ايات الرزق من النعم التي أنعم الله بها على عباده، حتى يلجأ المسلم إلى قراءتها لتوسعة رزقه في حالة الضيق، فأكثر ما يشغل بال الإنسان على وجه الأرض هو الرزق، فالإنسان مهما كانت ديانته وملته يسعى دائمًا إلى توسعة رزقه.
فالشخص يستيقظ باكرًا للذهاب إلى عمله ليس حبًا في الاستيقاظ وإنما لجلب رزق له ولأولاده حتى يستخدمه للمأكل والمشرب والتعليم وغيرها، ولذا فيجب عليك أن تقترب من الله سبحانه وتعالى دائمًا، وتدعوه باستمرار عن طريق ايات الرزق ليمن عليك الله ويوسع رزقك.
الإسلام وموضوع الرزق
الكثير من الناس ينظر إلى الرزق على أنه المال فقط، ولكن هذه وجهة نظر خاطئة، فالرزق متنوع ومختلف، فهبات الله متنوعة ومختلفة ولا يفرق الله بين شخص وأخر، فيوجد شخص رزقه الله بالمال، وأخر بالولد الصالح، وغيره بالصحة، كما أن الإيمان رزق، والرضا رزق، وحب الله والرسل والتقرب لله رزق.
والله سبحانه وتعالى لو أراد أن يعطي العالم بأكمله المال الغزير، لفعل دون عناء ومشقة، كما قال في الحديث القدسي الجليل الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم: أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
آيات الرزق
تعددت الأدعية والآيات القرآنية للتضرع إلى الله وجلب الرزق، وسنستعرضها فيما يلي:
1- وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ(97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ(98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ(99).
وهذه الآيات من سورة الأعراف وهي من ايات الرزق، فهي تستخدم لجلب الرزق، حيث يقول تعالى أنه لو آمن أهل القرى واتقوا الله سبحانه وتعالى لرزقهم وفتح عليهم ببركات السماء ورزقهم المطر الذي يدل على وجود الخير وبركات الأرض وهي الزرع الذي يعتبر رزق الداعون والمتضرعون إلى الله، ولكن قام الله عز وجل بتعذيبهم لأنهم كذبوا بآياته، ويذكر الله تعالى قوله أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ليدل على قوته، حيث أنه يقول للخاسرين لن تنفعكم قوتكم إذا جاء بأس الله عز وجل، وفي الآية التالية خوف من الله عز وجل حيث أنه في هذه الآيات تم الجمع بين الخوف والرجاء للتضرع إلى الله بطلب الرزق، فمن ترك جانب الخوف من الله كان من الخاسرين. وهذه الآيات من ايات الرزق الرائعة التي يجب على كل مسلم أن يقرأها باستمرار طمعًا في رضا الله عز وجل وكرمه.
2- وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ.
من ثاني ايات الرزق التي يجب علينا أن نقرأها لجلب الرزق، وفيها قول الله عز وجل استغفروا ربكم أي نستغفر الله ونتوسل إليه ونتقرب منه ونتوب عمَّا فعلنا من ذنوب. لماذا؟؟؟ حتى يرضى الله عنا ويرزقنا بالمطر الذي يسقط على الأراضي الجدباء القاحلة، فيجعلها تنمو وتزهر بسبب ما سقط من مطر، وبسبب اطاعتكم لله واستغفاركم يزيدكم قوة وشدة، ولا تنفروا من دعوتي إليكم لتصبحوا من المجرمين الظالمين.
3- قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ(37).
وهي من ايات الرزق التي فيها يبين الله أنه يعطي الرزق لمن يشاء ويضيق على من يشاء، فذلك محنة وابتلاء من الله سبحانه وتعالى حتى يتقرب العبد من ربه، وكثرة المال والأولاد لا تعني أن العبد صالح وقريب من ربه، ولكن قد يكون كافر ويمتلك الولد والمال، والقريب من الله هو الذي يعمل صالحًا، وهم من سيفوزون بسبب أعمالهم الصالحة في الدنيا، وسينالون أضعاف الحسنة، وسينالون الجنة آمنون من عذاب الله. وهذه الآيات من آيات الرزق التي تحث المسلمين على الصبر في المحن والشدائد لعله ابتلاء من الله لتقريب العبد منه.
4- فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا(11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا(12).
من ايات الرزق التي يجب علينا العمل بها، حيث يجب علينا أن نستغفر الله عز وجل، لأنه هو الغفار، فيرسل لنا المطر الغزير بسبب استغفارنا وتضرعنا إليه، ويرزقنا المال الكثير ويرزقنا البنين، ففي هذه الآيات استغفار ورجاء لله سبحانه وتعالى أن يرزقنا المطر الغزير، والمال الوفير، وكذلك البنين، وبسبب كثرة الاستغفار يرزقنا الله عز وجل جنات نعيم ويجعل لنا فيها أنهارًا، ولذا يجب علينا جميعا بهذه الآيات.
وكل هذه الآيات السابقة تستخدم لجلب الرزق، ولكن الشرط الذي وضعه الله ليمن علينا بالرزق هو الخوف والرجاء، ويجب علينا التضرع إلى الله والتوسل إليه بقراءة ايات الرزق، متوسلين إليه راغبين رحمته أن يرزقنا ما نتمنى، وقد تعلمنا في هذه الآيات أن كثرة الاستغفار تجلب الرزق، فيجب علينا الاستغفار باستمرار حتى ننال رضا الله سبحانه وتعالى.