أثبتت شرطة إسرائيل والجيش الإسرائيلي أمس أنهما عندما يريدان، يمكنهما ألا يكونا عنيفين كعادتهما.
وأثبت المستوطنون، أن قوة الابتزاز لديهم لم تنقضِ بصفتها هذه وانهم لا يترددون في استخدام أي وسيلة كي يحققوا المزيد فالمزيد من الانجازات. وأثبتت الحكومة ومعظم وسائل الاعلام في إسرائيل أنها دوما ستتعاون مع الألاعيب التهكمية للمستوطنين، الذين سجلوا أمس انتصارا حقيقيا آخر.
نفذت قوات الشرطة والجيش أمس أمر المحكمة وأخلت حفنة من المستوطنين، ممن بنوا بيوتهم على ارض خاصة مسروقة. وكان ينبغي لهذا الاخلاء أن ينفذ منذ زمن بعيد، وهو أمر مسلم به في دولة القانون، وما كان يفترض أن يصبح قضية وطنية تشغل على مدى اشهر بال اصحاب القرار والجمهور. ولكن المستوطنين، بمساعدة الحكومة، قرروا جعل ما هو مسلم به دراما مفبركة – وكل ذلك لتهيئة التربة لتشريع قانون المصادرة الفضائحي الاسبوع القادم.
وبهذه المناسبة هدمت الحكومة أيضا منازل في أم الحيران وفي قلنسوة، كعملية تدفيع ثمن حكومية ترمي إلى تلطيف حدة أثر الاخلاء في عمونة في أوساط مصوتي اليمين، الذين من ناحيتهم مسموح للمستوطنين أن يعملوا كما يشاؤون في المناطق المحتلة.
كان واضحا مسبقا أن استعراض الاخلاء الذي كان امس استهدف فقط وحصريا خدمة هذه الاهداف. فقد كان المخلون من عمونة يعرفون منذ البداية أنهم مستوطنون على ارض خاصة مسروقة، ولكن الامر لم يقف دونهم. وعليه فإنهم غير جديرين في أي رأفة أو تعويض. وانتظامهم بالذات ضد قوات الامن الذين جاءوا لانفاذ القانون هو الفعل الخطير. فليس صعبا التخمين كيف كان افراد الشرطة سيردون لو كان راشقو الحجارة وساكبو الكلور عليهم عربا إسرائيليين أو فلسطينيين.
كما أن التعويضات الحكومية – في كل التصريحات عن بناء الاف اخرى من وحدات السكن في المناطق كرد على عمونة – هي جزء من استعراض عابث مخطط مسبقا. ومثلها أيضا تصريح وزير التعليم، نفتالي بينيت، أمس وبموجبه المستوطنون "خسروا في المعركة".
هذا قول مغلوط: المستوطنون انتصروا امس في معركة اخرى. فمقابل الاخلاء شبه الوهمي هذا، بكل الدراما التي احاطت به، سيبتزون الان المزيد فالمزيد من الانتصارات لمشروعهم الاجرامي. لقد سبق لبينيت أن وعد بمستوطنة جديدة، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان وعد بـ3 آلاف وحدة سكن اخرى، ووزير الامن الداخلي، جلعاد اردان، قال ان "هذا يوم صعب وحزين لشعب إسرائيل".
يوم ينفذ فيه القانون في دولة إسرائيل ليس يوما حزينا. فلولا المقاومة العنيفة وابتزاز المستوطنين، كان يمكن له ان يكون حتى يوما باعثا على الرضى وبالتأكيد في نظر الوزير المسؤول عن انفاذ القانون في الدولة.