أثارت دراسة أكاديمية الشكوك حول قوة أداء الكمبيوتر الكمي التجاري "دي ويف 2" في إنجاز بعض المهام الصعبة التي يتعرض لها، مقارنةً بالأجهزة التقليدية.
وكشفت بعض الاختبارات، التي قام بها مجموعة من الباحثين، عن أن سرعة انجاز الكمبيوتر الكمي لمهامه لم تكن أسرع من الكمبيوتر الشخصي.
وأدخل فريق الباحثين مجموعة من المسائل الحسابية إلى جهاز "دي ويف 2" وآخر تقليدي لقياس ومقارنة أداء الجهازين.
وتشترك كلٌ من شركة جوجل ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا في وحدة لـ "دي ويف 2"، والموجوة حاليًا في إحدى محطات الوكالة بولاية كاليفورنيا.
وأظهرت المقارنة عدم استفادة جهاز "دي ويف 2"، الذي تبلغ قيمته 15 مليون دولار، من التقنية الكمية في حساب المسائل الرياضية بشكل أسرع من الجهاز التقليدي.
غير أن الدراسة اقتصرت على نوع واحد فقط من مشاكل الحوسبة، وهو ما يعني أنه قد يكون بإمكان الكمبيوتر الكمي إظهار تقدم في تنفيذ مهامٍ أخرى.
وأرسل الباحثون الدراسة إلى إحدى الدوريات العلمية لنشرها، غير أن عملية المراجعة المتبادلة للتحقق من نتائجها لم تكتمل بعد.
في حين قال مسؤولون بشركة "دي ويف" لبي بي سي إن الاختبارات التي أجراها العلماء لم تكن تقيم الخواص التي يتفوق فيها الكمبيوتر الكمي على الأجهزة التقليدية.
في حين من المفترض أن أجهزة "دي ويف 2" تقوم بتنفيذ العمليات الحسابية، خاصة المعقدة منها، بسرعة من خلال استخدام المبادئ الكمية.
تحدٍ مخيف
ويتم تخزين البيانات على أجهزة الكمبيوتر التقليدية في شكل سلسلة من الأكواد الرقمية، مكونة إما من الرقم صفر أو واحد. في حين تقوم أنظمة الكمبيوتر الكمي بتخزين البيانات بنفس الرقمين معًا، مما يتيح تنفيذ عمليات حسابية متعددة في وقتٍ واحد.
وبإمكان أجهزة الكمبيوتر الكمي الصغيرة، المخصصة للمختبرات وتدعم عددًا محدودًا من البيانات، إجراء عملياتٍ حسابيةٍ بسيطةٍ. لكن بناء الأجهزة الكبيرة منها يمثل تحديًا هندسيًا كبيرًا.
ولذلك، أثارت شركة "دي ويف سيستم"، ومقرها كندا، الشكوك عندما بدأت عام 2011 في بيع أجهزتها الكمية على أنها تستخدم طرقًا غير تقليدية تُعرف باسم "الحوسبة الكمية ثابتة الحرارة".
لكنّ دراستين منفصلتين أُجريتا العام الماضي أظهرتا أن هناك دلائل غير مباشرة على وجود تأثير كمي عرف باسم "التعثر في أجهزة الكمبيوتر".
وكشفت دراسة أخرى صدرت في 2013 لـ"كاثرين ماكغيوش"، من كلية أمهرست بولاية ماساتشوستس الأمريكية، ومستشارة لشركة "دي ويف"، عن أن "دي ويف 2" أسرع من الحواسب المكتبية في أداء بعض الاختبارات بنحو 3600 مرة.
وكانت جوجل ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا وعدد من العلماء قد أعلنوا العام الماضي دخولهم في شراكة مؤقتة في جهاز "دي ويف 2"، الذي يجرى تبريد معالجه بالهيوم السائل، ويعمل في درجة حرارة قريبة من درجة الصفر المطلقة في منشأة "أميس" التابعة لناسا في ولاية كليفورنيا.
وفي بحث جديد، أدخل الدكتور ماثياس تروير، من جامعة "إي تي إتش" في زيورخ السويسرية، ومجموعة من زملائه بعض المسائل الحسابية العشوائية في كمبيوتر "دي ويف 2" الخاص بشركة "لوكهيد مارتين" الأمريكية (وهي أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم)، ومقارنته بالحواسب المكتبية.
وكشفت نتائج البحث عن أن "دي ويف 2" كان أسرع من الأجهزة التقليدية في إنجاز بعض المهام، في حين كان أبطأ في أخرى.
وبشكلٍ عام، لم يجد "تروير" وفريقه أية أدلة على ما يسمى بـ "التسريع الكمي" في جهاز "دي ويف 2".
غير أن جيرمي هيلتون، نائب رئيس وحدة تطوير معالجات البيانات في شركة "دي ويف"، قال لبي بي سي: "إن معالج الوحدة الكمية 512 كان قادرًا على تنفيذ العمليات الحسابية التقليدية رغم أن ما أُعلن من قبل كان عدم استفادة هذه العمليات تحديدًا من خاصية التسريع الكمي في الجهاز."
في حين قال تروير وزملاؤه في الدراسة إن "نتائجنا بخصوص نموذج واحد لا تستبعد إمكانية سرعة الجهاز في حساب أنواع أخرى من المسائل. وتوضح أن سرعة معالجة الكمبيوتر الكمي للبيانات غير محددة وتعتمد على نوعية هذه البيانات."
معالج بـ"ألف وحدة كمية"
لكن هيلتون قال من ناحيته: "من العناصر المهمة في تكنولوجيا "دي ويفز" هي خريطة الطريق والرؤية المستقبلية. نركز بشدة على أداء الجهاز وفهم كيفية عمل التكنولوجيا، بحيث نستمر في تطويرها وحل مشاكل العالم الحقيقية."
وأضاف: "عملاؤنا شغوفون بحل المشاكل الحقيقية في العالم، والتي تعجز الحواسب التقليدية عن حلها. كما تكون عادةً أكثر تعقيدًا مما نحصل عليه من الاختبارات القياسية المباشرة."
وتقول شركة دي ويفز إن لديها حاليًا في أجهزة الكمبيوتر المحمول معالج بيانات بقدرة ألف وحدة كمية "كيوبت". وتخطط للإعلان عنه في وقتٍ لاحقٍ من العام الجاري.
وأوضح هليتون: "هدفنا من الجيل القادم من المعالجات هو تحسين معالجة الأداء الكمي. فعلى سبيل المثال، في حال تكرار الاختبارات القياسية في مستوى 512 وحدة كمية، سيكون الأداء أفضل. لم نرَ حتى الآن أي عقبات أساسية في الأداء بحيث لا يمكن تطويرها."