قال موقع “المونيتور” إنّ الحكومة الفلسطينية اعتادت على إعلان عجزها المالي وتشكيكها في قدرتها على الإيفاء بمتطلباتها الاقتصادية تجاه الفلسطينيين، وكان آخر ذلك في 24 أكتوبر الماضي، حين أكد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله أن السلطة الفلسطينية تواجه أزمة مالية خانقة، داعيا الدول والجهات المانحة إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين، بناء على اتفاق أوسلو الموقع عام 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف الموقع أن الجديد في أزمة الفلسطينيين المالية، ما أعلنه مدير دائرة الميزانية في وزارة المالية الفلسطينية فريد غنام 30 أكتوبر عن امتناع السعودية عن سداد التزاماتها المالية للسلطة منذ سبعة أشهر، بدءا من إبريل الماضي وتقدر قيمتها بـ140 مليون دولار، حيث تبلغ قيمة مساهمات الرياض الشهرية لميزانية السلطة 20 مليون دولار. وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني في 26 أكتوبر عدم وصول الدعم السعودي إلى السلطة.
وأوضح الموقع أنه يبدو صعبا الحديث عن توقف الدعم السعودي للسلطة الفلسطينية من دون إلقاء نظرة على تراجع واضح في العلاقات بين الجانبين، سواء على خلفية عدم مصالحة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع حماس أو عدم استجابته لمطالب دول الرباعية العربية (مصر والأردن والسعودية والإمارات) بإعادة القيادي المفصول محمد دحلان إلى صفوف فتح، حيث فصله محمود عباس منها في مايو من عام 2011، وهي أزمة تضاف إلى أزمات تراجع علاقات السلطة الفلسطينية مع باقي أعضاء الرباعية وهم الأردن ومصر والإمارات.
وأكد رئيس لجنة الموازنة في المجلس التشريعشي الفلسطيني جمال نصار أن امتناع السعودية عن تسديد حصتها من دعم السلطة الفلسطينية يعود في الأساس إلى أسباب سياسية، في ظل فتور العلاقات السياسية بين الجانبين، مضيفا أن وقف الدعم السعودي سيؤثّر بالضرورة على موازنة السلطة الفلسطينية، وسيتضح ذلك لاحقا في بعض المؤشرات مثل تقليص النفقات الحكومية في الجوانب الحيوية، مثل رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية، بالطريقة التي يحددها وزير المالية.
ويتزامن قرار السعودية بوقف تحويل مساعداتها للسلطة الفلسطينية مع قرارات مماثلة من دول أخرى مانحة للفلسطينيين، منها بريطانيا التي قررت في 7 أكتوبر الماضي تجميد دعم مالي للسلطة الفلسطينية والمقدر بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني، وهو ثلث المساعدات التي تقدمها بريطانيا إلى السلطة سنويا، بحجة الخوف من دفعها كمخصصات لمنفذي العمليات الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل.
وكشف تقرير للبنك الدولي في 15 سبتمبر الماضي أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه أزمة في الميزانية لأن المساعدات الأجنبية للسلطة الفلسطينية هبطت بنحو 50 في المئة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما يفرض ضغوطا شديدة على الميزانية ويضعها على شفا الانهيار.
كما أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في 9 سبتمبر الماضي أن تراجعا كبيرا طرأ على الدعم الخارجي المقدم إلى السلطة الفلسطينية، بنسبة 70 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وأن الوضع المالي للسلطة يستوجب البحث عن مصادر جديدة، منها طلب الدعم من الدول العربية لتجاوز الظروف الفلسطينية الصعبة، مطالبا بتوفير شبكة أمان عربية بمئة مليون دولار شهريا للسلطة، لتواجه الضغوط والأزمات المالية التي تعيشها.
وشدد المونيتور على أن الدعم المالي الذي تقدمه السعودية للسلطة الفلسطينية مشروطا، ولو بشكل غير مباشر، بالتزام السلطة الفلسطينّة بالخط السياسي العام للمملكة، وفي اللحظة التي خرج الفلسطينيون عن هذا الخط، توقف الدعم السعودي، فعندما أيد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات غزو العراق للكويت عام 1990، قررت دول الخليج طرد الفلسطينيين من هذه الدول التي يقيمون فيها، ووقف تمويلهم لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مرحلة ما قبل إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1993.
وفي هذا الإطار، قال مدير البحوث في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية خليل شاهين إن توقف الدعم السعودي للسلطة الفلسطينية تعبير واضح عن فتور وتراجع في علاقاتهما، تجلى بصورة واضحة في بعض تصريحات المسؤولين الفلسطينيين أوائل سبتمبر الماضي، والتي هاجمت مواقف بعض العواصم العربية، دون أن تذكرها، لتدخلاتها في الشأن الفلسطيني، واعتبار هذه التدخلات رغبة عربية بفرض الوصاية على الفلسطينيين، وربما كان لهذه التصريحات وقع سلبي في الرياض، فجاء قرار وقف الدعم المالي للسلطة”.
واختتم الموقع تقريره بأنه رغم خروج السلطة الفلسطينية عن صمتها وإعلانها عن توقف الدعم السعودي لها، لكن السعودية ما زالت تلتزم الصمت، لا تأكيدا ولا نفيا لوقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية، ولذلك يبدو صعبا التنبؤ بالخطوة اللاحقة للرياض تجاه رام الله، فهل يستمر توقف الدعم أم تتراجع السعودية عن قرارها، وتستأنف إيصال مساعداتها للفلسطينيين؟ وهل ذلك قد يكون مرهونا بمدى استجابة السلطة الفلسطينية لمطالب السعودية في الملفات الفلسطينية الداخلية، سواء باتجاه مصالحة عباس مع حماس أو دحلان؟.
المصدر: وكالة سما