بعد مرحلة التثقيف ورفع الوعي، استمر هذا الأسبوع مشروع "نساء على درب العودة"، الذي يجمع بشراكة عمل ما بين جمعية "كيان" وبين جمعية "الدفاع عن حقوق المهجرين"، بأعماله وبرامجه بهدف إحياء وتنشيط حركة العودة للقرى المهجرة من خلال اعلاء أصوات ونشاطات لنساء من الحقل، حيث تم تنظيم جولات منظمة للنساء المشاركات وعائلاتهن إلى القرى المهجرة، كما وتم البدء ببلورة لجنة توجيه قطرية من النساء والشباب لمتابعة المشروع ووضع خطة عمل شاملة.
وفي السياق، نظمت يوم السبت الفائت جولة لنساء من مجد الكروم والحسينية ونساء من الجديدة والمكر إلى عدة قرى مهجرة حيث شارك في الجولتين قرابة الـ70 مشاركة فيما نظمت يوم الأحد جولة أخرى لنساء من يافة الناصرة شارك بها حوالي الـ 47 امرأة.
وأرشد الجولات، التي كانت للقرى المهجرة الغابسية، الكابري، النهر، اللجون ومناطق أخرى، كل من الناشطيّن في المجال محمد كيال وداوود بدر، عن جمعية المهجرين، فيما قامت انوار منصور من جميعة "كيان" بتركيز الجولات والعمل مع النساء على تعميق وعيهن لأهمية دورهن في قضايا الأرض ةالمسكن.
وفي حديث مع انوار منصور قالت: هذا الأسبوع انطلقنا في مرحلة أخرى من الجولات في المشروع الذي يشارك به أكثر من 117 امرأة من القرى مجد الكروم، الحسينية، الجديدة المكر، يافة الناصرة، وحيفا.
وأضافت موضحة: يهدف المشروع إلى تدريب النساء على خطاب ونشاط العودة، حيث من المُفترض أن يقمن لاحقًا بتنظيم فعاليات تهدف إلى إحياءِ خطاب النكبة ورفع الوعي له خاصة في صفوف الشباب، ويشمل المشروع عدة مراحل منها التثقيفية في عدة مستويات، سواءً تاريخيًا أو بناء إستراتيجيات إعلامية وتنظيمية، ومنها الجولات والتي تأت من باب خلق التصادم ما بين الرواية والمواد التثقيفية والنكبة فعليًا على أرض الواقع برؤيا شمولية ومن منظور نسوي، حيث يشارك الجولة ليس فقط مرشدين من جمعية حقوق المهجرين إنما أصحاب المكان، من عايشوا واقع وألم النكبة وما زالوا يعايشوه.
وأضافت انوار: مهم التوضيح أن المشروع يرتكز على الفرضيّة أنّ النساء الفلسطينيات ممكنات على المستوى الشخصي والمجموعاتي لتطوير حق العودة، والحاجة الحاليّة هي زيادة وتعميق تدخلهن من الحقل في مسار العود تحديدا والوعي السياسي عمومًا.
وعن الجولات قالت انوار: الجولات لاقت التفاعل الكبير، قسم من المشاركات عايشن النكبة بشكل شخصيّ، في قرى معينة، ولم يطلعن على الم بقية القرى، وقسم سمع برواية النكبة من الأجداد. الجولات المذكورة نجحت ليس فقط بنقل الرواية بصورة مفصلة ودقيقة من قبل سكان المكان، إنما ربط المهجرات من القرى المختلفة سوية.
وفي حديث مع محمد كيال، مركز المشروع في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، اوضح وقال:
خلال هذه الجولات شاهدت النساء المشاركات المعالم والآثار المتبقية في القرى المهجرة التي هدمتها قوات الاحتلال اليهودية-الاسرائيلية، مثل المقابر والمساجد والمقامات وبعض البيوت وطواحين القمح وينابيع المياه، واستمعنا الى شرح مُفصل عن الحياة في هذه القرى التي كانت عامرة بأهاليها ومزدهرة في مجالات مختلفة خاصة الزراعة التي كانت متطورة، حيث كانت الجرارات موجودة في بعض هذه القرى وسمعنا القصص من المهجرين من جيل النكبة الذين يعيشون على مقربة من أراضيهم وقراهم وهم محرومون من العودة الى هذه القرى واستغلال اراضيهم التي يستولي عليها اليهود، علما أن قسما من هذه الاراضي الواسعة ما زال مهجرا وغير مستغل.
وأضاف: وروى المسنون قصصا عن مجازر ارتكبت بعدد من القرى، مثل الكابري وبلد الشيخ والغابسية، وعن طرد السكان بالقوة والإرجاء من بلدهم، وعن التمييز وغياب العدالة فيما يدور الحديث عن حق العرب في العودة واستعادة اراضيهم، وانتهاك الحكومة لقرارات المحكمة الاسرائيلية العليا، كما حدث مع اهالي الغابسية الذين منعوا من العودة الى بلدهم رغم قرار المحكمة منذ عام 1951.
واختتم قائلا: المشاركات أبدين اهتماما كبيرا وكثيرات صورن المواقع والمعالم في القرى وصورن ضحايا النكبة والتطهير العرقي وسجلن قصصهم المؤثرة، وهي صور وتسجيلات لقصص لن تنسى، ومن شأنها ان تبقي النكبة حية وحاضرة في نفوسهن.