وفي الواقع كل البشر لهم تصورات مسبقة عن الناس من خلال أشكالهم ومظهرهم، هل هذا الشخص مثلاً مسامح وكريم وطيب أم مجرم ونذل!
ومن المثير للدهشة أن الانطباع الأول قد يكون دقيقاً إلى حد كبير، وفي بعض الأحيان قد يكون خارج الحقيقة تماماً.
وهنا بعض من الأمور الشكلية التي يعتمد عليها الناس في رسم خرائط الانطباعات عن الآخرين، بل قياس أوضاعهم الصحية هل هم بخير أم يعانون من علل، وهل هم مجرمون أم طيبون؟!
أولا: إذا كنت جذّابا فإن الناس يعتقدون أن لك صفات إيجابية أخرى
بفضل ظاهرة يسميها علماء النفس الاجتماعي “تأثير الهالة” فإن ثمة اعتقاداً بأن الناس الجذابين لهم صفات أخرى رائعة، مثل الذكاء والالتزام.
دانيال همرمش وهو عالم نفس من جامعة أوستن، تخصص في دراسة علم الجمال في أماكن العمل، توصل إلى أن هؤلاء الناس الجذابين يفترض أنهم يدفعون أكثر على السلع ولا يساومون، وبالتالي فالباعة يرفعون لهم الأسعار.
وبالمثل عندما طلب من طلبة جامعيين تقييم مقال لم يشر إلى من كتبه وتعريفهم بأنه فقط أنثى، فقد أثّر ذلك على قرارهم أولا بدرجة ما، ومن ثم ثانيا بدرجة أكبر، بعد أن عرضت عليهم صورة الكاتبة وكانت امرأة جذابة المظهر.
وفي المقابل عندما عرضت عليهم صورة امرأة قبيحة الوجه كانت الدرجات في الحضيض وقلت الدرجات نوعيا في غياب أي صورة.
ثانيا: الناس يمكن أن يقيموا شخصيتك من خلال صورتك الشخصية “البورتريه”.. ولكن!!
من خلال صورتك المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي أو المرفقة مع سيرتك الذاتية، أو أي طلب لخدمة معينة، فإن الناس يعملون على تقييمك.
وفي دراسة عام 2009 عرضت صورا لـ 123 من طلبة جامعة أوستن بعضها كان طبيعيا، والآخر كان مفتعلا بتعابير مختلفة، تم تقديمهم للحصول على وظائف.
كانت النتيجة لدى الذين شاهدوا الصور واختاروا الموظفين بعد المقابلات، أنه بغض النظر عن شكل التصرف أو التعبير في صورة الشخص، فهناك أمور ثابتة في التقييم للاختيار للوظيفة غير الشكل، مثل: مدى انفتاح الشخص على الآخرين، وثقته بنفسه، وديانته، وقدرته على الإنجاز.
وهذه الأمور جميعها لا تظهر إلا في المرحلة الثانية طبعاً، عند المقابلة وجها لوجه، حيث إن المرحلة الأولى مضللة عندما تكون الصورة هي الحكم فقط.
فالصورة قد لا تقول الواقع إذا كانت قديمة أو سيئة أو مفتعلة، ويمكن أن تبعدك من البداية، لأن الاختيار الحقيقي على أرض الواقع بالمقابلة أو بعد بدء تجربة العمل والاختبار قد يكشف إنساناً آخر سوى ما يقوله مظهرك الخارجي.
ثالثا: يستخدم الناس طول الوجه ومن ثم طول الجسم كدليل على قدرة الإنسان أو مهاراته في القيادة
في عام 2013 كانت مجموعة من علماء الأعصاب والنفس والكمبيوتر من أوروبا والولايات المتحدة في لقاء تقييمي لصور 47 من الرجال و83 من النساء لتحديد قدراتهم بشكل عام ومن ثم مستقبلهم القيادي، وذلك من خلال أطوالهم المفترضة.
واتضح أن الناس يستخدمون عوامل مثل الجنس رجل أم امرأة، وطول الوجه لتخمين طول الإنسان، ومن ثم الحكم على القدرات القيادية للشخص.
والنتيجة الحتمية أن الوجوه التي يعتقد الناس بأنها تنتمي لأناس طوال القامة هي التي حظيت بالنصيب الأكبر في الظن بأن أصحابها لهم مهارات قيادية.
رابعا: خارطة الوجه تعطي دليلاً عن مدى عدوانية الشخص الذي أمامنا أو طيبته
في دراسة عام 2013 قام بها باحثون في مركز تغيير السلوك في جامعة كوليدج في لندن، فقد تم التوصل إلى أن الرجال الذين لهم كميات أعلى من هرمون الذكورة “تستوستيرون” الذي يساعد على نمو العضلات ومعدل العدوانية، كانت أوجههم عريضة، ولهم حنك كبير كذلك، وهؤلاء بلا أدنى شك هم أكثر عدوانية أو هم اندفاعيون في الغالب.
خامسا: الناس كذلك تستخدم هيكل الوجه للتدليل على مدى قوتك أو فاعليتك، من تكون؟!
في دراسة عام 2015 عرض الباحثون 10 صور مختلفة على أناس وطلبوا منهم تحديد هوية أصحابها هل هم، ودودون، يثق بهم، وهل تظهرهم الصور أقوياء الشخصية؟!
وكانت النتيجة أن الناس الذين ظهروا مبتسمين في الصور نالوا درجات أعلى في تقييمهم كودودين وجديرين بالثقة، بخلاف عصبي الشكل أو الغاضبين.
واتضح كذلك أن الناس تميل لتقييم أصحاب الوجوه العريضة بأنهم أكثر قوة من سواهم.
سادسا: إذا كنت تبدو غير جدير بالثقة، فمن المرجح أنك مجرم!
ليس من المعروف تماماً لماذا يبدو بعضنا أكثر ثقة به من آخرين ومن الوهلة الأولى، رغم أن ذلك قد لا يستمر إذ يخضع لتقلبات الحياة.
وفي تجربة لباحثين من المملكة المتحدة وإسرائيل، طلب من عدد من الناس النظر إلى صور نساء ورجال أحضرت من قاعدة بيانات متنوعة منها صور من الشرطة لمجرمين وخلطت بصور أخرى تمثيلية الأداء في حالات عادية وغاضبة، وقد طلب تحديد مدى إجرام الشخص صاحب الصورة.
وبغض النظر عن مصدر الصورة، فقد كانت النتيجة واحدة، إن الذين يظهرون بمظهر عدم الثقة بهم تم تصنيفهم مجرمين على أي حال، حتى لو أنهم خارج السجن.
وحتى في الصور التمثيلية فقد ساهمت الانفعالات الغاضبة الكاذبة في ضم أصحابها لفئة المجرمين.
سابعا: كيف يمكن لوجهك أن يمنحك الحياة أو يذهب بك إلى مقصلة الإعدام؟!
في دراسة عام 2015 لعلماء نفس من جامعة تورنتو، تم جمع صور لسجناء من فلوريدا بعضهم محكوم عليه بالسجن مدى الحياة، وبعضهم ينتظر الإعدام، من أصحاب القتل بالدرجة الأولى.
ووزعت الصور أمام مجموعة من المشاركين لوضع درجات تبدأ من 1 إلى 8 لتحديد مدى الثقة بالشخص صاحب الصورة، حيث 8 هو الأكثر ثقة به.
وقد لوحظ من النتائج أن المحكوم عليهم بالإعدام هم الأقل ثقة بهم.
في تجربة ثانية كانت قد عرضت صور أناس حكم عليهم بالإعدام ثم تمت تبرئتهم لاحقا، اعتمادا على الحمض النووي، وفي النتيجة المثيرة للقلق اتضح أن هؤلاء الناس لا يزالون غير جديرين بالثقة رغم حصولهم على البراءة.
وكتب الباحثون أن المظهر الخارجي قد يؤثر على العقوبات، بغض النظر عن الجرم الحقيقي”.
ثامنا: بعيداً عن الأدلة العلمية. يمكن العثور على مؤشرات تدل على علل في الصحة من خلال المظهر.
مثلا التجاعيد قد تشير إلى إشكالات في القلب
يمكن أن يقدم الجلد المتجعد أكثر من مؤشر بخلاف تقدم العمر، مثلا وضعية قلب الإنسان؟!
في تجربة أجريت عام 2012 وجد أن 261 شخصاً لهم تجعدات في الوجه واليدين من آباء كبار السن، وذلك من عينة عشوائية شملت 253 شخصاً في العمر نفسه.
واتضح أن النساء اللائي يعانين من مشاكل في القلب يبدون أكبر سنا بعامين من النساء الأخريات المعافيات، وكان للتجاعيد تلميح بارز في المقارنة.
تاسعا: العينان قد تخبأن بعض العلل الصحية غير الملحوظة
يمكن للأطباء أن يشخصوا بعض الأمراض من خلال النظر إلى العينين، فالبقع الحمراء في شبكية العين، الطبقة الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من العين، قد تدل على مرض السكري، عندما ترتفع مستويات السكر في الدم ما يؤدي لإغلاق الأوعية في الشبكية، ما يسبب الانتفاخ الظاهر في العين.
عاشرا: الوجوه قد لا تحكي كل القصة. بالتالي الأصابع الطويلة للرجال تم ربطها أحيانا بالسرطانات
قام العلماء بدراسة أصابع 1500 شخص مصابين بسرطان البروستاتا و3000 من الأصحاء، خلال 15 سنة، واتضح أن الأصابع الطويلة تزيد من احتمال الإصابة بالمرض، بعكس القصيرة ويتزايد المعدل بعد سن الستين. لكن هذه الدراسة ما زالت تتطلب المزيد من التأكيد.
أحد عشر: الطول أو القصر قد يعني إشارة لخطر ما في بعض الأحيان
تشير الدراسات إلى أن طوال القامة يقل لديهم معدل التعرض لأمراض القلب، فيما قصار القامة تقل عندهم معدلات الإصابة بالسرطان. ويعتقد أن ذلك متعلق بكميات هرمون النمو المفرزة التي قد تشكل حماية للبعض وتضر آخرين. ومهما يكن فإن النتائج هذه لا تعني أنه كونك طويلاً أو قصيراً سوف تكون معرضاً أو غير معرض لمرض ما.