فضل سورة البقرة أنَّ في قراءة سورة البقرة حفظٌ من الشّرور ووقايةٌ من السَّحرة وسحرهم كما أنّ في قراءتها بركةٌ تعمُّ من قرأها..
فضل سورة البقرة عظيم لا يمكن للمرء حصر فضائلها، سورة البقرة هي أول سورة مدنية نزلت في المدينة المنورة جميعها ماعدا آيات الربا والآية التالية والتي نزلت في حجة الوداع حين قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة، 281]، ولقد لقبها القرطبي بفسطاط القرآن لعلو مكانتها وعظمتها وكثرة القصص والحكم والمواعظ بها، يبلغ عدد آيات سورة البقرة مئتان ست وثمانون آية؛ وبذلك تعد سورة البقرة أطول سور القرآن الكريم، كما تحتوي سورة البقرة على أعظم آية في القرآن الكريم وهي آية الكرسي، بالإضافة لأطول آية في القرآن الكريم وهي آية الدين، وتعتبر سورة البقرة ثاني سور القرآن الكريم بعد الفاتحة.
فضل سورة البقرة:
أثبتت الكثير من الأحاديث النبوية الفضل العظيم والكبير لسورة البقرة، كما أكد الصحابة والسلف على ذلك الفضل، فلقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على قراءتها والمواظبة عليها لما لها من فضل عظيم فهي السورة الوحيدة التي ورد في فضل قراءتها العديد من الأحاديث الشريفة، فلقد اعتبر الرسول أن "أخذها بركة وتركها حسرة"، ومن الأحاديث النبوية الصحيحة والتي تؤكد على عظم فضل سورة البقرة:
فلا شك أن القرآن الكريم شفاء وعلاج لما يجده المسلم من أمراض نفسية أو جسدية، وهو كذلك وقاية مما يخافه، كما قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}، [يونس، 57].
• وبخصوص سورة البقرة فإنها تطرد الشياطين وتبطل السحر بإذن الله تعالى، وهي سبب للشفاء من العين خصوصاً الآيتين الأخيرتين منها، والقرآن كله شفاء للأبدان والعقول، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة منها ما أقر الرسول به بأن الشياطين تفر وتنفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله عليه الصّلاة والسّلام قال: (لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ).
• إنَّ في قراءة سورة البقرة حفظٌ من الشّرور ووقايةٌ من السَّحرة وسحرهم كما أنّ في قراءتها بركةٌ تعمُّ من قرأها، ومِصداق ذلك ما رُوي في صحيح مسلم عن أبي أُمامة الباهليّ -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ)، رواه مسلم، في الجامع الصحيح، عن أبي أُمامة الباهلي، والمقصود بالغيايتين غيمتان تظلَّان قارئ البقرة، كناية عن حفظه وحمايته، وفرقان أي جماعتان، والبطلة هم السَّحرة.
• فضل سورة البقرة .. وفي صحيح ابن حبان والحاكم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليالٍ. صححه الحاكم وحسنه الألباني.
• وفضل الرسول صلى الله عليه وسلم حافظ آيات سورة البقرة عن غيره وذلك للتدليل على قدرها العظيم وفضلها، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ: (رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث بَعْثًا وَهُمْ ذُو عَدَدٍ فَاسْتَقْرَأَهُمْ، فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا مَعَهُ مِنَ القُرْآنِ، فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: مَا مَعَكَ يَا فُلاَنُ؟ قَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا وَسُورَةُ البَقَرَةِ قَالَ: أَمَعَكَ سُورَةُ البَقَرَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ سُورَةَ البَقَرَةِ إِلاَّ خَشْيَةَ أَلاَّ أَقُومَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ، فَإِنَّ مَثَلَ القُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ بِرِيحِهِ كُلُّ مَكَانٍ وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَيَرْقُدُ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ أُ وكِئَ عَلَى مِسْكٍ)،رواه الترمذي عن سنن الترمذي عن أبي هريرة، فقد اختار النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من يحفظ سورة البقرة أميراً على الجماعة من الصّحابة الذين بعثهم رغم أنَّه أصغرهم سنَّاً، لكنَّه أفضلهم بحفظه لسورة البقرة.
فضل آية الكرسي:
فضل سورة البقرة .. ولقد وردت العديد من الأحاديث التي توضح الفضل العظيم لآية الكرسي وكيف أنها أعظم آية في القرآن الكريم وهي: { اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة، 255].
• فلقد أورد مسلم في صحيحه ما رواه أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: (يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِى أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ، قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ).
• فضل سورة البقرة .. المواظبة على قراءة آية الكرسي عَقِبَ كلِّ صلاة مفروضةٍ سببٌ في دخول الجنة، كما روى أبو أُمامة الباهليّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: (مَن قرَأ آيةَ الكُرسيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ لَمْ يمنَعْه مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا أنْ يموتَ).
• ولقد ورد أن لقراءة سورة البقرة قبل النوم فضل عظيم وحفظ من الشيطان وشره، كما جاء في صحيح البخاريّ: (إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ).
وعن فضل آخر آيتين من سورة البقرة:
• فضل سورة البقرة .. وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) رواه البخاري.
• وعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.