صادفت يوم امس السابع والعشرين من شهر ايلول، الذكرى التاسعة عشرة لاحداث انتفاضة الروحة، والتي اندلعت عام 1998، في منطقة وادي عارة، اثر عزم السلطات الإسرائيلية مصادرة اراضي الروحة والإستيلاء عليها، مما فجر هبة شعبية ومواجهات في المنطقة هناك، بين سكان منطقة وادي عارة وافراد الجيش والشرطة.
ففي تاريخ 27 أيلول من عام 1998 شهدت منطقة وادي عارة هجوما من قبل عناصر الشرطة والوحدات الخاصة عندما حاول أهالي مدينة ام الفحم وسائر بلدات وادي عارة الاحتجاج على الامر العسكري القاضي بإغلاق أراضي منطقة الروحة أمام أصحابها الشرعيين.
وتعود بداية الاحداث الى تاريخ 18 أيارمن عام 1998 حين ابلغت الشرطة الشيخ رائد صلاح رئيس بلدية ام الفحم في حينه بأن هناك أمرا عسكريا موقعا باسم امنون ليبكن شاحك رئيس الأركان في ذلك الوقت يقضي باغلاق مناطق 105، 107، 109من اراضي الروحة أمام الفلاحين وأصحاب الأراضي ورعاة الماشية بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة، هذا القرار فجر الوضع ففي 24.5.1998 عقد اجتماع حاشد في قسم الهندسة التابع لبلدية ام الفحم لتدارس الوضع ،حيث تقرر فيه تنظيم تظاهرات على مفترقات شارع رقم 65 المار في وادي عارة احتجاجا على الامر العسكري الجائر، كذلك اصدار بيانات باللغات الثلاث (العبرية، العربية والانجليزية) وتوزيعها لشرح ابعاد هذا المخطط.
انطلقت مسيرة سيارات من ام الفحم للتظاهر امام الكنيست ومبنى وزارة "الامن" ورفع صوتنا، ولتصعيد المعركة الاحتجاجية والشعبية قرر اقامة خيمة اعتصام على أرض الروحة ، وكان هذا القرار صعبا وتحديا للسلطة وبتاريخ 4 ايلول من عام 1998 أقيمت الخيمة على أرض في منطقة "الشحبرة" وأقيمت عليها شعائر صلاة الجمعة، وما أن بدأت وفود التضامن من كافة الوسط العربي ومن اليهود التقدميين تتوافد حتى تحولت الخيمة الى ملتقى زاخر بالمحاضرات السياسية والوطنية والندوات الشعرية.
نصب الخيمة وتنظيم الفعاليات بها أقلق السلطة فأخذت الشرطة والاجهزة الامنية تراقب الخيمة عن بعد وتجمع المعلومات عن الفعاليات التي تجري بها، بعدها جاء أحد رجال الأمن وأبلغ من كان في الخيمة بأنهم يخالفون القانون لدخولهم ارض عسكرية بدون تصريح، كما ان الخيمة التي اقيمت هي غير قانونية لذلك يتوجب هدمها خلال يومين وإخلاء المنطقة، ولكن أصحاب الاراضي ومن كان في الخيمة رفضوا هذه التهديدات مؤكدين على حقهم لدخول اراضي الروحة والسكن فيها مهما كلفهم من ثمن.
استمرت نشاطات وفعاليات الخيمة ليلا ونهارا، وفي ليلة 27ايلول 1998 كانت محاولة اعتداء على الخيمة لهدمها، وحضرت حشود كبيرة من عناصر الشرطة والوحدات الخاصة وحرس الحدود منتشرين في مداخل مدينة ام الفحم وحي عين ابراهيم وعلى جانبي شارع 65، ونصب حاجز كبير من قوات الشرطة وحرس الحدود ومنع الناس من الوصول الى الخيمة، وفي هذا الموقع بدأت وفود الاهالي تتجمع وتحتشد وابلغ الجميع بأن الخيمة قد هدمت ضمن حملة "القماش المهتريء" التي قامت بها الشرطة والوحدات الخاصة، دار نقاش وجدال مع افراد الشرطة، وبهدف تفريق الناس جرى الاعتداء عليهم بالهراوات والرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع وسقط عدد من الجرحى نقلوا الى العيادات القريبة.
وعلى خلفية منع نقل عدد من الجرحى جرت مواجهات اسفرت عن اصابات واعتقالات، ولم تكتف الشرطة والوحدات الخاصة بذلك بل اقتحمت حرم المدرسة الثانوية الشاملة في مدخل أم الفحم بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع وسقط المئات من الجرحى والذين اصيبوا بحالات اختناق من جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، وعندما انتشر خبر الاعتداء على طلاب المدرسة الثانوية الشاملة هرع اهالي الطلاب لإنقاذ فلذات أكبادهم والدفاع عنهم حيث جرى اغلاق الشارع رقم 65 من قبل الجماهير الغاضبة، هذا ويقدر عدد مصابي انتفاضة الروحة ب670 شخصا من بينهم شخصان فقد الواحد منهما إحدى عينيه ".
نتيجة الإعتداء على المدرسة الثانوية الشاملة تدخل رئيس الدولة في حينه، وتم الاتفاق على انسحاب الشرطة والوحدات الخاصة وحرس الحدود من مواقعها في ام الفحم ومنطقة وادي عارة، والعمل على معالجة جميع الجرحى الذين رفضت صناديق المرضى معالجتهم بحجة إثارة الشغب! واطلاق سراح المعتقلين والغاء المحاكمات واقامة لجنة خاصة في عضويتها ممثلون من الحكومة واللجنة الشعبية للوصول الى اتفاق والذي سمي بـ"إتفاق الروحة" والذي مازالت الحكومة تماطل في تنفيذ بنود كثيرة منه.
وفي هذ السياق تحدثت الشمس مع المهندس سليمان فحماوي عضو اللجنة الشعبية في ام الفحم.