. إنما لومنا على مَن يقبل أن يكون ماريونيت في يد رجال طبع الُله على قلوبهم بالجهل والجهالة وكراهية البشر والحق والجمال!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 فاطمة ناعوت - كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية. تخرجت في كلية الهندسة قسم العمارة جامعة عين شمس. لها، حتى الآن، سبعة عشر كتابًا ما بين الشعر والترجمات والنقد. تكتب عددًا من الأعمدة الأسبوعية الثابتة في صحف مصرية وعربية منها: "المصري اليوم"، "الرؤية" العُمانية، "الوقت" البحرينية، "نهضة مصر. 

 

 

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول