تحدثت اذاعة الشمس مع د.جوني منصور، الذي سرد تاريخ قرية عتليت المهجرة.
وبحيب مصادر عدة فإن قرية عتليت تنتصب على تل من الحجر الرملي يشرف على البحر الأبيض المتوسط, وتحيط بها من جهة الشرق أراض زراعية ساحلية, ومن جهة الجنوب الغربي أحواض كبيرة أراض زراعية ساحلية, ومن جهة الجنوب الغربي أحواض كبيرة للتبخر (تستخدم لا استخراج الملح من مياه البحر). وفي أثناء تنقيبات أثرية أجريت خلال الثلاثينات من هذا القرن في وادي المغارة, الواقع على بعد ثلاثة كيلومترات الى الجنوب الشرقي من القرية, عثر على دلائل تشير إلى أن الإنسان القديم استوطن مغاور الواد والطابون والسخول.
على بعد نحو ثلاثة كيلومترات الى الشمال الشرقي, عند مدخل وادي الفلاح, اكتشفت دلائل على وجود الإنسان في العصر الحجري الحديث من خلال التنقيب في احد الكهوف. أما التنقيبات القريبة التي جرت الى الشرق من القرية, فقد كشفت موقعا كان آهلا منذ الألف الثاني قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي. وقد ورد في مصدر هلنستي أن اسم الموقع هو أدارس (Adarus), وأنه من مستعمرات صيدا.
أشار الجغرافي العربي ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) الى القرية في كتابه (معجم البلدان), ووصفها بأنها حصن اسمه الأحمر. وفي سنة 1218, بنى الصليبيون بلدة وحصنا كبيرا في موقع أدارس, وسموا الحصن كاستِلم بِرِيغرِينورم, أي حصن الحّجاج. وبقيت عتليت في يد الصليبيين حتى سنة 1291, حين هجرها المدافعون عنها عقب الانسحاب العام للصليبيين من المنطقة الساحلية في فلسطين.
في سنة 1296, استوطن أناس من نسل قبيلة عويرات (التترية) عتليت وجوارها. وفي سنة 1596, كان في عتليت مزرعة تدفع الضرائب للدولة العثمانية. وفي أوائل القرن التاسع عشر, شاهد الرحالة البريطاني بكنغهام بقايا القرية عن بعد. وفي وقت لاحق من ذلك القرن. قال رحالة آخر, هو طومسن, إن قرية عتليت مبنية داخل خرائب القرية الصليبية. وتحدث مؤلفو كتاب (مسح فلسطين الغربية) عن عتليت فقالوا إنها مزرعة مبنية بالطوب، وإن سكانها - وعددهم 200 نسمة تقريبا - يفلحون عشرين فدانا.
في سنة 1903 أقام الصهيونيين مستعمرة قرب عتليت, وأطلقوا عليها الاسم ذاته. وخلال الحرب العالمية الأولى, أصبحت هذه المستعمرة اليهودية مركزا لحركة "نيلي" (نتساح يسرائيل لو يشكير), "أي قوة إسرائيل لن تخبو", وهي منظمة صهيونية استطلاعية تساند البريطانيين. وفي العشرينات كانت قرية عتليت الفلسطينية عضوا في هيئة تعاونية إقليمية تسعى لتحسن أوضاع الفلاحين وتضم نحو 25 قرية في قضاء حيفا, ومع حلول سنة 1938 كان عدد سكان قرية عتليت وسكان مستعمرة عتليت معا قد بلغ 732 نسمة, منهم 508 عرب و224 يهوديا. غير أن عدد السكان العرب انخفض, مع حلول 1944\1945 الى 150 نسمة: 90 مسلما و 60 مسيحيا.
أما الأرض فلم يبق منها في يد العرب سوى 15 دونما, كانت 3 دونمات منها مزروعة حبوبا و 11 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين.
وكان في القرية محطة لقطار سكة الحديد. في الثلاثينيات, قام سي. أن. جونز بالتنقيب في المدينة الصليبية وفي الحصن, بتكليف من دائرة الآثار في فلسطين. وقد أظهرت التنقيبات الحديثة أن المرفأ الشمالي للمدينة ربما يكون هلنستياً في الأصل. وثمة مقبرة إسلامية الى الشرق من الحصن الصليبي فيها نقش يعود تاريخه الى سنة 1800.
إحتلالها وتهجير سكانها
يشير "تاريخ الهاغاناه" الى أن عتليت كانت مركزا لنشاط الهاغاناه ومصدرا لتجنيد المجندين من سكان المستعمرة اليهودية هناك. وثمة مصدر إسرائيلي آخر (المؤرخ بني موريس) لا يذكر عتليت بين القرى التي تم اجتياحها وتهجير سكانها في سنة 1948. ولم نتبين زمن سقوط عتليت في يد الصهيونيين, ولا الطريقة التي تم فيها ذلك.
المستعمرات الإسرائيلية على أراضي القرية
أقام الصهيونيين مستعمرة عتليت في سنة 1903, ومستعمرة نفي يام في سنة 1939. وكلا المستعمرتين قائمة الآن على أراضي القرية.
لم يبق أي أثر للمنازل العربية. وهناك محطة لقطار سكة الحديد كانت توفر الخدمات للقرية في الماضي, وما زالت الآن في قيد الاستعمال. وثمة سجن في الجوار استخدمته إسرائيل في سنة 1989 فسجنت فيه المعتقلين من لبنانيين وفلسطينيين.
---------------------------
المصدر: وليد الخالدي، كي لا ننسى (1997). مؤسسة الدراسات الفلسطينية