وعد بلفور أكثر وعد نال شهرة في التاريخ وهو "منح من لا يملك لمن لا يستحق"، وعبارة عن الرسالة التي أصدرتها حكومة
وعد بلفور يعتر من أكثر الوعود التي نالت شهرة في التاريخ وهو الوعد المشهور بـ"منح من لا يملك لمن لا يستحق".
ووعد بلفور عبارة عن الرسالة التي أصدرتها حكومة بريطانيا لإعلان تأييدها في إنشاء وطن يهودي في إسرائيل.
وقد قام بإرسال وعد بلفور الشهير أرثور جيمس الذي كان وقتها وزيرًا للخارجية البريطانية.
حيث أرسله 2 نوفمبر عام 1917، وكان في استقباله لورد ليونل روتشيلد, رئيس طائفة اليهود آنذاك في إنجلترا.
وينص وعد بلفور على تعهد بريطانيا بإقامة وطن لليهود في اسرائيل بشرط عدم المساس بحقوق غير اليهود في إسرائيل أو حقوق اليهود في غيرها من الدول المختلفة الأخرى.
خلفية وعد بلفور:
عندما اندلعت الحرب العالمية عام 1941 قام زعماء حركة صهيون ببذر قصارى جهدلهم من أجل تجنيد الحكومة البريطانية لدعم إنشاء دولة يهودية في إسرائيل.
وحينذاك حاولن بريطانيا فرض سيطرتها على إسرائيل وقت الحرب, الأمر الذي يضمن سيطرتها كذلك في الجزء الشمالي من قناة السويس.
ومن خلال وعد بلفور قامت بريطانيا بإملاء شروطها كلها وكان من ضمنها قيام يهود أمريكا بدعم مجهود أمريكا الحربى.
كما أمرت بريطانيا يهود الدولة الروسية بالعمل على استمرار حربهم مع الدولة الألمانية.
الآثار المترتبة على وعد بلفور:
وكان لوعد بلفور بعض الآثار التي ألقت بظلالها على البلاد العربية فأثارت الزعة القومية ونهض العرب لمحاولة استرداد سيطرتهم على إسرائيل.
ورغم أن وعد بلفور تضمن شرطًا بعدم المساس بحقوق العرب في بلادهم, إلا أنه آثار حفيظتهم. واعتبروا النية البريطانية بفصل إسرائيل الشرقية عن الغربية وإنشاء الأردن الشرقية في منطقة شرق نهر الأردن ما هو إلا اتجاه بريطاني لإنشاء دولة اليهود بمفردها فقط في الجزء الغربي لهذه المنطقة.
كما آثار وعد بلفور حفيظة الكثير من اليهوديين، بحجة أنه قام بتمزيق أكثر من الثلثين من الأرض الإسرائيلية. كما كان لوعد بلفور تأثير في تغيير مجرى التأريخ الخاص بحركة صهيون, إذ استطاعت الحركة للمرة الأولى منذ أن تم تأسيسها من الفوز بتأييد دولة عظمى كبريطانيا.
ولابد من الالتفات إلى أن محاولة بريطانيا فرض سيطرتها على إسرائيل وأخذها من الأتراك, أدى إلى إفساح الطريق لحركة صهيون في إنشاء الكيان اليهودي الذي له اتجاهات سياسية في إسرائيل.
وقد جاء ذكر وعد بلفور في الوثيقة الخاصة بالانتداب على إسرائيل, وكانت بريطانيا قد تسلمتها خلال المؤتمر الذي أطلق عليه سان ريمو سنة 1920.
وكان مجلس عصبة الأمم قد قام بالتصديق عليها في 24 يوليو 1922.
ملاحظات على وعد بلفور:
* الصيغة الخاصة بوعد بلفور مفهومة بشكل تام، فالهيئة الحكومية موجودة وهي في الوعد "الحكومة الخاصة بجلالـة الملك".
كما جاء في الوعد أن الحكومة سوف تقوم ببذل قصارى جهدها من أجل الوصول لهذا الهدف على أرض الواقع، وهذا يدل على وضوح الوعد بشكل كبير.
أما الجملة الخاصة بـ"تنظر بعين العطف إلى إنشـاء وطن قومي سيضم الشعب اليهودي" فهي بمثابة اعترف بأن اليهود هم مضطهدين.
والهدف الأساسي لوعد بلفور سياسيًا ذو ميول استعمارية وليس هدفًا خيريًا.
* وفيما يخص اليباجة الخاصة بوعد بلفور فهي تتضمن بعض الغموض.
حيث تؤكد أن وعد بلفور لن يكون له أي ضرر على مصالح العديد من الجماعات سواء التي ليس لها علاقة باليهود في فلسطين.
أو الجماعات اليهودية التي ليست لها رغبة في المشاركة في إقامة مشروع الحركة الصهيونية، لكن الوعد لم يشير إلى الصيغة أو الطريقة التي تضمن الحقوق بشكل أو بأخر.
تفسير المؤرخين لوعد بلفور:
هناك مؤرخين من الصهاينة أو أولئك الذين يبدون تعاطف معهم يؤكدون أن قيام بريطانيا بإصدار وعد بلفور ناجم عن شعور بالتعاطف ناحية اليهود بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له.
كما كان يرى أن الوقت جاء لأن يكون للحضارة الحاصة بالمسيحية دور في إقامة دولة يهودية، ولذلك، كنوع من التعويض.
وفي الوقت نفسه فإن بلفور كان معروف عنه عداءه لليهود، وعندما قام بتولي رئاسة وزاراء الحكومة البريطانية بين عامي 1903 و1905 قام بمهاجمة اليهود الذين هاجروا إلى إنجلترا.
وذلك بسبب أنهم رفضوا أن يندمجوا مع سكان الدولة، حيث قام باستصدار مجموعة من التشريعات التى تمنع هجرة اليهود لخوفه من لخشيته من أي شر قد يصيب بلاده.
وهناك مؤرخين يرون أن بريطانيا أصدرت وعد بلفور كنوع من التعبير عن الامتنان والجميل لوايزمان لقيامه باختراع مادة محرقة يطلق عليها "الأسيتون" خلال الحرب العالمية الثانية.
ولكن ذهب البعض إلى اعتبار أن ذلك التفسير غير منطقي وتافه ولكنه جاء ذكره فيي دراسات صهيونية وأيضًا دراسات عربية قد تأثرت بها.
وهناك تفسير يقول أن هناك نوع من الضغط الذي مارسه اليهود على بريطانيا لإصدار وعد بلفور.
فكان معروف أن الأفراد الذين كانوا أعضاء في جماعات يهودية ليسوا كتلة ضخمة في الغرب الأوروبي.
كما أنهم لا ينتمون للشعوب التي تعتبر مهمة وبالتالي فإن الدول ذات القـوى العظـمى ليس عليها أن تسانـدها أو حتى تعـاديها، بل قد تتجاهل هذه الجماعات اليهودية.
في الواقع يمكن الاعتراف بأن الأعضاء الذين ينتمون لجماعات يهودية هم مجرد فقط أحد مصادر الضيق فقط، لكنهم ولم يصبحوا أحد مصادر التهديد على الإطلاق.
وفيما يخص الجماعة الصهيونية فلم يكن لهم أي سند أو قوة سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو المالي، حتى أن أثرى أثرياء شعب اليهود ناهضوا حركة صهيون.
وبالتالي فلم يكن هناك بد أو مفر من أن تمرير مطلب الصهاينة باعتبار أنه تسديد خدمة أو مصلحة أو مطلب لدولة إمبريالية تعد من الدول العظمى وهي الدولة البريطانية.
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.