قد يتساءل ويستغرب القارئ فهم العلاقة بين طرفي العنوان، وربما يقول: "وشو جاب عمونا لغاز الأمونيا" .
لم أختر هذه العنوان، لأنه موزون، ولم يأتِ الاختيار عفويًّا؛ وإنما لأُطلع الرأي العامّ والقلة من أصحاب الضمير والشرفاء على حقيقة وواقع ما نمر به من معاناة، خطورة، أبعاد، نتائج، وانعكاسات بناء المستوطنات، وغاز الامونيا.
أودّ التأكيد على أن المواطن العربي متمسك بكل شبر من أرضه التي ورثها عن أجداده وآبائه، ورعاها خير الرعاية بكل إخلاص ومحبة، ومهما كانت العقوبات شديدة ومؤلمة لم ولن تستطيع أي قوة في العالم أن تردع وتسكت صرخة مالك الأرض ضد سياسة سلب الأرض والمسكن، والتي تعني سلب أبسط الحقوق الأساسية المشروعة، وهي بناء بيت للعيش بأمن وكرامة، وهذه سياسة رخيصة غير إنسانية وأخلاقية من الدرجة الأولى، أنها لمواجهة خطيرة تثير القلق والتوتر الشديدين في صفوف المجتمع العربي بكامله.
فسياسة التصنيف والهدم أو مصادرة الأراضي، وعدم المساواة وتقليص نفوذ المجالس المحلية والبلدية وانعدام الخرائط الهيكلية، هي سياسة خطيرة ومرفوضة، ناهيك عن عدم اعتراف الدولة بعدد ليس بقليل من القرى والمجمعات السكنية العربية وخاصة في الجنوب رغم خطورة هذه السياسة، إلّا أنّها مستمرة، يصاحبها الاستياء والتذمر والحوادث المؤلمة التي خلفتها من إراقة دماء وترمل وبناء بذور الشقاق، وهدم جسور من العداوة والتطرف والكراهية بين الدولة والمواطن العربي.
لم تحظَ هذه القضية بعناية وتغطية صحفية من قبل وسائل الإعلام ومواقع التواصل، عمدًا، بهدف قتل القضية، بينما قضية عمونا الاستيطانية، شرق رام الله، التي حرمت أصحابها من أكثر من 10 سنوات للوصول إليها، إذ تمّ بناء المستوطنة على أراضيهم البالغة مساحتها 600 دنم، ويتم هذه الأيام إخلاؤها بالقوة، فهذه القضيّة أوقعت صدى وهزت البلاد من شرقها إلى غربها، ومن شمالها حتّى جنوبها، واحتلت صدارة النشرات الإخبارية خلال كلّ تلك السنوات، وعلى مدار الساعة، فشغلت الائتلاف الحكومي وأصبحت القضية كلّ همّهم، ناسين ومتناسين غاز الأمونيا في خليج حيفا، وخطورة وجود 12 ألف طنٍّ منه وما قد ينتج عنه من تفجير في أي لحظة، فتهديده ملموس، وقد يكون فوريا؛ نتيجة عمل عسكري، أو هزة أرضية، أو أي خلل صناعي لا قدر الله!
زاوية رماح الهادفة إلى التوعية والإصلاح تدعو الوسط العربي بقياداته وبإمكانياته إلى وحدة الصف، والعمل معًا بنوايا سليمة، ومن دافع الشعور بالمسؤولية وبشفافية بعيدا عن المآرب الشخصية لتهيئة الأجواء الخصبة والمريحة والاستمرار بموجة احتجاجات، بكل الوسائل المتاحة وإيصال رسالة مباشرة إلى محبي المساواة والسلام، أن هذه السياسة الرعناء من شأنها أن تهدّد حياة المواطنين جميعًا، وتعكر الأجواء وتزيد الأمور تعقيدًا، ولا تخدم مسألة التعايش والاستقرار في هذه الدّولة.