لم تغب من امام ناظرنا بعد، صورة الطفل السوري، الذي غفت عيونه على شواطئ الموت، شواطئ تركيا، التي هرب منها مع اسرته لينجو من الحرب ليجد موته بين أمواج البحر العاتية، لم اشاهد أقسى من هذه الصورة التي تدل على موت الضمير العالمي والعدالة الانسانية، لنتفاجأ بصورة أكثر رعبا، وحشية وقسوة، اقشعرت لها أبداننا. مجموعة من الإرهابيين التكفيريين المتوحشين، تقوم بذبح الطفل الفلسطيني السوري، ابن الثانية عشرة ربيعاً، عبدالله عيسى، من مدينة حلب، بدعوى أنه يؤيد النظام السوري، أقل ما يقال فيهم، انهم حيوانات تدب على اثنتين، ينتمون الى منظمة نورالدين الزنكي، المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها والتي تعتبر هذه المنظمة بأنها " معتدلة "، رأيت هذا الطفل المقيد على سيارة الشحن وهو يرتجف خوفا، وبعدها يستل أحد هؤلاء المجرمين سكينا وعلى أصوات التكبير يقوم بذبح الطفل، ليجز رأسه بأبشع صورة مقززة ويرفعه علامة لنصر المعارضة على النظام السوري!!!!.
يا لها من بشاعة، أقسم أنه لم تغمض لي عين، ولم يقف عقلي وفكري عن التفكير والتساؤل، منذ ان شاهدت هذا المنظر الذي تقشعر له الأبدان، فكيف يمكن لهذا الأمر أن يحدث وكيف للإنسانية ان تسمح في القرن الواحد والعشرين لمثل هذه الأمور البعيدة كل البعد عن كل حضارة ورقي وإنسانية ان تحدث. إن الأذهان لتعجز عن تخيل مثل هذه الأعمال البربرية، لكنها للأسف باتت مشهدا عاديا للواقع الذي تعيشه سوريا.
ما من شك، بأن هذه الوحشية شهادة على موت الضمير العالمي والعدالة الإنسانية، فهل يستيقظ الضمير العالمي من سباته العميق إزاء هذه المناظر البشعة خاصة بحق الأطفال؟ فقد كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة عن صورة «تقشعر لها الأبدان من الوحشية والانتهاكات، التي يعاني منها الأطفال السوريون منذ ما يقرب من خمس سنوات، ولعل عملية الذبح الوحشية جاءت برهانا على ذلك».
لقد ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في دعوة ملحة الى وقف فوري لاستهداف الأطفال والمدنيين الأبرياء، بما في ذلك استخدام الأسلحة، التي تتسبب في إلحاق أضرار عشوائية وغير متناسبة، مثل موجة الهجمات القاتلة، التي وقعت في حلب. وأضاف:" يتعين على جميع المتورطين في النزاع، وعلى أولئك، الذين لديهم نفوذ عليهم، القيام بكل ما هو ممكن لحماية الأطفال من العنف، ذلك العنف، الذي ليس من صنع الأطفال، ومن ثم لايجب أن يكون لهم فيه أي دور." وشدد على ضرورة أن يكون هناك رد فعل من قبل المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل السوري، التي ورد ذكرها في التقرير، مثل قتل الأطفال وتعذيبهم وتشويههم، والاعتداء الجنسي عليهم، وتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة، واستخدامهم كدروع بشرية، ومهاجمة المدارس والمستشفيات واستعمالها لأغراض أخرى، ومنع إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، فهل من أذن صاغية لهذا النداء؟
المشكلة، أننا نقف عاجزين أمام هذه الأمور المخيفة، ولا نستطيع عمل شيء لوقفها او معاقبة الذين يقفون وراءها، نستطيع أن نبتهل ان تنتهي معاناة الشعب السوري من أعداء الإنسانية، ونستطيع ان ندعم بالمال ولكن هل يكفي ذلك؟
أناشد كل من يستطيع على مستوى الفرد، الجماعة، المنظمات الحقوقية والإنسانية، القيادات العالمية التي تبقى لديها وازع من ضمير او ذرة من اخلاقيات وقيم إنسانية ان لا تقف مكتوفة الايدي، وان تتحد لانقاذ أطفال سوريا من هذا الجحيم الي يعيشونه، لكيلا تتكرر جريمة ذبح الطفل عبد الله عيسى.