بداية أقول، وبلا تردد: نعم وألف نعم، أكره حين أصمت فتخرج الكلمات من عيني كل إنسان يعطي من أخلاقه ومخزون قلبه، ففي نظري لا أهمية ووزنا للتاريخ؛ لأنه وكر الكذب وأرض خصبة للأقنعة والمظاهر.
هناك أشياء مؤلمة لا تحصى ولا تعد تحدث، وفي نظري لا شيء يؤلم أكثر من سقوط قناع طالما ظنناه يوما وجها حقيقيًّا. إنّ لهذه الأمور أبعادًا، مفاهيم، انعكاسات، ونتائج متشعبة تؤكّد أن على الإنسان أن لا يهتمّ بمن يكون معه رائعا وداعما في البداية، وإنما عليه الاهتمام بمن يبقى معه حتى نهاية المطاف، ففي البداية كلهم رائعون!
قال جبران: " لو رأيت المجتمع ضدك والكل يمشي عكسك فأمشِ وراء قلبك وتمسك بمبادئك حتى وإن أصبحت وحيدا، فالوحدة أفضل من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك".
ما تقدم يثبت أننا وللأسف نعيش في زمن الأقنعة الزائفة التي غدت ظاهرة منتشرة في كافة طبقات المجتمع ومستوياته بحيث يتحدث الواحد منّا، ويكتب عن القيم الوفاء والإخلاص بكل شفافية وانسجام ولغة جذابة، فيحاول من خلال ذلك أن يتجمّل بأنه المحب الداعم المساند والمخلص رغم أن الحقيقة واضحة وضوح شمس تموز التي تثبت العكس، حيث الهدف الترصد لإلحاق الضرر والتورط .
وآهٍ! لقد تجرّدت الإنسانية من كل أنواع القيم ومصطلح الضمير فأشعلت في قلوب القلائل نيران الحيرة، وعاش النبض بين دخان الهلاك يبحث عن شاطئ الأمان المفقود، فلا مكان بعد نُرسي فيه أرواحنا وآمالنا وتطلعاتنا، وكأننا نبحث عن المستحيل فوق الأفق البعيد.
حاضرك هو مجموعة من إنجازات عديدة قمت بها في الماضي، ومستقبلك هو سلم للتباهي بهذه الإنجازات، وما بين الماضي والحاضر تاريخ يحكمه عالم الأقنعة الزائفة، وما بين الحاضر والمستقبل عالم افتراضيّ مستوحى من تاريخ الماضي.
رماح على قناعة تامّة أنه سيأتي يوم وتسقط فيه كافة الأقنعة الزائفة، وستضيع بزحمة المارة والطريق، وستصرخ وتنادي بأعلى صوتها وداعا وداعًا لهذه المظاهر .